#منوعات
ياسمين العطار 31 مارس 2025
في عالم يتسم بالتطور المتسارع، والتغير المستمر.. تبرز سارا الخيال فنانةً تشكيليةً ومصممة غرافيك، تمتلك رؤية فريدة؛ وتستلهم من التراث الإماراتي، فتعيد تقديمه بأسلوب حديث، يعكس هوية الدولة، وروحها المتجددة. وتسعى سارا، من خلال أعمالها الفنية، إلى توثيق الثقافة الإماراتية، مازجةً الجماليات التقليدية باللغة البصرية المعاصرة؛ لتروي كل قطعة فنية لديها حكاية متجذرة في الإرث الثقافي.. في هذا الحوار، نغوص في تفاصيل مسيرتها الفنية، والرؤى التي تشكل إبداعها، والتحديات التي واجهتها، وأحلامها المستقبلية التي تسعى إلى تحقيقها:
كيف بدأت رحلتك في عالم التصميم والفنون؟
منذ طفولتي، كنت مولعة بالفنون، وأبحث دائماً عن وسائل للتعبير عن ذاتي، سواء عبر الأعمال الحرفية البسيطة، أو تجميع عناصر بصرية بطرق إبداعية. هذا الشغف قادني إلى دراسة الفنون بشكل أكاديمي؛ فالتحقت بجامعة زايد، وحصلت على بكالوريوس الفنون الجميلة، تخصص تصميم الغرافيك عام 2022. منذ ذلك الحين، وأنا أكرس جهودي؛ لاكتشاف العلاقة بين الفنون والتراث، وكيف يمكن إعادة تقديم الماضي بأسلوب يتماشى مع العصر.
-
سارا الخيال: أعمالي انعكاس للموروث الإماراتي
لغة عالمية
ما الذي دفعكِ إلى اختيار تصميم الغرافيك مجالاً مهنياً؟
تجذبني إلى تصميم الغرافيك قدرته على مزج الإبداع بالبحث، فهو ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل لغة بصرية عالمية، قادرة على إيصال أفكار ورسائل ذات بُعْد ثقافي وإنساني. ويتيح لي هذا المجال التعمق في الموضوعات التي تهمني، وتحويلها إلى أعمال تحمل بُعداً جمالياً، ورسائل توثيقية.
كيف تصفين أسلوبك الفني، وما الذي يميز أعمالك؟
أسلوبي الفني تأملي وعميق، فهو يعكس طريقة حياتي وتفاعلاتي مع العالم من حولي. فإذا كان الموضوع الذي أعمل عليه متاحاً للبحث، فإنني أغمر نفسي بالقراءة، ومشاهدة الوثائقيات، والاستماع إلى الخبراء. أما إذا لم تكن هناك معلومات كافية، فإنني أبحث عن طرق بديلة؛ لاستكشاف الموضوع، مع تدوين أفكاري، واحتياجاتي. هذا الأسلوب يجعل أعمالي فريدة، حيث أستمد الإلهام من تجاربي الشخصية، ورحلات البحث.
قدمتِ عملاً فنياً مميزاً بالتعاون مع «بولغري»، فما الفكرة التي بنيتِ عليها هذا العمل؟
كان لي شرف التعاون مع «بولغري» (Bvlgari)، الدار الإيطالية العريقة، ضمن حملتها الخاصة بشهر رمضان، حيث قدمت مجسماً بعنوان «انعكاس النمو»، وهو تركيب فني يجسد «رمزية شجرة النخيل» في الثقافة الإماراتية. فهذه الشجرة المباركة ليست مجرد عنصر طبيعي، بل هي رمز للعطاء والاستدامة، والتواصل مع الأرض، وقد استلهمت عملي من حرفة الخوص، وهي أحد الفنون الإماراتية التقليدية، ودمجتها بأسلوب معاصر يجسد التناغم بين الأصالة والتطور. أردت أن يختبر الزوار في هذا التركيب اتصالاً ملموساً بهذه الشجرة، التي تعد مورداً متجدداً، تجب الاستفادة من إمكاناته، وتقديمها بصورة مبتكرة تعكس مدى التطور، الذي تعيشه دولة الإمارات على الصعد كافة.
كيف كانت ردود الأفعال على هذا العمل؟
سعدت كثيراً بالإشادة التي تلقيتها من الزوار، الذين عبروا عن إعجابهم بطريقة إعادة إحياء الحرف اليدوية التقليدية برؤية جديدة. لقد كان من المفرح، حقاً، أن يرى الجمهور كيف يمكن للفنان الإماراتي الشاب أن يسهم في الحفاظ على هذه الفنون، وإعادة تقديمها بأسلوب معاصر يجذب الأجيال الجديدة. كنت سعيدة بالكلمات التشجيعية التي سمعتها، وأرى أن هذا الاتصال الملموس يمنح الزوار تجارب غامرة، تعزز تقديرهم للفنون والحرف اليدوية، التي تعكس هويتنا الثقافية.
