#ديكور
غانيا عزام 9 يونيو 2024
تتبع المهندسة المعمارية، روزان قبطي، أسلوب البساطة والعملية في تنفيذ مشاريعها؛ فشغفها الطفولي بالفن والإبداع والتصميم، مع تأثيرٍ كبير لعائلتها التي تدمج بين الفن والهندسة، أثارا اهتمامها بالهندسة، فتعمقت في الدراسة، ونالت شهادات وجوائز.. في هذا الحوار، نعرف أكثر عن قصة نجاح روزان قبطي لحام:
شغف منذ الصغر
أخبرينا عن رحلتك؛ لتصبحي مهندسة معمارية، وسبب اهتمامك بالهندسة!
لطالما رافقني الفن والإبداع والتصميم منذ الطفولة، فقد كان لديَّ شغف تجاه الفن بشكل عام. للعائلة ولأبي تأثير كبير فينا، أنا وأخي المهندس المعماري رامي قبطي، فأبي مهندس مدني مارس مهنته بحذافيرها، وكان معلمنا الأول، الذي كشف لنا عالم الهندسة المعمارية، ولأمي الفضل في وضع بصمة الفنون والتصميم بشكل عام؛ لذلك لم أتردد أبداً في اختيار تخصصي الدراسي؛ لأنني نشأت في بيت يجمع بين الفن والهندسة. وقع اختياري على تخصص الهندسة المعمارية أولاً؛ لكونه يشمل ويدمج الفن بمعايير عدة. ومنذ بداية مسيرتي المعمارية، اخترت ودمجت الأزياء بالعمارة، فأول مشروع في سنتي الأولى كان دمج العمارة القديمة مع الأزياء الحديثة؛ الذي حظي لاحقاً بالجائزة الأولى في مسابقة سنوية. كما تعمقت ودرست موضوع الأزياء «commercial design»، وتأثيره وتغيراته عبر السنين، وقدمت قاموساً للمصمم الصاعد، فيه توجيهات للتعامل مع التصميم الداخلي للمحال والمتاجر مستقبلاً.
هل هناك مهندسون معماريون، أو حركات معمارية معينة، أثروا في عملك، وفلسفتك التصميمية؟
طبعاً، هناك تأثيرات عدة، تركت بصماتها فيَّ، وفي فلسفتي التصميمية من كلا العالمين: الأزياء، والعمارة؛ فأنا أصنف نفسي وعملي كمنهاج بسيط ومهيب (minimalist)، وأومن بأن لكل شكل وظيفة «form follows function»، وأن لكل خارطة وتقسيم بيت التخطيط الأنسب، بحسب عوامل بيئته الخاصة الأنسب إليه، فعلينا دراسة بيئة المستهلك؛ للوصول إلى أنسب تقسيم ومنظر. يؤكد أسلوبي في التصميم الداخلي البساطة والعملية، مع التركيز على الخطوط الواضحة والألوان المحايدة. وتتميز المساحات البسيطة (minimalist)، عادةً، بلوحة ألوان محدودة، حيث تكون ألوان: الأرض والأسود والأبيض والرمادي، هي الشائعة.
ما العوامل، التي تجب مراعاتها عند إنشاء تصميم ممتع من الناحيتين: الجمالية، والوظيفية؟
بالإضافة إلى ما ذكرته سابقاً، نعتبر العميل من أهم الأولويات؛ فلكل منا احتياجاته، وأسلوب حياته. ونحن نحاول، دائماً، الجلوس مع أصحاب المنزل؛ لفهم أسلوب حياتهم، وذوقهم، والألوان التي يميلون إليها، إلى غير ذلك. وطبعاً، لا ننسى أنفسنا، وبصمتنا كمعماريين لدينا لغتنا الخاصة، التي اختارنا العميل بسببها، فهناك، أيضاً، عوامل ثلاثة تعتبر الأهم عند بدء أي مشروع جديد، هي: العميل، والبيئة، ولغتنا الخاصة.
