#منوعات
كارمن العسيلي اليوم
كلَّ عام، ترسّخ الإمارات نهجها في التطوير والتنمية؛ بإطلاق مبادرات وطنية، تحمل - في طياتها - رؤى استراتيجية، تعزز التلاحم المجتمعي، وتدفع عجلة التقدم. وفي هذا الإطار، جاء إعلان عام 2025 «عام المجتمع»؛ ليؤكد التزام الدولة ببناء مجتمع أكثر تكافلًا واستدامة، حيث يتمحور حول تعزيز القيم المجتمعية، وترسيخ الهوية الوطنية، وتمكين الأفراد ليكونوا جزءًا فاعلًا في مسيرة التنمية. ومن بين الفئات التي تحظى بتركيز خاص في هذه المبادرة، يبرز دور الشباب؛ باعتبارهم القوة الدافعة لمستقبل الإمارات.
وتدرك الإمارات أن الاستثمار في الشباب استثمار للمستقبل؛ لهذا أطلقت العديد من المبادرات، التي تعزز دورهم في المجتمع، من خلال التعليم، أو التمكين الاقتصادي، أو التطوير المهني؛ لضمان إعدادهم بالشكل الأمثل لمتطلبات العصر الرقمي، وسوق العمل المتغير. ومن خلال مبادرة «عام المجتمع»، تؤكد الإمارات التزامها بتعزيز رأس المال البشري؛ ليكون الشباب ركيزة أساسية في تحقيق التنمية المستدامة، والنهضة المجتمعية.
الإمارات وتمكين الشباب
حققت الإمارات مراتب متقدمة في المؤشرات الدولية، المتعلقة بحقوق الشباب، بحسب الموقع الإلكتروني للجنة الدائمة لحقوق الإنسان، ويعود هذا النجاح إلى السياسات والمبادرات المتكاملة، التي تركز على تطوير المهارات، وتمكين الشباب اقتصادياً، واجتماعياً، وإشراكهم في صنع القرار.. نستعرض، هنا، أبرز الاستراتيجيات والمبادرات، التي أطلقتها الإمارات في هذا المجال:
-
«عام المجتمع» تعزيز للتلاحم المجتمعي في الإمارات
استراتيجيات وطنية
تمثل الأجندة الوطنية للشباب 2031، وفق موقع البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات، خارطة طريق، تهدف إلى تمكين الشباب الإماراتي؛ ليكون نموذجاً عالمياً في الفكر والقيم، والمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال التركيز على خمسة محاور رئيسية، تشمل: تعزيز دور الشباب كمحرك رئيسي في التنمية الاقتصادية، وترسيخ مساهمتهم المجتمعية مع الحفاظ على الهوية الوطنية، وتمكينهم من التأثير الإيجابي عالمياً، بالإضافة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية، واكتساب مهارات المستقبل، والارتقاء بجودة حياتهم الصحية والنفسية. وتسعى الأجندة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها: تأهيل 100 شاب إماراتي؛ لتمثيل الدولة في المحافل الدولية، وإبرام شراكات عالمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وتوفير فرص عمل بنسبة 100% للشباب، إلى جانب تعزيز الهوية الوطنية، وإطلاق الميثاق الوطني للشباب، ومضاعفة مشاريع الشباب في القطاعات المستقبلية، ورفع عدد المؤهلين أكاديمياً ومهنياً، وفق احتياجات سوق العمل، فضلاً عن إطلاق «الوسام الفخري للنخبة من الشباب»، بهدف جعل الإمارات من بين أفضل 10 دول في جودة حياة الشباب.
في المقابل، تركز الاستراتيجية الوطنية للشباب على خمسة تحولات جوهرية، تمتد عبر 20 عاماً من عمر الشباب (15-35 سنة)، وتشمل: التعليم، والعمل، وتبني نمط حياة صحي وآمن، وتكوين الأسرة، وممارسة المواطنة والعمل الوطني. وتستند هذه الاستراتيجية إلى «نموذج الشجرة المجازي»، حيث تمثل شخصية الشباب الجذور التي تُغذي القيم والمعتقدات، التي تشكل المستقبل. فيما يمثل الجذع البيئة الداعمة، التي توفر المساحات والسياسات لتمكينهم. أما الفروع والأوراق، فتعكس مشاركة الشباب الفعّالة في بناء الوطن، تماماً كما يحتاج النبات إلى الماء والتربة الجيدة وأشعة الشمس للنمو. ومن خلال هذا النهج، تسعى الإمارات إلى بناء جيل واعٍ ومؤثر، يكون قادراً على قيادة التنمية، خلال الخمسين عاماً القادمة، مع التركيز على ترسيخ قيم التسامح، والاندماج المجتمعي، والتميز. ولتعزيز الحوار، حول التحديات التي يواجهها الشباب، تم إنشاء منصة مبتكرة هي «حلقات شبابية»، التي استفاد منها أكثر من 25 ألف شاب وشابة حتى الآن.
