#ديكور
غانيا عزام اليوم
بدأت مهندسة العمارة الداخلية، سليمى خرنوب، تنفيذ مشاريعها الهندسية العديدة، من خلال مكتبها الخاص في تركيا والكويت عام 2020، كما نفذت تصاميم عدة في دول الخليج. وخطوتها التالية ستكون افتتاح مكتب في دولة الإمارات؛ بسبب التطور المتسارع في هذا القطاع بها. في هذا الحوار، تطلعنا سليمى على أسلوب الهندسة الداخلية، الذي تتميز به المنازل الإماراتية، وتغيرها، وتطورها بين الماضي والحاضر:
حدثينا عن التصميم الإماراتي التقليدي، والعناصر التي جعلته فريداً!
طريقة التصميم الخاصة تعكس هوية البلد. وتتميز العمارة الإماراتية بزخارفها، ومنطقة السيف في دبي، التي تعبر عن أسلوب العمارة القديمة، مثال على ذلك. بالإضافة إلى المساحات والنقوش الإماراتية، التي تختلف عن غيرها من الزخارف العربية. بالنسبة للتصميم الداخلي حالياً، هناك توجه نحو التصاميم «المودرن»، المأخوذة من الغرب. ونهدف، كمصممين داخليين، إلى إعادة تراث العمارة القديمة، وإحيائها بطريقة مناسبة وجديدة ومتطورة؛ لأنها المناسبة لراحة المرء النفسية. ونقصد، هنا، تكبير المساحات وفتحها، وشكل التصميم، والمواد الطبيعية المستخدمة في عملية البناء، وتعزيز عناصر التهوية، والزرع والماء والمواد الطبيعية؛ فهدفنا توفير بيئة تجعل الشخص منتجاً بشكل أكبر. تميزت البيوت القديمة، أولاً، بالمواد الطبيعية التي كانت تبنى منها، والتي لها أثر كبير في نفسية الإنسان، وثانياً بالعناصر الطبيعية الموجودة داخل البناء؛ وثالثاً باتصال البناء مع الطبيعة، بعيداً عن العمارات العالية. فالأبنية العالية، والمساحات المحدودة، تؤثر على الإنسان نفسياً. أما البناء القديم، فيتميز بمساحاته المفتوحة، وهذه المساحات تُشعر الإنسان بالحرية والراحة، والتفلت من القيود.
عمارة إماراتية
كيف تطور تصميم المنزل الإماراتي.. بمرور الزمن؟
تتجه تصاميم المنازل الإماراتية الحديثة إلى الأسلوب «المودرن»، أو «الكلاسيك»، فعناصر العمارة الإماراتية القديمة للأسف غير متوفرة حالياً. لكنني أرى أنه حان الوقت لإعادة العمارة الإماراتية القديمة، والابتعاد عن التصاميم والستايلات «المودرن»، و«المينيماليزم»، وأن نعتز دائماً بأسلوب عمارتنا التقليدية، وثقافتنا، بإحيائها بما يتناسب ومتطلبات العصر، وتطوراته.
عملياً ووظائفياً.. كيف نحقق ذلك؟
نستطيع تحقيق ذلك، في حال توفرت الرؤية والهدف لدى أي مهندس معماري، فيسعى إلى دمج الحياة الحالية في تصميم منزل، يخدم الشخص الذي يعيش الحياة العملية في الإمارات. وكذلك باعتماد ما ذكرناه من نقوش خاصة، ومساحات واسعة، واستخدام مواد طبيعية، وإدخال عناصر إنارة طبيعية، وغيرها. أما في الوحدات السكنية داخل الأبنية، فيمكن تحقيق ذلك باعتماد خطوات عدة، منها: تقليل عدد الطوابق، وتوفير إضاءة طبيعية، وألا تكون محدودة كثيراً (أي توسيع مساحة الغرف). بالفعل، يأتينا العديد من الطلبات بهذا الخصوص، من أشخاص يشكون صغر مساحاتهم، فنقوم - بدَوْرنا - بإدخال عناصر طبيعية، مثل: الإضاءة، والهواء، والماء، وغير ذلك.
كيف تطورت التصاميم التقليدية؛ لتناسب أنماط الحياة الحديثة، ومنها: «المجلس»؟
«المجلس» موجود في كل المشاريع التي صممناها، في الإمارات ودول الخليج. ويتم الاهتمام به، سواء بالنقوش التراثية، أو بطبيعة الجلسة؛ ليستطيع جميع الجالسين رؤية بعضهم. وهذا ما تهدف إليه هذه التصاميم، التي تعبر عن الترابط والألفة والود. ويكمن التطور، الذي تشهده هذه المجالس، في اختيار ستايل المفروشات، الذي يتجه أكثر نحو البساطة، فكان سابقاً يتضمن نقوشاً وإكسسوارات وتفاصيل أكثر. أما حالياً، فهناك اتجاه نحو الإكسسوارات الأبسط والألوان الهادئة، واعتماد ألوان وإكسسوارات بطريقة مدروسة.
