#رياضة
كارمن العسيلي 5 ابريل 2025
بين متطلبات العمل والحياة الشخصية، تبحث المرأة العصرية عن لحظات من التوازن والهدوء. وفي هذا الإيقاع المتسارع، تأتي «اليوغا» فلسفةَ حياة تمنح العقل والجسد فرصة للانسجام. لكن ماذا تعني «اليوغا» حقاً؟.. وكيف يمكن أن تصبح أداة لتمكين المرأة، وتعزيز صحتها النفسية والجسدية؟.. في لقائنا مع مدربة «اليوغا»، الشابة الإماراتية شماء القمزي، نغوص في تجربتها في عالم «اليوغا»، واكتشاف الذات، وإيجاد السلام الداخلي، ونكتشف الدروس العميقة التي تعلمتها، وتأثير «اليوغا» في تمكين المرأة، وكيفية نشر ثقافة العناية بالنفس، في مجتمع أصبح أكثر وعياً بأهمية التوازن النفسي والجسدي. كما تشاركنا رؤيتها لمستقبل «اليوغا» في الإمارات، ورسالتها إلى كل امرأة تسعى إلى الانسجام مع ذاتها، والعيش بطاقة متجددة، وإيجابية.
كيف بدأت رحلتكِ مع «اليوغا»، وما الذي جذبكِ إليها؟
لم تكن «اليوغا»، يوماً، أحد أهدافي، بل جاءتني بمحض الصدفة، خلال لحظة كنت أبحث فيها عن التغيير، دون أن أدرك ذلك. خلال مشاركتي في رحلة مع «استوديو يوغا ون» إلى منتجع خاص في ليوا، كنت أتطلع إلى اكتشاف أماكن جديدة، والتعرف إلى أشخاص مختلفين، لكنني وجدت ما هو أعمق من ذلك. فمع إشراقة كل صباح، كنت أنضم إلى المجموعة؛ لممارسة تمارين التنفس والتأمل، متبوعة بجلسات «اليوغا»، ولم أكن أدرك حينها أنني كنت أسعى -دون وعي - إلى وسيلة، تمنحني التوازن والصفاء في حياتي. وقد جذبتني إلى «اليوغا» قدرتها الفريدة على تحقيق الانسجام بين الجسد والعقل؛ ما أتاح لي فرصة التواصل مع ذاتي على مستوى لم أختبره من قَبْلُ. كان الأمر أشبه برحلة داخلية إلى أعماقي، دفعتني إلى اكتشاف المزيد، والاستمرار في هذا الطريق، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتي.
-
شماء القمزي: «اليوغا» رحلة شخصية وليست ممارسة صارمة
تمكين المرأة
متى أدركتِ أن «اليوغا» أداة لتمكين المرأة؟
أدركت ذلك؛ عندما رأيت كيف تُحدث «اليوغا» تحولاً عميقاً في حياة النساء اللواتي يمارسنها؛ لأنها لا تقتصر على الحركات الجسدية، وإنما تعد أيضاً وسيلة لاكتشاف الذات، وتعزيز الثقة بالنفس. فخلال الجلسات، كنت أجد النساء يعبرن عن مشاعرهن بحرية، ويواجهن تحدياتهن الداخلية، ويجدن القوة في اللحظة الحاضرة. فـ«اليوغا» تمنح المرأة مساحة خاصة بها، وتساعدها على كسر القيود الذهنية، والاستماع إلى صوتها الداخلي؛ ما يجعلها أكثر اتزاناً، وقوةً، ووعياً بذاتها.
كيف تعزز الصحراء تجربة التأمل، والاسترخاء؟
الصحراء، بطبيعتها الهادئة واتساعها، توفر بيئة مثالية للتأمل والتوازن النفسي. فبعيدًا عن صخب الحياة، يجد الإنسان نفسه أكثر وعيًا بإيقاع أنفاسه، وبحركة الرياح، وحتى بصمت المكان العميق، كأنك تندمجين مع إيقاع الطبيعة، حيث يتحول كل نَفَس إلى امتداد لهذا الفضاء المترامي. كما أن الانسجام مع الطبيعة يعزز الصفاء الذهني، ويمنح إحساسًا بالتحرر الداخلي، ما يجعل الصحراء فضاءً مثالياً للهدوء، والتأمل العميق.
كيف يمكن أن تصبح اليوغا أكثر قربًا، وملاءمة، لمختلف الثقافات؟
عندما تتناغم فلسفة اليوغا مع القيم والمفاهيم السائدة، في أي مجتمع، تصبح أكثر قبولًا وانسجامًا مع أفراده. فاليوغا رحلة داخلية نحو التوازن والصفاء الذهني، وهذا مفهوم عالمي يتجاوز الحدود الثقافية. من هنا، أحرص على توفير بيئة، تتيح لكل فرد ممارسة اليوغا بأسلوبه الخاص، وبما يحترم خصوصياته وتقاليده. فليس الهدف أن نغير معتقداتنا لتتناسب مع اليوغا، بل أن نكتشف كيف يمكن لهذه الممارسة أن تتماشى مع أسلوب حياتنا، وتصبح وسيلة للتمكين الشخصي، مع الحفاظ على جوهرها العميق.
