د.نعيمة حسن 24 يناير 2019
هل تُعد المقارنة عائقاً أمام تقدمك في العمل؟ إذا وجدت نفسك باستمرار تقيّمين نجاحاتك مقارنة بنجاحات الآخرين، فقد دخلت منعطفاً فكرياً خطيراً، ربما تدخلين لعبة المقارنة بسهولة من دون أن تشعري بأنها دوامة فكرية لا تتوقف.
إن لعب دور الضحية والسماح لمشاعر الغيرة بالتضخم، وشعورك بالمعاناة لأن رغباتك لم تُلبّ حتى الآن، هي أكثر ما يسلبك ثقتك بنفسك ولن يحل أي مشكلة، ولن يضع قدميك على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافك، بل سيدفعك هذا إلى التخبّط ويجعلك عالقة في أمور لن تطور من أدائك، وستقلل من إنجازاتك وشأنك في نظر الآخرين.
طموح.. ولكن
إذا كنت طموحة طموحاً مُرضياً يرتبط بالطمع، فسوف تنظرين دائماً إلى ما في يد غيرك، ولكي تشعري بالراحة ترين أن طبقك يجب أن يكون معبّأ أكثر من أي طبق آخر، وتعتقدين أنه إذا وصل أحد إلى هدف ما أسرع منك، فلا بد أن يكون أفضل منك، وهذا غير حقيقي بتاتاً، والحقيقة هي أنك سمحت لعقلك بأن ينعطف في هذا الطريق ويفكر بذلك، وتبدأ سلوكياتك تعكس أفكارك بطرق غير مُريحة، فقد تبدئين التصرف بشكل تنافسي في العمل، ربما تخفين معلومات قيّمة بالنسبة إلى أحد الزملاء، أو تُحْبَطين لنجاح شخص ما لدرجة تشعرين بالاضطرار للاستسلام نهائياً، وتقولين: (لقد هزمني بالفعل، وأوصلني إلى نقطة النهاية.. فلماذا أهتم الآن؟).
ويصبح لديك خياران، الغضب أو الإلهام، يمكنك أن تسمحي لمشاعر الغيرة بأن تتوغل داخلك، أو بأن تظهر على السطح وتلومي الظروف، أو بقلة الحيلة، أو بالحظ العاثر الذي سبب وصولك إلى هذه النتيجة، وستشعرين بظُلْمة في قلبك وأن كل نجاح يحققه منافسك وإن كان صغيراً، يكون أشبه بمسمار يدق في قلبك، بدلاً من ذلك يمكنك تحويل هذه المشاعر إلى إلهام، يمكنك أن تختاري الاحتفال بزملائك المتميزين داخل مكتبك، على أنهم بيّنوا لك ما يمكن أن تقدميه لنفسك.
فطيرة النجاح
إذا شعرت بأن عقلك ينحرف ثانيةً نحو سؤال كيف ينجح ويصل زملائي، وأنا لا أزال في مكاني؟ أو تتأسفين على حقيقة أنها على الرغم من سنها الصغيرة استطاعت أن تتواصل ببراعة، ولديها مزيد من المتابعين.. وما إلى ذلك من أفكار. لقد آن الأوان أن تُخرجي المطرقة الكبيرة وتدقي هذه الأفكار، وتتذكري أن النجاح فطيرة كبيرة فيها عدد لا نهائي من الشرائح، يتقاسمها أناس كثيرون. فإذا كنت تهتمين كثيراً بالبحث عن أشخاص وصلوا إلى القمة ولا يزالون يحافظون على قيَمهم الأخلاقية، فليس لديك مبرر لعدم الفرحة بهم، فحمل الضغينة تجاه نجاحات الآخرين يسلبك طاقتك، التي كان من الأفضل أن تستغليها في بناء نجاحاتك أنت، وإذا كنت صادقة مع نفسك، فمن سوف تكتشفين أن غضبك لا علاقة له بهم إطلاقاً.
ولكن هناك فائدة أحياناً لمشاعر الغيرة، حيث إنها تدلك على شيء تريدينه لنفسك في النهاية، فلا تهربي منها ولا تنغمسي فيه، بل انتبهي إلى مشاعرك جيداً، وفكري في الشيء الذي يبعث بداخلك تلك المشاعر بخصوص نجاح زميلتك، ثم اعكسي ذلك على نفسك، ما الذي فعلته بالتحديد لتحقيق ما وصلت إليه اليوم؟ وابدئي بالعمل، فكلما فعلت شيئاً يفيدك تقلصت لديك مشاعر الغيرة والإحباط، وكلما وصلت إلى شيء شعرت بالسعادة الحقيقية لنجاح الآخرين وتوقفت عن مقارنة نفسك بهم.
استغلال المنافسة
معظم الناس يقيسون أنفسهم بما يحققه أو لم يحققه الآخرون، وعلى الرغم من أن هذا قد يكون محفزاً للبعض، إلا أن المنافسة لدى البعض الآخر تصبح وسيلة استنزاف للطاقة، ومن ثم فلا طائل من ورائها، وهناك طريقتان يمكن استخدامهما لاستغلال المنافسة لمصلحة تقدمك في العمل، قبل أن تتحول هذه المنافسة إلى فيروس ذهني يقضي على تطورك، وهي:
• أوقفي المنافسة في عقلك متى وجدت نفسك تستحضرين ذهنياً شيئاً لا ترغبين في وجوده. فكري ببساطة: هل هذا الشي له قيمة؟ وانتقلي إلى التالي.. وهكذا. الهدف هنا يتمثل في التخلص نهائياً من أي مقارنات قبل أن تُتاح لها فرصة التوغل إلى داخلك، قد تكون العملية صعبة في أولها، لكن الالتزام بها وتكرارها حسب حاجتك، سيجعلك تتخلصين من آفة المنافسة.
• اطرحي سؤالاً تشخيصياً، من الصفات المتميزة التي تجعلك منتبهة لمشاعرك، قدرتك على تحليل نفسك فكرة بفكرة، وهذا هو العمل الحقيقي لتغيير الحياة، لأنه يتطلب منك أن تتوقفي على الفور وتفكري مُتسائلة: «هل تجعلني هذه الفكرة أو الفعل أقرب إلى الشخص الذي أريد أن أكونه؟» إذا كان الجواب «نعم» استكملي المسير، وإن كان «لا» ارجعي إلى النقطة الأولى وأوقفي المنافسة في عقلك.