#ثقافة وفنون
نجاة الظاهري الجمعة 12 يوليو 13:00
لم يقتصر اهتمام اليازية خليفة بالأدب على الورق والقلم فقط، لأنها تراه أكبر من ذلك، فعدستها العين التي تنظر من خلالها إلى العالم. بدأت اليازية مسيرتها الأدبية بالكتابة للأطفال، بعد أن اكتشفت موهبتها الكتابية في المرحلة الثانوية؛ ليكبر معها هذا الاهتمام، إلى العمل في مجال النشر، فأسست دار الفلك للترجمة والنشر، واستحدثت فيها جانباً لم يكن له حضور في المكتبة المحلية، هو «الكتاب الصامت». ولأن الأدب والفن متصلان لديها، قررت أن تنشئ للمبدعين من كل المجالات مساحة حرة، يمارسون فيها إبداعاتهم، أو يجلسون على كراسيها مع فنجان قهوة وكتاب، وسمتها «مرسى البرتقال».. في حوارها مع «زهرة الخليج»، تحدثنا الكاتبة والناشرة والمصورة الإماراتية عن رحلتها واهتماماتها، وشغفها:
ما المكان، أو الحدث، الذي شكّل بداية اشتغالك بالكتابة والرسم لقصص الأطفال؟
إذا أردت الحديث عن بداياتي، فعليَّ العودة إلى التسعينيات، حيث كنت أرتاد «المرسم الحر» بالمجمع الثقافي، الذي تعلمت فيه أساسيات الرسم، والخط العربي، والتلوين الزيتي. هناك، بدأ شغفي بالثقافة. أما أدب الطفل، فكنت أهرب من القراءات الأكاديمية إليه خلال فترة الدراسات العليا، لكنني لم أنتبه إليه كتخصص إلا بعد وصول بريد إلكتروني من معهد غوته؛ للمشاركة في ورشة «كتب صنعت في الإمارات»، بالتعاون مع المجلس الإماراتي لكتب اليافعين.
أدب الطفل
لماذا هذا الاهتمام بأدب الطفل، الذي بلغ ذروته بإنشاء دار الفلك للترجمة والنشر عام 2015؟
بعد البحث عن كتب الفنتازيا العربية، التي كانت شبه معدومة عام 2012، توسعت في البحث عن أدب الطفل العربي، وبدأت أقارن الموجود بما قرأته عالميًا. أول ملاحظة استوقفتني هي أن مكتبتي الخاصة - وأنا المحبة للغة العربية، واللسانيات، والمعاجم، والشعر - تكاد تخلو من كتب عربية أصيلة في أدب الطفل العربي. فإذا كانت هذه حال مكتبتي الخاصة، فماذا عن الآخرين؟ فما كان مني إلا الاستقصاء والاتصال بالأمهات من أخواتي وصديقاتي، وتعرفت من خلالهن إلى دور نشر متنوعة عربية وعالمية، وكان هذا كفيلاً بأن أدرك أن هناك أزمة في الأدب العربي بهذه الناحية؛ فقررت الكتابة للطفل، وأسست الفُلك للترجمة والنشر، بدافع ترجمة أفضل ما أنتجه أدب الطفل العالمي؛ لإثراء المكتبة العربية بنصوص ورسومات وحبكة وأفكار جديدة، وقد تجاوزنا حاجز اللغة، وأصبحت هذه الإصدارات متوفرة في السوق العربي، مترجمةً من لغات عدة، مثل: الإيطالية، والآيسلندية، والإسبانية، والهولندية، والكورية، والفرنسية، فدار الفلك أول دار نشر عربية تطرح «الكتب الصامتة»، ووصل أحد إصداراتنا إلى قائمة أفضل عشرة عناوين صامتة للمجلس الدولي لليافعين (iBBy)، عام 2018.
من أين أتت فكرة «مرسى البرتقال»، وما مجالات عمله؟
«مرسى البرتقال» مكان يجمع المبدعين، ويوفر لهم مكانًا للإنتاج والإنجاز، ويوفر أيضاً، مساحة حرة للرسامين، ويترأسه الأستاذ سامر القادري، خريج «الفنون الجميلة» من جامعة دمشق، وأحد مؤسسي قناة «سبيس تون»، وصاحب «الأصابع الذكية»، ومؤسس مكتبة «بيجز». وبذلك، يعد «مرسى البرتقال» لبنة في صرح الإبداع الإماراتي.