أسلوب التصميم
كيف تؤثر الاستدامة في تصاميمك؟
الاستدامة ليست فقط في المنتجات والاستهلاك، أعتقد أن للاستدامة فكرة أعمق، تكمن في التفكير بالاستدامة عند التخطيط وتطبيقها على أي حيز أو تخطيط معماري، كبيراً أو صغيراً. فبمجرد أن نستوعب في تصميمنا البيئة المحيطة، ونسلط الضوء عليها، ونضعها في سلم أولوياتنا كمعماريين ومصممين؛ عندها نكون قد حققنا رؤية الاستدامة في مشاريعنا، وستنتقل الفكرة والنهج من الحيز إلى المستهلك. وتعد الاستدامة من أحب المواضيع إلى قلبي، فأنا أفضل استعمال الخامات والألوان الطبيعية؛ عندما نتوجه إلى أي مشروع، ونولي البيئة المحيطة اهتماماً كبيراً، ما يجعل مشروعنا - بشكل تلقائي - مستداماً ومحباً لبيئته، يحويها وينغرس فيها بشكل طبيعي.
اليوم.. ما التحديات الشائعة، التي يواجهها المهندسون المعماريون، وكيف يتغلبون عليها؟
أعتقد أن التحدي المركزي للمصمم والمعماري، اليوم، هو وفرة الخامات؛ فهذا قد يسبب الوقوع في أخطاء شائعة جداً، ما قد يشجع المصمم على استعمال العديد منها في حيزٍ واحد، فتسبب ضوضاء بصرية إلى أبعد حدود. نحن ندرك تعددية الآراء والأذواق، لكن يجب علينا، كمصممين، أن نوجه وننتقي ونساعد العميل؛ لنقلل الأخطاء والضوضاء، وفي كل مشروع، علينا أن نحافظ على نسب معينة من الخامات، والألوان، والبيئة، وألا تطغى الموضة أو الصيحات على حيزنا بأكمله، فعلينا أن نكون أذكياء في انتقاء الألوان، والخامات، والقطع.
تقنيات ناشئة
ما الاتجاهات أو التقنيات الناشئة، التي ترين أنها تشكل مستقبل الهندسة المعمارية؟
التصميم، والفن، والإبداع، تواكب التوجهات والتغير كأي موضوع حولنا، فنجد اليوم أن الذكاء الاصطناعي يساعدنا ويدعمنا كمبدعين، ويسهل علينا الطريق. وفي السابق، كانت هناك أمور تستغرق وقتاً وتفكيراً وربما بحثاً، لكننا اليوم ننفذها بشكل أسرع وأنجح، بمساهمة التقنيات الجديدة، وهذا فعلاً أمر مذهل. بدأنا نستخدم تلك التقنيات المتاحة، ونحن على استعداد ومهتمون جداً بتطوير هذا الشق؛ لأننا نرى في هذا الأمر مستقبلاً قد يساهم في تطويرنا الذاتي أيضاً.
كيف يمكن للمهندسين المعماريين الشباب أن يوازنوا بين الإبداع، والاعتبارات العملية؟
نصيحتي للمصمم الصاعد أن يكون حقيقياً في انتقائه للخامات، وللتصاميم، وفي أي خطوة يقوم بها. وعليه أن يكون واضحاً في لغته الخاصة، وأن يجعل كل مشروع منفرداً؛ وعلينا كمعماريين ومصممين أن نقدم الأفضل لنا وللعميل، وأهم هذه الاعتبارات كذلك التخصص، أي أن على المعماري الجديد أن يكون متلهفاً جداً للجانبين العملي والإبداعي، وأن يبتكر، ويقدم نفسه وعمله، وألا يأخذ الأمور كأنها مفهومة ضمناً؛ فموضوعنا عميق؛ فهو يدمج الإنسان، والحيز، والمكان، والأمور العميقة في الوقت نفسه.