#تنمية ذاتية
سارة سمير 22 سبتمبر 2024
في مجتمع أصبح شديد الاتصال، ومشبعاً بالصور ومقاطع الفيديو تحيط به من جميع الجهات، تصاعد الضغط على الفتيات المراهقات؛ للامتثال لمعايير الجمال غير الواقعية، التي عادة يتم التلاعب بها رقمياً إلى مستويات غير مسبوقة.
لقد أدى التأثير الشامل لوسائل التواصل الاجتماعي، وثقافة المشاهير والإعلانات المستهدفة، إلى بيئة تتعرض بها الشابات باستمرار لقصف رسائل حول كيف يجب أن يظهرن ويلبسن ويقدمن أنفسهن، حتى وصل هاشتاج #teenageskincare إلى أكثر من 26.4 مليون مشاهدة على تطبيق «تيك توك»، المدعوم بالكثير من مقاطع فيديو مؤثرات التجميل المراهقات، ومن بينهن المعروفات باسم «فتيات سيفورا»، اللواتي أحدثن ضجة واسعة، خلال الفترة الأخيرة، بعد اتباع نظام عناية بالبشرة مكون من 12 خطوة.
هوس الجمال يلحق بهن الكثير من الأضرار:
السعي الدؤوب لتحقيق معيار مثالية للجمال، مليء بالعواقب الوخيمة، وبعيدة المدى على الصحة البدنية والعقلية للفتيات المراهقات، مثلما أكد دكتور الأمراض الجلدية، هارولد لانسر، لصحيفة «The Post»، أن الجلد كأكبر عضو في جسم الإنسان يتأثر، بشكل كبير، باستخدام المنتجات الخاطئة، وحتى استخدام منتجات صحية لكن قبل أوانها، ما ينهي الأمر بمشاكل معقدة لم تكن موجودة في الأصل.
وكشف الطبيب الشهير أن الاعتماد على روتين متعدد الخطوات للمراهقات في سن صغيرة، ومن دون استشارة الخبراء والمتخصصين، قد يعطل العملية الطبيعية للجلد، ويسبب المزيد من العواقب والأضرار قبل أوانها.
ويتجلى تأثير مخاطر هوس الجمال عند المراهقات في ما يلي:
انخفاض الثقة بالنفس:
يؤدي القصف المستمر للصور المثالية على ما يبدو، والمقارنة اللاحقة بمعايير الجمال غير الواقعية هذه، إلى شعور عميق بعدم الكفاءة، وانخفاض الثقة بالنفس. وقد يتخلل هذا التآكل في الثقة جميع جوانب حياة المراهق، ما يؤثر في الأداء الأكاديمي، والعلاقات الاجتماعية، والرضا العام عن الحياة.
تشوه صورة الجسم:
التركيز المفرط والهوسي على العيوب الجسدية المتصورة، يؤدي إلى صورة جسدية مشوهة بشدة، بالإضافة إلى الشعور المستمر بالقلق، والضيق حيال المظهر العام، ما يؤثر بشكل كبير في الأداء اليومي، ونوعية الحياة.
اضطرابات الأكل:
واحدة من المشكلات، التي تواجهها الفتيات في سن صغيرة، هي اضطرابات الطعام بسبب السعي المتواصل للحصول على الجسم المثالي من وجهة نظرهن، ما يؤدي إلى اضطرابات، مثل: فقدان الشهية العصبي، والشره العصبي، ولا تشكل هذه الحالات مخاطر صحية خطيرة فحسب، بل لها عواقب نفسية واجتماعية طويلة الأمد.
الاكتئاب والقلق:
يساهم الضغط المستمر لتلبية معايير الجمال المرتفعة بشكل مستحيل، إلى جانب الشعور بعدم الكفاءة، والتصور السلبي للذات، بشكل كبير، في تطور أو تفاقم مشاكل الصحة العقلية، مثل: اضطرابات الاكتئاب، والقلق.
السلوكيات المحفوفة بالمخاطر:
وفي سعيهن لتغيير مظهرهن، وتحقيق المثل العليا للجمال، قد تلجأ بعض المراهقات إلى ممارسات، أو إجراءات غير آمنة، وقد تراوح هذه الممارسات بين اتباع نظام غذائي شديد، وممارسة الرياضة المفرطة، وتدخلات أكثر خطورة، مثل: الإجراءات التجميلية غير المنظمة، أو استخدام المكملات الغذائية، أو الأدوية الضارة المحتملة.
