#ثقافة وفنون
نجاة الظاهري الأحد 6 ابريل 11:00
لم تعد زيارة المتاحف مقتصرة على التجول بين المعروضات الفنية، وتأمل اللوحات والتحف المعروضة بشكل صامت، بل تطورت التجربة؛ فأصبحت أكثر تفاعلية وإثراءً للزوار، من جميع الفئات العمرية. واليوم، يمسك متحف اللوفر أبوظبي بزمام المبادرة في هذا التوجه، عبر تطوير مشاريع إبداعية، تستهدف الأطفال، منها: لعبة «سر نجوم القبة»، وبودكاست «مغامرات في المتحف»؛ ليكون الفن نافذة للمتعة والتعلم معًا.. في هذا الحوار، تأخذنا إيمان الحمادي، الروائية الإماراتية، وضابط أول التفسير والمحتوى الإبداعي في متحف اللوفر أبوظبي، إلى كواليس هذين المشروعين، كاشفةً عن رؤيتهما، وأثرهما في تجربة الأطفال بالمتحف:
-
إيمان الحمادي: نجعل تجربة زيارة «المتحف» ممتعة للأطفال
رحلة تكنولوجية
بدايةً.. حدثينا عن فكرة لعبة «سر نجوم القبة»، وآلية عملها؟
«اللعبة» موجهة إلى الأطفال بين 6 و12 عامًا، لكنها - في الوقت ذاته - تجربة تفاعلية، يمكن للعائلات مشاركتها أيضًا. وتتميز «سر نجوم القبة» بأنها متاحة بخمس لغات، ولا يمكن لعبها إلا داخل قاعات «المتحف»، حيث تعتمد على تكنولوجيا المسح الضوئي (QR Code)؛ للوصول إليها من دون الحاجة إلى تحميل تطبيق على الأجهزة الذكية. وجوهر اللعبة يتكئ على تقديم تجربة ممتعة للأطفال، تجعلهم يتفاعلون مع الأعمال الفنية المعروضة بطريقة غير تقليدية، فمن المعروف أن الأطفال لا يستمتعون بمشاهدة الأعمال الفنية بالطريقة نفسها التي يفعلها الكبار، فهم أكثر حركة واستكشافًا، ومن هنا جاءت الفكرة. فكلما تقدم الطفل في «اللعبة»، يخوض مغامرة مع «شخصية إرشادية» تساعده في البحث عن «الحارس»، الذي يحمي كل عمل فني. وعليه حل الألغاز، عبر ملاحظة أدق التفاصيل في القطع المعروضة.
كيف تم اختيار الأعمال الفنية، التي تتضمنها «اللعبة»؟
حرصنا على اختيار مجموعة أعمال تناسب الأطفال من حيث المحتوى البصري والسياق، بحيث تكون واضحة وسهلة الفهم عند عرضها عليهم. وتم تصميم «اللعبة» بحيث تشمل 12 مستوى، يتوزع كلٌّ منها في إحدى قاعات العرض الرئيسية؛ ما سمح لنا بتوزيع الأعمال المختارة، وفق حجم ومساحة كل قاعة.
هل هناك شخصية ترافق الأطفال في «اللعبة»؟
اخترنا أن تكون «فولبي» الشخصيةَ الإرشاديةَ في «اللعبة»، وهي «ثعلب الرمال»، الذي يعيش في بيئات مختلفة بإمارة أبوظبي، ومنها جزيرة السعديات حيث يقع «المتحف». أردنا أن تكون «الشخصية» مألوفة للأطفال، ومتصلة بالمكان، ما يعزز الإحساس بالهوية، والانتماء إلى البيئة المحلية، أثناء خوض التجربة.
