لاما عزت 23 يونيو 2018
ثمة مشروع قيد الدراسة حالياً في الولايات المتحدة الأميركية، يقضي بـ«تنشيف» الجانب الأميركي من شلالات نياغارا الشهيرة، خلال العام الحالي أو العام المقبل 2019. وقد يسأل سائل: أي مَس من الجنون أصاب مسؤولي ولاية نيويورك لكي يفكروا في إيقاف تلك النعمة السياحية؟ ولماذا يحرمون ملايين السياح سنوياً من ذلك المنظر الفريد؟ في الواقع، سيمثل الـ«تنشيف» مجرد حالة مؤقتة، تدوم خمسة إلى تسعة أشهر. إذ تنصب الخطة على حرف مسار مياه النهر ريثما يتم نصب بناء جسرين يعبران فوق الشلالين وصولاً إلى جزيرة صغيرة تقبع بينهما، يرتادها آلاف الزوار يومياً، تدعى «جزيرة المعزة Goat Island». فهناك جسران يفضيان إليها، لكنهما باتا قديمين ومتهرئين، إذ يعود تشييدهما إلى عام 1901، فضلاً عن ترميمات أجريت عام 2004، تبين أنها غير كافية. فبات لا مناص من خوض «حرب استباقية» لتبديلهما بجسرين جديدين متينين لتفادي حوادث قد تحصل مستقبلاً جراء سير آلاف الأزواج على الأقدام كل يوم على الجسرين القديمين. والسؤال الآخر الذي قد يخطر على البال: كيف يمكن «تنشيف» تلك الكميات الكبيرة من المياه المتلاطمة العصية؟ والجواب: سيبدو المنظر «ناشفاً»، لكن لن يكون هناك أي تنشيف حقيقي. إذ ينصب المشروع على حرف مسار نهر نياغارا مؤقتاً، حيث يُجرى توجيه مياهه كلها نحو الجانب الكندي من الشلالات، أي شلال «حدوة الحصان»، مما سيجعله أكثر دوياً، وهو الذي يتمتع أصلاً بمياه عالية المنسوب ومنظر مدهش بديع، يأتي لتأمله آلاف السياح يومياً، يتوافدون نحو مدينة «سانت كاترينز» الحالمة، المطلة على الشلال وبحيرة أونتاريو. وبذلك، تنطبق مقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، ولو أنها، فضلاً عن كونها مؤقتة، ليست مصيبة حقيقية إذا ما قورنت بشلالات الدم «المتوطنة» من دون انقطاع في بقاع أخرى من العالم. أما عن ميسورية تنفيذ المشروع، فيرد المهندسون بالإيجاب قطعاً. والدليل: ثمة «سابقة» تكنولوجية، تعود لعام 1969. في تلك السنة أيضاً، تم «تنشيف» شلالي نياغارا الأميركيين، إنما ليس من أجل بناء جسور. فبين عامي 1931 و1964، في فترات متقطعة، تهاوت كميات كبيرة من الأحجار من الحائط الصخري العمودي الذي تتساقط المياه في موازاته. وكان من شأن تراكم تلك الأحجار في القعر سد الشلالين نفسيهما، إضافة إلى احتمال خطر تبدد المياه نحو المناطق المجاورة، وربما التسبب في فيضانات وكوارث. لذا، تم وضع سد مؤقت، قوامه 28 ألف طن من الأحجار والصخور، بغية حرف مسار نهر نياغارا، الذي صارت مياهه تسري كلها في الجانب الكندي. وكانت المرة الأولى التي ينحرف فيها مسار النهر منذ 12 ألف سنة، هي عمر المسار الحالي وفق تقدير علماء الجيولوجيا.