أرقام مُفزعة في استخدام المراهقات للمكياج:
في مسح لـ«Taking Stock With Teens»، نصف السنوي لعام 2023، لشركة «Piper Sandler»، المتخصصة في الأبحاث المالية، تم الكشف عن أن المراهقات أنفقن حوالي 123 دولاراً سنوياً على مستحضرات التجميل، في مقابل 119 دولاراً على منتجات العناية بالبشرة. وفي مقابل ذلك، أنفقت المراهقات عام 2022 حوالي 107 دولارات على المكياج، و93 دولاراً على العناية بالبشرة.
وأوضح المسح أن الفتيات المراهقات، اللواتي اتجهن إلى استخدام المكياج ازددن بنسبة 45% في عام 2023، بينما سجل عام 2022 نسبة 37%، فيما بلغت النسبة، عام 2021، 20% فقط، ما يدق ناقوس الخطر.
استراتيجيات للحد من تأثير هوس الجمال:
لتخفيف الآثار السلبية لهوس الجمال على الفتيات المراهقات بشكل فعال، ومن الضروري اتباع نهج متعدد الأوجه، يشمل: الآباء والمعلمين والمختصين والمجتمع، وضعي في اعتباركِ الاستراتيجيات الشاملة التالية:
1- تعزيز معرفة وسائل الإعلام:
تزويد الفتيات بمهارات التفكير النقدي اللازمة لتحليل وتفكيك التمثيلات الإعلامية للجمال، ويتضمن هذا تعليمهن التعرف على التلاعب الرقمي في الصور، وفهم الدوافع التجارية وراء إعلانات الجمال، وتقييم الرسائل التي يتلقينها حول صورة الجسم والقيمة الذاتية بشكل نقدي، وشجعهن على التشكيك في المعايير غير الواقعية، والسعي إلى تمثيلات أكثر تنوعًا وأصالة للجمال.
2- تشجيع نماذج الأدوار المتنوعة:
عرض المراهقات بنشاط لمجموعة واسعة ومتنوعة من النساء الناجحات، اللاتي يمثلن أنواعاً مختلفة من الجسم والأعراق والقدرات والمظهر، ويشمل هذا تسليط الضوء على الأفراد المتميزين في مجالات، مثل: العلوم والتكنولوجيا والفنون والرياضة والأعمال، الذين حققوا النجاح بغض النظر عن التزامهم بمعايير الجمال التقليدية، مع التشديد على أهمية الشخصية والمهارات، والإنجازات على المظهر الجسدي.
3- تعزيز تقبل الذات وإيجابية الجسد:
تجب مساعدة الفتيات على تطوير علاقة إيجابية ومتقبلة لأجسادهن، من خلال التركيز على صفاتهن الفريدة ومواهبهن وإنجازاتهن، بدلاً من التركيز على المظهر، وتشجيعِ الممارسات التي تعزز تقدير الجسد، مثل: تمارين الامتنان التي تركز على وظائف الجسم، وتقنيات اليقظة، والحديث الذاتي الإيجابي، كما يجب توفير فرص للفتيات لاستكشاف والاحتفال بفرديتهن، بما يتجاوز السمات الجسدية.
4- الحد من التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي وإدارته:
في حين أن تجنب وسائل التواصل الاجتماعي تماماً قد يكون غير واقعي، إلا أنه يجب تشجيع عادات الاستخدام الواعية والمتوازنة، فتعلم استراتيجيات لتنظيم موجز وسائل التواصل الاجتماعي الإيجابي، مثل: متابعة الحسابات التي تعزز إيجابية الجسد، وإلغاء متابعة تلك التي تثير مقارنات ذاتية سلبية، بالإضافة إلى التشجيع على إزالة السموم الرقمية المنتظمة، وتعلّم التقييم النقدي للمحتوى عبر الإنترنت.
5- تعزيز الصحة الشاملة على المظهر:
تحويل التركيز من المظهر الخارجي إلى الصحة العامة والرفاهية، وتشجيع التغذية المتوازنة والنشاط البدني المنتظم، والنوم الكافي كوسيلة لرعاية الجسم والعقل، وليس كأدوات لتحقيق مظهر معين، والتأكيد على أهمية الصحة العقلية والعاطفية إلى جانب الصحة البدنية، وتعزيز الأنشطة التي تعزز احترام الذات، وتقلل التوتر.