كيف تساعد «اليوغا» المرأة في التعامل مع الضغوط الحياتية، واستعادة التوازن النفسي والجسدي؟
«اليوغا» أداة فعالة، تمنح المرأة القدرة على التكيف مع التحديات، حيث تساعد تقنيات «التنفس العميق» على تهدئة العقل، وتخفيف التوتر، وتعزيز التركيز، بينما تسهم الحركات الجسدية في تحسين المرونة، وتقوية الجسد. كما أن ممارسة «اليوغا»، بانتظام، تمنح لحظات من السكون وسط الفوضى اليومية؛ فتتواصل المرأة مع ذاتها، وتستعيد طاقتها الداخلية.
تحديات.. نفسية وجسدية
ما التحديات النفسية والجسدية التي تواجهها المرأة اليوم، وكيف تبدأ رحلتها نحو التوازن؟
اليوم، تواجه المرأة تحديات عدة، بدءاً من ضغوط العمل والمسؤوليات العائلية، وصولاً إلى القلق والإرهاق العاطفي. فهذه الضغوط لا تؤثر في نفسيتها فحسب، وإنما تمتد إلى جسدها، مسببة آلاماً وتوتراً عضلياً. و«اليوغا» تقدم حلاً شاملاً لهذه المشكلات، حيث تمكّن المرأة من استعادة السيطرة على جسدها وعقلها، وتعزز إحساسها بالقوة الداخلية والسلام. والخطوة الأولى بسيطة - لمن لا تعرف من أين تبدأ - كتخصيص بضع دقائق، يومياً، لممارسة التأمل أو تمارين التنفس، ثم التدرج في اكتشاف الحركات الجسدية، التي تساعدها على الشعور بالراحة، والتحرر من الضغوط. والأهم هو أن تكون البداية متوافقة مع احتياجاتها؛ لأن «اليوغا» - كما ذكرت - رحلة شخصية نحو التوازن، والانسجام مع الذات.
-
شماء القمزي: «اليوغا» رحلة شخصية وليست ممارسة صارمة
هل من مفاهيم خاطئة عن «اليوغا»، ترغبين في تصحيحها؟
هناك عدد من المفاهيم الخاطئة حول «اليوغا»، حيث يعتقد البعض أنها مجرد تمرينات جسدية، تركز على المرونة والقوة، متجاهلين أبعادها الأعمق، التي تشمل: التنفس الواعي، والتأمل، والتواصل مع الذات. ومن خلال نشر الوعي، وتقديم تجربة متكاملة تعكس الجوانب العقلية والروحية لليوغا، أسعى إلى تصحيح هذه المفاهيم، وإبراز دورها في تحقيق التوازن النفسي والجسدي.
هل لليوغا دور في تعزيز التوازن، والسعادة المجتمعية؟
بكل تأكيد، فـ«اليوغا» أداة فعالة في بناء بيئة أكثر توازناً وسعادةً، حيث تعزز الوعي الذاتي، وتقوي الروابط بين الأفراد من خلال ممارسة قائمة على الدعم، والتواصل. كما أنها تشجع على أسلوب حياة صحي ومتزن، ينعكس إيجاباً على الصحة الجسدية والنفسية، ويساهم في إيجاد مجتمع أكثر انسجاماً، وقدرة على التعامل مع تحديات الحياة، بروح إيجابية، وهادئة.
كيف أثرت «اليوغا» في حياتك الشخصية والمهنية، وما الدرس الأهم الذي تعلمته منها؟
أصبحت «اليوغا»، بالنسبة لي، أسلوب حياة يساعدني على تحقيق التوازن بين ضغوط العمل والحياة الشخصية. في بيئة عمل تتسم بالإيقاع السريع، والمستوى العالي من التحديات، وجدت في «اليوغا» وسيلة لتعزيز التركيز والهدوء الداخلي، فتعاملت مع المواقف المختلفة بروح أكثر صلابة ومرونة. أما الدرس الأهم، الذي تعلمته، فهو أن العناية بالنفس ضرورة وليست رفاهية، وأن التوازن الداخلي ينعكس على جميع جوانب الحياة، الشخصية والمهنية. وهذا الإدراك أحدث تحوّلاً كبيراً في حياتي، وكان تأثيره فيَّ جلياً.
ما خططك المستقبلية لنشر ثقافة «اليوغا»، وما الرسالة التي تودين نقلها إلى المرأة الإماراتية؟
المرأة الإماراتية، اليوم، أكثر انفتاحاً على التجارب التي تعزز توازنها الداخلي، وتساعدها على التعبير عن نفسها بحرية أكبر. ومن هذا المنطلق، أسعى إلى نشر ثقافة «اليوغا»، عبر تنظيم ورش عمل، ومبادرات مجتمعية، توفر بيئة آمنة وداعمة للنساء، ليكتشفن قوة أجسادهن وعقولهن. ورسالتي لكل امرأة، هي: أنت قوية وقادرة، فاستمعي إلى ذاتك، وامنحي نفسك لحظات من السكون والوعي، فالصحة النفسية والجسدية هما مفتاح النجاح الحقيقي.