نوال نصر 2 مايو 2019
حين لا يعود الجسم قادراً على التحكم، بكمية السكر في الدم بشكل صحيح، لافتقاره إلى ما يحتاج من الإنسولين، يظهر داء السكري الذي نعرف عنه أشياء، وتغيب عنا أشياء أخرى، فهذا المرض لا يميز بين صغير أو كبير، وبين نوع أول ونوع ثان. لكن ماذا لو ظهر الداء فجأة على المرأة أثناء الحمل؟ ما تأثير الداء فيها وفي جنينها؟ وماذا عن الخطوات التي تجعل المصابة تتحكم بالداء، بدل أن يتحكم هو بها وبجنينها؟
في الأرقام والنسب العالمية، واستناداً إلى جمعية السكري الأميركية تحديداً، فإن 18% من النساء يصبن بـ«السكري» أثناء فترة الحمل، و7% منهن يواجهن مضاعفات تستمر بعدها. وهنا، في مثل هذه اللحظات، لا يعود الهم صحة المرأة وحدها بل صحة طفلها القادم أيضاً، لهذا يحرص الأطباء دائماً على التحقق من وجود هذا النوع من السكري لإدارته باكراً بشكل فعال. وبالتالي إذا حصل سكري الحمل فثمة إجراءات طبية قد تتخذ من أجل حماية صحة الطفل، لكن من تُصاب بسكري الحمل يزداد خطر إصابتها لاحقاً بداء السكري من النوع الثاني نحو سبعة أضعاف أكثر من سواها.
فلنبدأ بالسكري الذي يظهر فجأة أثناء الحمل ويثير كثيراً من المخاوف في قلوب المرأة ومن حولها. يتطور هذا النوع من السكري، (سكري الحمل)، حين لا يكون الجسم قادراً على إنتاج ما يكفي من هرمون الإنسولين أثناء الحمل، والإنسولين، ضروري لنقل الجلوكوز في الدم إلى الخلايا، وكلما نقص الإنسولين زاد السكر في الدم.
هرمونات المشيمة
السبب يقلق الكثيرات فيغرقن في التكهنات المنبثقة عن سؤال: لماذا حدث سكري الحمل؟ السبب هو الهرمونات الصادرة من المشيمة خلال هذه الفترة، وفي التفاصيل أن المشيمة تنتج هرموناً يسمى «اللاكتوجين المشيمي البشري»، وهو يُشبه هرمون النمو عند الطفل، لكنه واقعياً يعمل على تعديل عملية التمثيل الغذائي في جسم المرأة الحامل، ويُخل قدرة الجسم على معالجة الدهون والكربوهيدرات؛ فيرتفع مستوى السكر في الدم، ويجعل جسم المرأة أقل حساسية للإنسولين، وأقل قدرة على استخدامه بشكل صحيح. وطبياً، إذا لم يستخدم الجسم الإنسولين كما ينبغي يرتفع مستوى السكر في الدم. خلال 15 أسبوعاً من الحمل، يزيد هرمون آخر هو هرمون النمو المشيمي البشري من مستوى السكر في دم المرأة الحامل، وهذا طبيعي خلال هذه المرحلة؛ بسبب الهرمونات الإضافية التي تنتجها المشيمة، لكن يصبح هذا مشكلة في حال زادت نسبة السكر عن حدّ معين وارتفع السكر واستمر مرتفعاً.
عوامل الإصابة
هناك عوامل مجهولة وأخرى معلومة تزيد من احتمال حدوث ارتفاع السكر أثناء الحمل عن معدلاته الطبيعية. عمر المرأة يزيد الشكوك في احتمالية حدوث سكري الحمل، حيث إن النساء اللواتي يحملن بعد سن الـ25 يصبحن أكثر عرضة للإصابة بسكري الحمل. وزن المرأة عامل آخر، حيث إن النساء اللواتي لديهن زيادة في الوزن مرشحات للإصابة بسكري الحمل. وفي حال كان هناك شخص آخر في العائلة مصاب بمرض السكري من النوع الأول أو الثاني يكون خطر إصابة المرأة الحامل به أكبر. وفي حال كانت المرأة في مرحلة ما قبل السكري يُصبح واجباً عليها أن تتحقق منه طوال فترة الحمل لأن انتقالها إلى مرحلة السكري يصبح أعلى. ويفترض أن تعرف المرأة التي أصيبت بسكري الحمل، خلال حملٍ سابق، أنها أصبحت أكثر عرضة لخطر الإصابة به في حالات الحمل المستقبلية.
الطبيب النسائي هو أول من يشخص عادة مرض «سكري الحمل» خصوصاً إذا شعر بأن المرأة معرضة له، فسيعمد حينها إلى طلب إجراء فحص مستوى السكر في الدم باكراً، وفي حال أتت مستويات السكر في الدم في معدلها الطبيعي فعليكن أن تتوقعن منه طلب إعادة الفحص مرة ثانية، خلال الأسبوعين الـ24 والـ28 من الحمل لتشخيص جديد، والتأكد من عدم حصول سكري الحمل.
الطعام والرياضة
ماذا لو مررت بمثل هذه التجربة؟ أي علاج تتبعين؟ العلاج في هذه الفترة يقتصر على التحكم في نسبة السكر في الدم، كي لا يرتفع بدرجة كبيرة ويظل مرتفعاً. وتُنصح المرأة هنا بتناول الطعام بكثير من التأني والحكمة والقيام ببعض الأنشطة البدنية البسيطة، بدل الاسترخاء بحجة الحمل. ولا ضير في إعطاء أدوية مساعدة في حال شعر الطبيب بضرورة ذلك؛ من أجل الحفاظ على مستويات السكر طبيعية في الدم، وهذا من شأنه تقليل النتائج السلبية.
ليس للأدوية الموصوفة تأثيرات سلبية في الطفل. فلا تصابي بالهلع. وتذكري جيداً أن الهدف الأهم هو الحفاظ على نسبة السكر في الدم في إطارها الطبيعي من أجل توفير صحة أفضل لك وللطفل على المدى البعيد. ويهم أن تعرفي هنا أيضاً أن الطبيب هو من يحدد كيفية الإنجاب، بشكل طبيعي أو قيصري، لأن ارتفاع السكر في الدم أثناء المخاض يدفع الطفل لإطلاق مزيد من الإنسولين، ما يزيد من إصابته لاحقاً بانخفاض نسبة السكر في الدم. الطبيب هو الحكم والحكيم في اتخاذ القرار المناسب في هذا الوقت.
ولادة قيصرية
إذا أصبت بسكري الحمل، لا تستبعدي الولادة القيصرية من حساباتك. لأن هذه الحالة قد تؤثر في نمو الطفل الزائد فيولد الطفل كبيراً. وربما يولد هذا الطفل وهو يعاني صعوبة في التنفس، ويحتاج بالتالي إلى مساعدة ريثما تصبح الرئتان أقوى. لذا فالخوف يؤثر سلباً. فلا تخافي بل انتبهي أكثر إلى نفسك، واستعدي لاحتضان طفلك في عينيك.
إقرأ المزيد :