لاما عزت 14 يونيو 2018
كانت آخر ليلة من زيارة ضيف عزيز ننتظره من سنة لسنة ولكن وجب عليه الرحيل مرة أخرى فودعناه بحزن شديد، لكن بالشوق نفسه الذي استقبلنا فيه هذا الضيف الأول سرعان ما انشغل الجميع بالتحضير لاستقبال ضيف آخر عزيز سيصل يوم غد، وعلى الرغم من أننا نعرفه جيداً ويزورنا كل عام إلا أننا نلقاه بشوق من ينتظر عودة محبوب طال سفره. هو يحب رائحة القهوة وتوها ملقّمة (مصنوعة) التي تتنافس على المركز الأوّل في أجواء بيتنا مع رائحة العود لأن أمي كانت وما زالت تحرص على أن يكون هذا المزيج العطري باستقباله مع ساعات شروق الشمس الأولى. أما أنا وإخوتي فكنّا نخبئ ملابسنا التي سنرتديها لحظة وصوله بجانب سريرنا حتى نرتديها قبل أن يدخل وفي كثير من الأحيان يهرب النوم من عيوننا لشوقنا للقائه. ضيفنا سخي وكانت بقدومه تهل علينا العطايا ونكون أمضينا الليلة الماضية في حساب المبالغ التي سنحصل عليها بناءً على تجربتنا في زيارته الماضية، وهو ضيف مُفرح كان يمنحنا 3 أيام من اللعب المتواصل ويحضر معه (حلاوة الماكنتوش) التي نأكلها باستمتاع كأننا نتذوقها لأول مرة في حياتنا. لم يكن يزورنا وحدنا بل الفريج بأكمله يتنافس من يُعد له ما يحب وكان يشترط علينا بمجرد أن يصل أن نزور الأهل والأصحاب فنمضي 3 أيام من تبادل الزيارات والأحاديث المسلية التي لا تنتهي ويضج (الفريج) بلعب الأطفال. الزائر ليس عماً ولا خالاً مع أننا نحبهما ونعد لهما القهوة وكل جميل ولكنني أتحدّث عن ضيفي وضيفكم الذي يصل هذه الأيام ألا وهو العيد، فكل عام وأنتم ومن تحبون بألف خير. وأردت أن أشارككم ما أفتقده أنا وكثيرون هذه الأيام في العيد الذي لم يعد في أجوائه وعاداته مثل عيد (لوّل) مع أن الفرصة سانحة لأن نمزج عراقة عيد (لوّل) مع مميزات الحياة العصرية. أحنّ للعيد الذي كان فيه أبي بطي بن بشر، رحمه الله، على قيد الحياة ونحرص مع أمي بارك الله في عمرها على أن نبقي من أجواء العيد ما نستطيع، حيث كنّا نخرج لمصلى العيد متلهفين لأن نكون بأحلى ملابس وننتظر إطلاق مدفع العيد بعد الصلاة، ثم نجلس في البيت ننتظر عودة الوالد من سلامه على أصحاب السمو الشيوخ ليعطينا العيدية ونبدأ زيارات عائلية كان لها طعم آخر ولا تتطلب مواعيد مسبقة للزيارة وتستمر أجواؤه 3 أيام بطولها. ما جعلني أختار الكتابة عن أجواء العيد (لوّل) هو شوقي لها من جهة وأنني أسمع كثيراً من الأطفال والشباب وحتى الكبار يشكون الملل في اليوم الأول من العيد من جهة أخرى، وهو عكس ما كنّا نشعر به في الماضي. ضيف لوّل هو الضيف نفسه والعيد ذاته، فلماذا لا نرحب به كما كنّا في الماضي، ولماذا لا نمزج السهولة التي أتاحتها الحياة العصرية اليوم برائحة قهوة وعود أمهاتنا وجداتنا ونُشرك أبناءنا في الترحيب بطريقة مختلفة، فماذا ستعدون للترحيب بضيف لوّل هذه السنة وكل عام وأنتم بخير وعساكم من عواده.