#مقالات رأي
د. نرمين نحمدالله 2 مارس 2025
لم تقل لي: «أحبك».. لكنك عندما عرفت أنني لا أحب ارتداء الأحذية المفتوحة؛ إذ إن إصبع قدمي الثانية أطول من البقية؛ ما يُشعرني ببعض الحرج.. اشتريت لي واحداً مفتوحاً، ومعه طلاء أظافر!.. وعندما التقطنا صورة لقدمَيْنا متجاورتين؛ قلت لي: «محظوظ من ترافقه تلك القدم بقية طريقه»!
لم تقل لي: «أفتقدك».. لكننا عندما التقينا - بعد فراق طويل - وجدتك تغمض عينَيْك؛ لتأخذ نفساً طويلاً، حبسته داخلك لبضع ثوانٍ.. ثم فتحتهما، وأنت تحرره من قلبك إلى قلبي، قائلاً: «الآن.. أشعر أنني أتنفس».
لم تقل لي: «أحتاجك».. لكنك عندما طرق اليأس بابك؛ وجدْتُك تهرع إليَّ.. وخِنْصَرُك عانقتْ خنصري، قبل أن يستقر رأسك المثقل على كتفي؛ لتهمس عيناك دون حروف: «ما يضيرني لو يقسو العالم.. ويحنو قلبك»؟!
لم تقل لي: «سنبقى العمر معاً».. لكنك عندما عصبتَ عينيَّ، وسألتني عما أرى؛ فضحكتُ ساعتها، قائلة: «الظلام!».. عصبتَ عينيك بعدي، ولما سألتك: ماذا ترى؟.. قلتَ: «عجوزان يسيران متجاورين.. الرجل يشبهني، والمرأة حتماً تشبهك».
لم تقل لي: «أنا معك.. دوماً معك».. لكنني في كل مرة كنت أترنح.. يدور العالم بي؛ حتى تطيش خطواتي.. كنتَ تهديني أرضاً ثابتة أقف عليها.. وذراعين تضيقان حولي؛ فيتسع الكون كله!
لم تقل لي: «لن أخون».. لكن أنفك الحساس، دوماً، يلتقط رائحة غيرتي.. وبعينيك تلك النظرة التي تجيد إطفاء حرائقي.. ولكفك تلك اللمسة التي تمنحني «صك ملكية لقلبك»، فلن تشاركني فيه سواي.
هكذا كنا دوماً.. لم يكن حبنا مجرد كلمات تقليدية تكتبها أحبار جافة.. أو تركض بها أصابع عشوائية على شاشة باردة.. بل كنا في العشق كجوادين حرّين، تطأ أقدامهما أرضاً بكراً في كل مرة، فينبت مكانهما عشب، وتشرق لأجلهما شمس، ويتفجر جوارهما نهر، وتولد لأجلهما حياة..!
شكراً لأنك كنت في ظلمة كهوفي مِشْعلي.. ووسط العاصفة بيتي.. وعندما كنتُ أعيد ترتيب ضلوعي؛ كي أداري - بِخِزْي - أثر تجويف فارغ تركه قلبي.. مددت إليَّ كفيك، قائلاً: «هاكِ قلبي، خبئيه عندكِ حيث شئتِ»!