-
إيمان الحمادي: نجعل تجربة زيارة «المتحف» ممتعة للأطفال
«مغامرات في المتحف»
من أين جاءتكم فكرة بودكاست «مغامرات في المتحف»؟
الهدف من «البودكاست» هو تحويل تجربة الأطفال، مع الأعمال الفنية، إلى مغامرة ممتعة وثرية. فالأطفال لا ينجذبون، كثيرًا، إلى الشروح التقليدية حول الفن، فهم يرونها مجرد معلومات جامدة. لذلك، لجأنا إلى السرد القصصي، وهو أسلوب فعال في إثارة فضول الأطفال، وجذب انتباههم؛ لذلك حلقات (البودكاست) كافة قصص خيالية، مستوحاة من أعمال فنية موجودة بالمتحف. وقد تولت مجموعة من الكتاب الإماراتيين مهمة تأليف القصص، بعد أن زودناهم بالمعلومات التاريخية، والتفاصيل الدقيقة حول كل عمل فني، ومنحناهم الحرية الكاملة في ابتكار الشخصيات والأحداث، التي تدور حول القطع المختارة.
كيف تم تنفيذ «البودكاست»؟
بعد كتابة القصص، تعاونّا مع إحدى شركات الإنتاج؛ لتسجيلها صوتيًا، وتمت الاستعانة بممثلين محترفين؛ لإضفاء الحيوية على الشخصيات. كما استخدمنا مؤثرات صوتية دقيقة، تساعد الأطفال في تخيّل الأجواء الزمنية والمكانية للقصة، ما يعزز تفاعلهم مع الأحداث والشخصيات. وقد أطلقنا موسمين من «البودكاست» حتى الآن، وأطلقنا - الشهر الماضي - الموسم الثالث. ويمكن الاستماع إلى الحلقات عن طريق منصات «البودكاست» المعروفة، بالإضافة إلى «يوتيوب».
بأي اللغات صدر «مغامرات في المتحف»؟
رغم أن المحتوى العام في متحف اللوفر أبوظبي يتم إنتاجه، عادةً، بثلاث لغات: (العربية، والإنجليزية، والفرنسية)، إلا أننا قررنا أن يكون بودكاست «مغامرات في المتحف» باللغة العربية الفصحى فقط؛ لأننا نؤمن بأهمية تعزيز اللغة الأم لدى الأطفال، مواطنين ومقيمين، إضافةً إلى أن «الفصحى» تجعلهم أكثر قدرة على استيعاب السياق الثقافي، والفني، للأعمال المعروضة.
-
إيمان الحمادي: نجعل تجربة زيارة «المتحف» ممتعة للأطفال
تفاعل مجتمعي
كيف وجدتم الإقبال على «اللعبة»، و«البودكاست»؟
كان الإقبال جيداً عليهما، وأيضاً أطلقنا مسابقة لطلاب المدارس في المراحل كافة، ضمن برنامج «أبدع وتفنن»، ولها فرعان: كتابة قصص متخيلة للبودكاست، اعتماداً على القصص الموجودة، وتصميم غلاف القصة، إذ إن لكل قصة غلافها على صفحتها في برامج «البودكاست»، وقد وجدنا تفاعلاً كبيراً من الطلاب. أما «اللعبة»، فكانت من المجتمع وإلى المجتمع، إذ اختبرناها قبل إطلاقها، بالتعاون مع مجموعة من العائلات، وأخذنا بملاحظاتها لتطويرها، وطبقناها. كان تفاعل الأطفال معها كبيراً، وأحبوها رغم أنها كانت لا تزال نموذجاً أولياً تحت التجريب، وأحبوها أكثر بعد إطلاقها.
كيف أثرت هذه المشاريع في أسلوبك بالكتابة؟
عملي في التفسير الإبداعي للأعمال الفنية جعلني أكثر وعيًا بكيفية إيصال الأفكار إلى الجمهور بطريقة سلسة وجاذبة. عندما أكتب رواية؛ أفكر كثيرًا في كيفية تقديم المعلومات والتلميحات بشكل غير مباشر، بحيث يكتشفها القارئ بنفسه. هذه التجربة علّمتني كيف أوازن بين السرد الممتع، والمحتوى العميق، وهو أمر بالغ الأهمية في أي عمل أدبي. كما أن عملي مع القصص المسموعة؛ جعلني أكثر انتباهًا للإيقاع السردي، وأهمية الصوت والموسيقى الخلفيين في تشكيل تجربة غامرة، للقارئ، والمستمع.