-
سارا الخيال: أعمالي انعكاس للموروث الإماراتي
ما أبرز المشاريع التي عملتِ عليها حتى الآن، وهل هناك مشروع تعتزين به، بشكل خاص؟
كل عمل فني أقدمه يحمل جزءاً مني. لكن، هناك مشاريع أعتز بها بشكل خاص، مثل معرض «حياكة سارا.. حكاية سدو»، الذي تعاونت فيه مع الفنانة فاطمة المحمود؛ فقدمنا أعمالاً مستوحاة من حرفة السدو الإماراتية بأسلوب معاصر. كما أفتخر بمشاركتي في عرض أزياء احتفال عيد الاتحاد الـ52، حيث كنت جزءاً من فريق العمل، الذي نظم هذا الحدث الوطني.
كيف تساهمين في توثيق الثقافة الإماراتية من خلال تصاميمك؟
أبدأ أيَّ مشروع بمرحلة بحث عميقة، فأقرأ الكتب، وأزور المتاحف، وأجري مقابلات مع خبراء بالتراث؛ لأنني أحرص على أن تكون أعمالي انعكاساً دقيقاً للموروث الإماراتي، ليس فقط بصرياً، بل أيضاً على مستوى الفكرة والمحتوى؛ فالتصميم أداة قوية لسرد القصص، وأعتبر التحديات التي أواجهها - خلال مرحلة البحث - فرصاً لتوسيع آفاقي، واكتشاف طرق جديدة؛ للحصول على المعلومات، التي أحتاج إليها. وأسعى، دائماً، إلى إبراز الجوانب الخفية في ثقافتنا، عبر أعمال تحمل قيمة معرفية وفنية في آنٍ.
ما الأهداف، التي تطمحين إلى تحقيقها، مستقبلاً؟
أطمح إلى تقديم أعمال تعكس إبداع الجيل الجديد من الفنانين الإماراتيين، وأن أقدم هوية دولتنا إلى العالم بطريقة مبتكرة ومؤثرة. كما أريد أن أساهم في تعزيز الفنون وسيلةً للتواصل الثقافي، داخل الإمارات وخارجها.
هوية ثقافية
هل هناك مشاريع أو أفكار جديدة، تعملين عليها حالياً؟
حالياً، أعمل على تطوير تقنية صبغ طبيعية باستخدام المواد المحلية. وأهدف إلى إنشاء عمل فني، يجسد جمال هذه المواد، ويُبرز هويتنا الثقافية؛ لأنني أرى أن هذا المشروع فرصة؛ للتعبير عن جمال الطبيعة الإماراتية، وقدرتها على إلهام الفنانين.
-
سارا الخيال: أعمالي انعكاس للموروث الإماراتي
كيف يمكن للفن أن يكون جسراً بين الأجيال المختلفة؟
الفن لديه القدرة على تخطي الحدود الزمنية. ومن خلال الأعمال الفنية، يمكننا نقل الحكايات والتقاليد والقيم الثقافية، بطريقة تجذب انتباه الشباب، وتثير فضولهم. فعندما يشاهد الأفراد الأعمال الفنية، التي تعكس تراثهم، سيشعرون بالارتباط بماضيهم؛ ما يعزز هويتهم، ويشجعهم على استكشاف جذورهم. أيضًا، يمكن للفن أن يتبنى أساليب جديدة، تعكس تغيرات المجتمع؛ ما يجعل الأجيال الجديدة أكثر قابلية للتفاعل مع التراث. وعبر دمج العناصر التقليدية مع التقنيات الحديثة، يمكننا إنشاء حوار مستمر بين الماضي والحاضر؛ ما يمنح الأجيال الحالية والمستقبلية فرصة فهم واكتشاف ثراء ثقافتهم، بطرق جديدة ومبتكرة.
ما نصيحتك للفنانين والمصممين الناشئين في الإمارات؟
أنصح الفنانين الناشئين بعدم التوقف عن البحث والاستكشاف؛ فالفن رحلة مستمرة، وكل تجربة تضيف إلى رصيدهم الإبداعي. والأهم هو أن يجد الفنان صوته الخاص، وأن يقدم رؤيته بأسلوب يعبر عن ذاته، وهويته الثقافية. كما أن التواصل مع مجتمع الفن المحلي، والتفاعل مع الفنانين الآخرين، يمكن أن يكونا مصدر إلهام، ودافعاً للاستمرار في تقديم أعمال ذات تأثير حقيقي.