#وصفات من العالم
ياسمين العطار 14 يوليو 2024
عانقت طموحات الشيف مريم المنصوري عنان السماء، بعد فوزها بالميدالية الذهبية في جائزة «Best of Gastronomy» من فرنسا؛ لتصبح أول شيف إماراتية تحصل على هذه الجائزة الرفيعة، بعد مسيرة حافلة انطلقت من شغفها الطفولي بفن الطهي، وأسس الضيافة، ما دفعها إلى تحقيق حلمها على أرض الواقع، من خلال مشروعها الأول والرئيسي «Montauk Boutique Café & Restaurant». وبفضل موهبتها وخبرتها، اللتين ورثتهما من أسرتها، نجحت مريم في إبداع أطباق مزجت ثقافات العالم؛ لتستحق العديد من الجوائز والتكريمات، محلياً ودولياً. وكان لمجلة «زهرة الخليج» لقاء شيق مع سيدة الأعمال الإماراتية ورائدة فن الضيافة؛ للتحدث عن مسيرتها وطموحاتها.. تالياً نص الحوار:
بدايةً، نهنئكِ بفوزك بهذه الجائزة العريقة، ونود أن تحدثينا عن كواليس الفوز!
أشكركم على تهنئتكم الكريمة، واحتفائكم المستمر بإنجازات ونجاحات المرأة الإماراتية. تقدمت إلى الجائزة قبل إعلان الفائز بشهرين، وكان يجب عليّ منافسة أفضل الطهاة، والخضوع لتقييم لجنة تحكيم رفيعة المستوى، وفق معايير دقيقة.
سعي.. واجتهاد
أنتِ أول إماراتية تحصل على هذه الجائزة.. ماذا يعني لكِ هذا الإنجاز؟
هذا الإنجاز يعني الكثير لي، وللمرأة الإماراتية. ولكن طموحي لا يقتصر على تحقيق النجاحات الشخصية، بل يشمل السعي إلى تشريف دولتي، ورد الجميل إلى قيادتنا الرشيدة، التي دعمتنا بشكل كبير.
إلى من تهدين فوزك؟
أهدي فوزي إلى قيادتنا الرشيدة، وإلى عائلتي، وإلى كل امرأة تمتلك العزيمة والإرادة؛ لترك بصمتها باسم دولتها في ربوع العالم، بجميع المجالات والقطاعات.
«في السماء جنة.. وفي الأرض أمي».. هذه مقولة شهيرة لكِ عن والدتك، حدثينا عن علاقتك المتميزة معها!
تخجل الكلمات أمام وصف أمي، فكلمة «أمي» وحدها تُشعرني بالدفء، ويهتز لها القلب كلما نطقتها، فهي رمز لأعز وأغلى من في الوجود؛ فما أروع كلماتها الحكيمة، وما أعذب النصيحة من أمي، وهي أملي في حياتي، ومحرك طاقاتي الإبداعية، وملهمتي لأكون أماً صالحةً لأطفالي. لازلت أتذكر كيف كانت تحافظ على هدوئها رغم التعب، فقد كانت الأمومة منها رسالة، نَقَشَتْ في أسطرها التفاني والإخلاص.
بالرجوع إلى بداية مسيرتك مع عالم الطهي.. ممن استقيت شغفك بالطهي؟
انطلقت شعلة الشغف من المنزل، من والدي ووالدتي، اللذين كانا يتنافسان في إعداد أشهى الأطباق، التي تنال استحسان العائلة، وترضي أذواق الأبناء. لقد كانت هذه الحالة تنشر البهجة والسرور، ومن دون أن أشعر أصبحت أرى أهمية الوجبات المنزلية، التي يصل دفء حرارتها إلى قلوبنا، التي تجتمع بمحبة وانسجام على مائدة واحدة، صُنعت بأيادٍ حانية. هناك ذكريات جميلة، كنت أستمتع بها، خاصة عند رؤية نظرات الشوق في عيون أبي وأمي، وانتظار سماع كلمات الإطراء على أكلاتهما الطيبة. تلك المشاهد نابعة من عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، التي تشمل كرم الضيافة، وتقديم الطعام المنزلي - الذي صنع بكل اهتمام وتقدير - إلى الأهل والأصدقاء والجيران، والتي أحرص على المحافظة عليها، وتعليمها لأبنائي.