واستمراراً لهذا النهج الداعم، أنشأت الإمارات مجالس الشباب؛ لتمكينهم من المشاركة في إعداد السياسات، وصنع القرار بمختلف القطاعات، كما وضعت برنامج تمكين قادة المستقبل؛ لتوفر لهم فرصًا لصقل مهاراتهم في مجالات متعددة، مثل: الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، والاستدامة؛ ما يساهم في بناء جيل يتمتع بقدرات قيادية عالمية المستوى.
دعم التعليم والتدريب المهني
تولي الإمارات أهمية قصوى لتوفير تعليم عالي الجودة للشباب، حيث يضمن الدستور الإماراتي حق التعليم المجاني للمواطنين في جميع المراحل. بالإضافة إلى ذلك، توفر الدولة 13 مركزاً للشباب؛ لتطوير المهارات، وتعزيز فرص التعلم المستمر، إلى جانب برامج تدريب مهني متقدمة؛ لتأهيل الشباب لسوق العمل المستقبلي. وفي هذا المجال أطلقت، عام 2018، مبادرة «مدرسة»، المنصة التعليمية الإلكترونية، التي توفر أكثر من 5000 درس تعليمي مجاني في مجالات العلوم والرياضيات، تتيح للشباب فرصة الوصول إلى المعرفة أينما كانوا، دون عوائق.
وإلى جانب المبادرات التعليمية، تدعم الإمارات تطوير منظومة تعليمية حديثة، تعتمد على التكنولوجيا والابتكار، منها: إدخال الذكاء الاصطناعي في المدارس، وتطوير مناهج تركز على المهارات المستقبلية، وتعزيز ثقافة البحث العلمي وريادة الأعمال بين الشباب.
تعزيز المشاركة في صنع القرار
في إطار تعزيز مشاركة الشباب بعملية صنع القرار، استحدثت الإمارات عام 2016 منصب وزير دولة لشؤون الشباب، وتم تعيين معالي شما بنت سهيل المزروعي في هذا المنصب؛ لتصبح أصغر وزيرة في العالم آنذاك؛ بهدف تمثيل صوت الشباب في الحكومة. واليوم، يمثل الشباب نسبة 37.5% من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي؛ ما يعكس التزام الدولة بتعزيز تمثيلهم في المؤسسات التشريعية، بحسب ما جاء في . ولتعزيز تواصل الشباب مع مختلف القطاعات الحكومية والخاصة؛ جرى إطلاق المؤسسة الاتحادية للشباب.
-
«عام المجتمع» تعزيز للتلاحم المجتمعي في الإمارات
دعم ريادة الأعمال والابتكار
بفضل رؤية القيادة الحكيمة، أصبحت الإمارات حاضنة للمبدعين والمبتكرين، حيث وفرت البيئة الداعمة والبنية التحتية المتقدمة، التي تُمكّن الشباب من تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة، وفق ما جاء في موقع البوابة الرسمية لحكومة الإمارات. ومن هنا، جاءت منصة (Hub 71) في أبوظبي، التي تدعم رواد الأعمال الشباب بمجالات التكنولوجيا المتقدمة. في حين تم تأسيس صندوق الخريجين، المدعوم من وزارة التربية والتعليم؛ بهدف دعم بيئة ريادة الأعمال في الدولة، وتشجيع روح المبادرة والابتكار لدى الشباب والشابات، وتعزيز تنافسيتهم؛ ليكونوا قادرين على تحويل طموحاتهم إلى حقيقة، وذلك برأسمال يصل إلى مليار درهم لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي يقودها الشباب.
وفي إطار رؤيتها لإنشاء اقتصاد أكثر تنوعًا، أطلقت الإمارات برنامج «نافس»، ضمن مشاريع الخمسين، الذي يهدف إلى دعم توظيف المواطنين في القطاع الخاص، من خلال توفير برامج تدريبية متخصصة، وحوافز للشركات، إلى جانب تطوير المهارات الفنية والمهنية للشباب؛ ما يعزز تكافؤ الفرص، ويدفع عجلة التنمية المستدامة، ويهدف «البرنامج» إلى توفير 75 ألف فرصة عمل للمواطنين في القطاع الخاص، بحلول 2026.
ومن خلال هذه المبادرات الاستراتيجية، نجحت دولة الإمارات في خفض معدل بطالة الشباب إلى 9.89%، بحسب ما جاء في التقرير المنشور على موقع اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، وهو من أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما وضعت الدولة نموذجاً عالمياً في تمكين الشباب، ليس فقط من خلال توفير التعليم والتوظيف، بل أيضاً من خلال تعزيز دورهم القيادي في المجتمع.
محطة جديدة
من خلال مبادراتها المتنوعة، تؤكد الإمارات أن الشباب هم القلب النابض للمجتمع، والمحرك الأساسي لمسيرة التنمية المستدامة. ومع «عام المجتمع»، تتجدد الرؤية نحو تمكينهم، وإتاحة الفرص لهم؛ ليكونوا صناع التغيير، وحاملي شعلة المستقبل، في وطن يدرك أن الاستثمار في الإنسان هو أعظم استثمار.