كيف تطور أسلوب الأثاث، وما الأنماط والقطع التي ظلت ثابتة؟
ما ظل ثابتاً هو شكل الكنبة والمجلس، فهناك من يطلبونهما أكثر ارتفاعاً، لكنَّ الكثيرين يتجهون إلى الارتفاع التقليدي. وكمثال آخر، في ما يتعلق بالإكسسوارات، تطورت نقطة القهوة إلى الـ«Coffee Corner»، بعد أن كان المنقل وإبريق القهوة يتوسطان المكان.
ما أبرز الاتجاهات الحالية في التصميم الداخلي الإماراتي، خاصة بين الأجيال الأصغر سناً؟
حالياً، أبرز الاتجاهات، التي نلاحظها لدى جيل الشباب، تميل إلى الراحة، أي أن يكون قاطن المنزل مرتاحاً، وهي العنوان العريض الذي تتسم به تصاميم اليوم. سابقاً، كانوا يبحثون أكثر عن الفخامة، وقطع المفروشات والديكورات الثمينة والفاخرة، وحالياً يبحث الناس عن المساحات المريحة، وهذا مؤشر إلى تغير أسلوب الحياة، فأصبح مرتكزاً أكثر على إعلاء الفردية، والراحة، والخصوصية.
أجيال عدة
كيف تستجيبين، مثلاً، لاحتياجات أسرة كبيرة، متعددة الأجيال، تعيش في منزل واحد؟
هذا النموذج أصبح قليلاً نوعاً ما، ونستجيب لهذه الحالة بأن نوفر مساحات مريحة، وهنا نركز على خصوصية كل فرد يعيش في هذا المنزل. وفي الوقت نفسه، نعمل على تأمين مكان للاجتماعات العائلية، ونحاول أن نولد انطباعاً بأن هذا منزل عائلي يتيح خصوصية أفراده في جو أكثر دفئاً. ونبدأ بالمساحات الكبيرة، التي تكون لتجمع العائلة، ومصممة في جلسات مؤثثة بمفروشات على شكل حرف (U)؛ لتتيح للجميع أن يروا بعضهم. وعند الانتهاء منها، نعكف على تصميم مساحة لكل أسرة، ثم كل فرد، أي نصمم منازل في قلب المنزل.
ماذا عن الاستدامة في اختيارات الإماراتيين لتصاميم منازلهم؟
أعتقد أن الخيارات المستدامة تتجلى في العمارة الخارجية والإنشائية، عن طريق استخدام الخشب، والرخام، والحجر.
إلى أي مدى نجد ملامح من بيوت الطين القديمة في منازل اليوم؟
هذا قليل جداً، فكل إماراتي يحب دمج تراثه القديم في منزله، ولكن يدخله عن طريق الخامات والأفكار الموجودة حالياً، بالنقوش والتراث والمجالس والطقوس والتفكير في راحة الزوار. وقد تطورت الخامات لتخفيف وطأة العوامل الطبيعية، مثل: الحر، والرطوبة.
ما نصيحتك للذين يرغبون في إضفاء طابع إماراتي على منازلهم؟
أنصحهم، دائماً، بالاستمرار في إحياء ثقافتهم، وألا يعتبروها طابعاً قديماً لا يمكن اعتماده؛ لأننا يمكن أن نضيف أي عنصر قديم، وحتماً سيضفي جمالية على منزلنا. ومن الضروري أن يكون الطابع القديم موجوداً، ويستمر لنعرّف أبناءنا وأجيالنا اللاحقة بلمحات من العمارة القديمة؛ لضمان عدم اختفائه مع الوقت، وتعاقب الأجيال. فالعمارة القديمة كنز ثري.
حالياً.. هل هناك بناء تعتبـــرينه نموذجاً للتراث العمراني الإماراتي؟
عمرانياً، يحضرني - بالطبع - «متحف المســـتقبل»؛ لأنــــه أدخل النقوش العربية، والإضاءة الطبيعيــة، والخطوط المنحنية، وفي الوقت نفسه قدم تصميماً تخللته تفاصيل متطورة، وعناصر معاصرة، وهذا جانب عظيم الأهمية.
ما الذي يميز مصمماً داخلياً عن آخر؟
أن يعرف التصميم الذي يناسب العميل بشكل كبير، وأن يطلع على كل جديد، ويطور نفسه وأدواته، وأن يدخل في مجال علم النفس قليلاً؛ ليعرف ما يناسب كل شخص، ويقدم إليه ما يريحه.
كمهندسة مهتمة بالتراث.. ماذا تقولين بمناسبة عيد الاتحاد الـ53؟
أصبحت دولة الإمارات محط الأنظار، ومكاناً جاذباً للاستثمارات العالمية، وهذا يعد عاملاً مهماً لإظهار تراثها، الذي يشكل فنُّ العمارة جزءاً منه؛ فتعزيز وإحياء الأسلوب القديم في المنازل الإماراتية، يساهمان في استمراريته، واستدامته للأجيال المقبلة، وكذلك إظهار التراث المعماري، والهوية الإماراتية الحقيقية، أمام زوار الإمارات.