هل وجود البيئة والثقافة المحليتين بقصص الأطفال المكتوبة من قبل كتّاب إماراتيين ضروري، وهل يحد هذا الأمر من ترجمتها، وتصديرها إلى الخارج؟
بيئة وثقافة أي كاتب هما مصدر قوته، فكلما ألف الكاتب ما يعيشه، ويراه، ويتخيله، كان ذلك أقرب إلى تفاصيل نصه. وفي ما يخص أدب الطفل، إذا ربطنا القصة بالبيئة والثقافة بشكل عميق، فقد يمكّن ذلك الناشرين الأجانب من ترجمتها، بجانب أن عدد المقيمين الأجانب في البلاد كبير، ويهمهم قراءة مثل هذه القصص لأطفالهم؛ ليفهموا تركيبة المجتمع الذي يعيشون فيه، فالكتاب مفتاح الثقافة. وأذكر، هنا، ترجمة كتابي «شيرة الهمبا» إلى اللغة الروسية، وهو حكاية من 7 فصول عن ظهيرة يوم طفلة إماراتية خلال الثمانينيات، فقد اهتم به المترجم، وطُبع مرتين، ويباع في السوق الإماراتي، بسبب اهتمام المقيمين، الناطقين باللغة الروسية، بمعرفة تفاصيل البيت الإماراتي.
تواصل ثقافي
ما الركائز التي يقوم عليها التواصل الثقافي عامة، وللطفل خاصة؟
كان «التواصل الثقافي عبر قنوات التلفزة» موضوعاً للدكتوراه، التي حصلت عليها من جامعة كينجستون بالمملكة المتحدة عام 2013. والركيزة الأساسية للتواصل الثقافي، هي الاحترام الذاتي لثقافة وتاريخ وموروث الفرد، ثم احترام الآخر، وقبوله بما هو عليه. ويختلط أطفالنا بالثقافات الأخرى؛ لذلك يجب ترسيخ الثقافة الإماراتية في نفوسهم، خلال أول سبع سنين من أعمارهم.
ما تقييمك لقراءة الأطفال للكتب، في عصر يزدهر فيه التطور التكنولوجي، والذكاء الاصطناعي؟
الأفضل أن ننظر، أولًا، إلى ما يمارسه الآباء من عادات وسلوكيات قرائية في المنزل، وما يقابلها من استهلاك غير محدود للتكنولوجيا، قبل النظر إلى الأطفال. إن إلزام الأطفال في المدارس باستخدام الألواح الذكية أو الكمبيوتر، كان أثره أكبر بكثير من أثر الوالدين في استحواذ هذه الأجهزة على حياة أطفالهما، وإدمانها، وما تبع ذلك من مشكلات نفسية وصحية.
في ما يخص الجانب الفوتوغرافي.. أين نرى اليازية مصورةً فوتوغرافية؟
بدأت التصوير الفوتوغرافي عام 2003 - 2004، شعرت بحاجة إلى إتقان التصوير والتحميض والتخيّل بالأبيض والأسود؛ فشكل هذا نقلة نوعية في الطريقة التي أنظر بها إلى ما حولي. بعدها، امتهنت التصوير، وبدأت أبيع نتاجي التصويري، وأغطي الفعاليات الخاصة، وتخرجت كمصورة صحافية في كلية الإعلام بجامعة زايد - أبوظبي عام 2005. ولم يفارقني التصوير، فقد كان متنفسي، وفاتح الفرص أمامي. بعد إقامة معرض تصوير «ألمانيا بعيون إماراتية» عام 2007، حصلت على منحة تدريب في مجلة «GEO» الألمانية بهامبورغ، ثم درّست الاتصال البصري كمعيدة في كليات التقنية عام 2009، والذي ركزت فيه على التصوير، وكذلك مادة التصوير الصحافي بجامعة زايد عام 2010. كذلك، لديَّ أرشيفي الخاص من صور الفعاليات الثقافية والاجتماعية والرياضية، التي قمت بتغطيتها، مثل: إطلاق مشروع «كلمة» في المجمع الثقافي، بين الراحل محمد خلف المزروعي، ويورغان بوس مدير معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، والذي نشرت صوره جريدة «Die Zeit» الألمانية. وفاز عدد من أعمالي بجوائز محلية وإقليمية ودولية، وبعضها معروض الآن في «مرسى البرتقال»، وأسعى إلى إحياء التصوير الفوتوغرافي كفن بصري، لا غنى عنه في المجتمعات الإنسانية. وفي السنوات الماضية، ركزت على تصوير الطيور ورصدها، ولي مشروع قد يرى النور قريبًا في هذا الصدد.