#ثقافة وفنون
نجاة الظاهري السبت 24 أغسطس 10:00
قليلة هي الأسماء النسائية، التي حققت تميزاً في مجال النقد الأدبي، خاصة على المستوى المحلي.. وهنا، تبرز أمامنا الدكتورة مريم الهاشمي، التي تعد من الأسماء النقدية، التي تركت بصمة واضحة في هذا المجال، بحضور الفعاليات الثقافية، والبحث عن المعرفة، بشكل دائم. اختارها النقد، فرأت فيه نافذة لشغف المعرفة، وأصبح محرّك العقل في الوقوف على الأسئلة للبحث عن إجابات لها، وسبر أغوار الحياة لمعرفتها بدرجة أكبر؛ وللتعرف على ذاتها بشكل أعمق.. «زهرة الخليج» التقت الناقدة الدكتورة مريم الهاشمي؛ لتسليط الضوء على حياتها، ناقدةً ومثقفةً؛ في هذا الحوار:
حدثينا عن مريم الهاشمي، ومن تكون!
عالم المرأة يتميز بتعدد الأدوار، وبالتغير المستمر، وكانت حياتي كريمة؛ لأنني جزء من كل ما يمكن أن تكون عليه أي امرأة. أعني، بذلك، أني تمتعت بتجارب عدة: الابنة، والأخت، والأم، والطالبة، والموظفة والعاملة، ومارست شغفي كناقدة أيضاً، إضافة إلى أدوار أخرى منحتني إياها هذه التجارب الحياتية. ورغم هذه التجارب، أجدني في كل دور أحمل الدهشة الأولى، فمازلت الطالبة التي يدهشها كل جديد في المعرفة، والابنة التي تسعى إلى رؤية نظرة فخر والدَيْها بإنجازاتها، والعاملة التي تريد التميز في وظيفتها، والأم التي تحاول أن تكون نموذجاً طيباً لأبنائها.. ومازلت «مريم»، التي تحاول أن تعتنق هذه التجربة الحياتية، بكل تناقضاتها وتحدياتها الجميلة.
حضور نسائي
في العالم العربي يعتبر عدد الناقدات قليلاً، مقارنة بالنقاد الرجال.. لماذا؟
النقد الأدبي حاضر في العالمَيْن العربي والغربي، وكانت له بذوره في كل الحضارات الإنسانية، وتتميز الحضارة العربية بوجود العنصر النسائي في الشكل الأول للنقد مع الشعر (الظاهرة الأدبية الأكثر حضوراً)، فكانت الخنساء، وأم جندب، من النماذج الأولى لحضور المرأة في عالم النقد. كذلك، كانت المرأة حاضرة في ميادين علمية وثقافية أخرى، لكنه كان حضوراً خجولاً، ولم يزل كذلك إلى اليوم. وأعزو ذلك إلى الأدوار الكثيرة الملقاة على عاتق المرأة، وأهمها دورها الاجتماعي، الذي يجعلها تعطي الأولوية لحياتها كأم وزوجة، فهي المسؤولة الأولى عن الأسرة. فإذا برز اسم نسائي في مجال النقد؛ فيجب أن نكون على يقين من أنه قد بُذل جهد كبير، وتضحيات اجتماعية قُدّمت، وعمل دؤوب؛ ليظهر هذا الاسم النقدي النسائي.
لماذا اخترت النقد الأدبي تحديداً؟
النقد الأدبي جاءني وفق ظروفي ومحطاتي الحياتية التي عشتها، ثم رضيته اختياراً، وتوطّدت بيني وبينه علاقة ود وتقبّل ووئام، فأصبح نافذة لشغف المعرفة، ومحرّك العقل في الوقوف على الأسئلة للبحث عن إجابات لها، وفي سبر أغوار الحياة بشكل أكبر، وفي التعرّف على ذاتي بدرجة أعمق، والسؤال في الحياة مستمر للعقول الواعية، فلا يمكن أن يصل إلى نقطة السكون، ما يجعل البحث والمعرفة والوعي في حركة دائمة لا تتوقف، والنقد دائم التبدّل والتغير بتغير الحياة، وكذلك بتغير السلوك الإنساني من أدب وفكر وتغيرات اجتماعية ونفسية وفكرية، وغيرها، فهذا التغير يجعل النقد حيوياً مع الحياة، وهذه الحيوية البحثية – كما أجدها – تضفي ألواناً ودهشة على النفس والحياة.
معرفة حقيقية
ما الصفات، التي يجب أن يتمتع بها الناقد الجيد؟
الناقد مسؤول، والمسؤولية مشتركة بين كل البشر في مهامهم تجاه غيرهم، وتكمن المسؤولية الأولى في معرفة حدود الآخر، فلا نتجاوز حقه في الإبداع، وبالتالي لا يتجاوز هو حقنا فيه كذلك، فهي مسؤولية مشتركة، تحتم علينا أن نسهم في الحفاظ على الصفات الإنسانية التي تجمعنا، ولا يمكن حدوث ذلك بعيداً عن النزاهة والأخلاق والضمير، مع صفة رئيسية يجب أن يتحلى بها الناقد هي المعرفة الحقيقية، بل المعرفة المستمرة للتغيرات العلمية والمعرفية والنقدية والسلوكية والاجتماعية.. وغيرها، لنحصل على قراءة ذات وعي حقيقي بالمنتج الإنساني.
من خلال اطلاعك النقدي.. كيف تجدين واقع الأدب الإماراتي؟
يجب أن يكون الناقد الأدبي على اطلاع حقيقي بواقع الأدب، والحضور الثقافي الفعلي للمجتمع، والأهم أن يكون ذلك عن طريق البحث، وهو طريقي في ذلك. إن الاحتكاك الثقافي، بحضور المؤتمرات والندوات والمشاركات، والأندية الثقافية، غير كافٍ للإجابة الكاملة عن حال الأدب الإماراتي، وإنما يجب توثيقه عن طريق البحث النقدي. وهنا، ستجيء المؤلفات والأبحاث العلمية التي تناولته، لتأتينا الإجابة بموضوعية، وهي أن الأدب الإماراتي يتقدم بقوة بجهود أدباء وكتاب وشعراء ومفكرين ومثقفين، وضعوا نصب أعينهم مشروعاً أدبياً خاصاً بهم. فالشعر الإماراتي أثبت رونقه، والرواية الإماراتية، كذلك، تخطو بثقة لتثبت حضورها الرصين.
ماذا يعني لكِ يوم المرأة الإماراتية؟
في يوم المرأة الإماراتية، أهدي كل نجاحاتنا وتحدياتنا إلى كل امرأة، كما نفخر بقيادتنا، التي أعطت المرأة حقوقها؛ لتمكينها من البناء والعمل والإبداع. وأقول للمرأة الإماراتية: كلَّ عام وأنتِ الأمن والأمان، وكل عام وأنتِ الجديرة بالاحترام.