متى اكتشفتِ شغفك بالطهي؟
اكتشفت شغفي بالطهي في المرحلة الجامعية؛ عندما بدأت إعداد الطعام لنفسي، ولصديقاتي في السكن الجامعي، وحينما تزوجت بدأت تجربة أطباق جديدة، وتميزت فيها.
قيمة حقيقية
من شجعك على افتتاح مطعمك الخاص؟
عام 2019، ارتفع صوت حديثي الداخلي؛ ليشاركني فيه زوجي، بضرورة وجود مكان يحتوي مهاراتي، وننشر من خلاله رسائلنا في المجتمع، ونقدم قيمة حقيقية إلى زوارنا. بدأت رحلة تحقيق الحلم في صمت لمدة عامين، حتى قررنا الافتتاح عام 2021، ووافق يوم وصول «مسبار الأمل» إلى مداره في المريخ، حيث تمكنت - في اليوم ذاته - من الوصول إلى مداري مع افتتاح «مونتوك»، فهذا الإنجاز تزامن مع لحظة تاريخية لدولتنا.
قدمتِ تجربة متميزة إلى العملاء في «مونتوك»، فما أبرز ملامحها؟
نعتبر زبائننا ضيوفنا، لذلك نحرص على تقديم الضيافة والترحيب بأسلوب إماراتي أصيل، كما نركز على الترابط الأسري، ومشاركة أفراد عائلتي في العمل؛ إذ إنني أحرص على وجودهم جميعاً في «مونتوك»، فأصبح بيتنا الثاني، ورسخنا فكرة تمكين جميع أفراد العائلة في المشاريع التجارية، وهذا ترك أثراً طيباً في رواد أعمال كثيرين، كان لديهم تحفظ على إشراك أبنائهم في أعمالهم التجارية. كذلك، نحافظ على روح الحياة القديمة، ونمطها العريق، فلكل طبق لدينا قصة، نابعة من عمق ثقافات العالم، وليس الثقافة المحلية فحسب، كما نحرص على أخذ متابعينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي في جولاتنا ونحن نجلب أطباقنا من مختلف بلدان العالم، وحتى عندما نعود ونجربها بطريقتها الأصلية، ويمكن أن تستغرق مرحلة التذوق أسبوعاً كاملاً، حتى نتأكد من إعدادها بالطريقة المرجوة. إلى جانب ذلك، نراعي معايير الصحة والسلامة، وننتقي المكونات الغذائية بعناية فائقة في كل الوصفات التي نقدمها، مثلما أقدم الوجبات الغذائية إلى أبنائي.
هل تحتفظين بمكونات معينة، تستخدمينها دائماً في وصفاتك؟
نعم، أحب استخدام الكركم كثيراً في وصفاتي، بما في ذلك المشروبات، لما له من قيمة غذائية كبيرة، ومذاق مميز.
ما الطبق الذي تحبه عائلتك من صنع يديك؟
«المعكرونة بالبشاميل»، فلا يمكن أن تأكلها أمي إلا من صنع يدي، وكذلك يعشقها أبنائي، وجميع أفراد العائلة، فهي من الوصفات المتميزة جداً لديّ، وأنوي في الفترة القادمة أن أضمها إلى قائمة «مونتوك».
ما الحلم الذي تسعين إلى تحقيقه؟
أسعى إلى الحصول على نجمة «ميشلان»، التي تعد من أهم علامات التميز عالمياً في مجال الطهي، كما أطمح إلى إنشاء أكاديمية للطهي، هدفها اكتشاف المواهب، والرقي بمهاراتها.