#سياحة وسفر
كارمن العسيلي 1 يناير 2025
الطريق إلى ليوا يحمل - في طياته - شيئًا من السحر؛ فكلما توغلت أكثر في الصحراء، كلما شعرت بأنك تخطو إلى عالم مختلف تمامًا. فالكثبان الرملية - بتدرجاتها الناعمة، التي تعكس ألوان الشمس المتغيرة - تشكل لوحة طبيعية، تمنح العين جمالاً مبهراً؛ فتبدو هذه الرمال الذهبية كأنها تهمس بحكايات الماضي؛ لتروي عن أولئك الذين جابوا هذه الصحراء، وصبروا على قسوتها، فبنوا منها أساساً لحياة مليئة بالعزم، والجمال.
وأنت تقترب من منطقة مهرجان ليوا الدولي، لا يسعك إلا أن تنبهر بما تم تحقيقه في هذه البقعة الصحراوية الشاسعة. فالطريق، بإضاءته التي تُظهر جمال الطبيعة، يجعل الرحلة - في حد ذاتها - تجربة مدهشة؛ فتشعر بأن كل شيء هنا، من التصميم إلى التفاصيل، يحمل رؤية واضحة؛ لتحويل الصحراء إلى واحة نابضة بالحياة.
وجهة عشاق المغامرات.. والتراث
كلَّ عام، ومع انطلاق «المهرجان»، تتحول المنطقة إلى وجهة يتوافد إليها الناس. فهنا، تشعر بتناغم مع الطبيعة، وبالحياة التي تنبض في قلب الرمال، فتدرك أنك أمام تجربة استثنائية. وهذا العام، يشهد مهرجان «ليوا 2025» ترقية متميزة في فعالياته، وأنشطته، ومسابقاته. ويمكن القول بأن «ليوا 2025» يعتبر الأكثر زخماً من حيث المحتوى والابتكار.
منذ اللحظة، التي تطأ فيها قدماك هذه الوجهة المذهلة، ستشعر بفيض من الحيوية، والتجدد. من «قرية ليوا»، التي تقدم مزيجًا استثنائيًا من الفعاليات، التي تجمع بين سحر التقاليد الإماراتية وجرأة الأنشطة العصرية، ما يجعلها واحدة من أبرز محطات الشتاء في الإمارات، إلى بطولة «تل مرعب»، التي تعد الحدث الأبرز والأشهر في مهرجان ليوا الدولي، وصولاً إلى العروض التنافسية للسيارات والدراجات الهوائية على كثبان الرمال، التي يصل ارتفاع بعضها إلى 300 متر.
وأيضاً، من الفعاليات المميزة، التي يقدمها مهرجان ليوا الدولي، «سباق الصقور»، الذي يجذب عشاق التراث، ومحبي المنافسات الاستثنائية، لاسيما أن مسابقة هذا العام ارتقت إلى مستويات عالمية؛ باعتمادها تجهيزات إلكترونية دقيقة زادت مستوى التشويق في كل جولة. كذلك، قدم «المهرجان» بطولة «هدد الحمام»، التي تحتفي بالتراث، ومهارات الأجداد، وهي مسابقة تُبرز جمال التلاحم بين الصقار وصقره، وتعيد إلى الأذهان عراقة تقاليد الصيد، وتربط الأجيال بهذا الموروث الأصيل. وبالتأكيد، لا ننسى «سباق الهجن»، و«سباق الخيول»، فهما من السباقات التي تسلط الضوء على التراث العريق للبلاد، إذ يجعلان كل من يشاهدهما يشعر بالفخر والدهشة من جمال الخيول والجمال وسرعتها.
أما قمة المتعة، فتتجلى في عروض الألعاب النارية المذهلة، التي تزهو يومياً بأشكال ورسومات، مستوحاة من روح المهرجان وفعالياته، لتمنح الزوار أجواء من البهجة والمرح.
وفي لفتة إلى العصر الرقمي، احتضن «المهرجان»، أيضاً، مسابقة «الاستعراض الحر» الإلكترونية والرقمية، التي تجمع بين مهارات الانجراف التقليدية، والدقة الرقمية، عبر استعراض السائقين مواهبهم في المحاكاة الرقمية.
بعيداً عن السباقات والاستعراضات، تقف «قرية ليوا» وسط الصحراء، فاتحة ذراعيها لاستقبال الزوار، ومنحهم تجارب فريدة ومذهلة، وفرصة الاستمتاع بباقة من الحفلات، وعروض الأداء اليومية، في عدد من مناطق الجذب الجديدة، وأبرزها: «وناسة» وهي مكان مثالي لجميع أفراد العائلة؛ يمزج الإبداع والترفيه بالحماس، ويرحب بزواره؛ للاستمتاع بألعاب الكرنفالات، وحديقة الحيوانات الأليفة، وغرفة الهروب المرعبة. فيما يجذب متحف «ليالي الواحة» محبي الغموض والفضاء بلوحاته الفنية، التي ترتسم رقمياً. أما منطقة «الميدان»، فهي مخصصة لألعاب الليزر، والرماية، وحلبة سيارات «الدفع الرباعي». وكما يدل اسمها، تَعِدُ منطقة «أدرينالين» زوارها بمغامرات تفوق الخيال. أما عجلة «شمس ليوا»؛ فتقدم إلى ركابها مشهداً بانورامياً مذهلاً لمنطقة ليوا كاملة. وبعد قضاء أوقات ممتعة مليئة بالحماس، يحين الوقت لأخذ استراحة بسيطة، وتناول المأكولات الشهية في منطقة السوق، حيث تنتشر المطاعم والمتاجر، التي تقدم منتجات عصرية، وأخرى تراثية، كالأزياء والعطور والديكورات.
وأولئك الذين لا يهابون الارتفاعات، يمكنهم الاستمتاع بجولات المناطيد الهوائية، التي تمنحهم إطلالة رائعة على صحراء ليوا الخلابة، فيما يكتفي أصحاب «القلوب الضعيفة» بعروض مناطيد الهواء الساخنة والمضيئة المذهلة.
ولا تحلو السهرة في «القرية» إلا بزيارة منطقة «طرب ليوا»، حيث تحيي نخبة من ألمع الفنانين والموسيقيين، العرب والإماراتيين، حفلات ممتعة، ومنهم: مطرف المطرف، ومحمد البكري، وأريام، وحمد العامري، وعبادي الجوهر، ورحمة رياض.
متحف السيارات الكلاسيكية
بعد الانتهاء من تناول الطعام، ومشاهدة المناطيد، ستجذبكم فكرة زيارة متحف السيارات الكلاسيكية، الواقع على مسافة 10 دقائق سيراً من منطقة السوق. ويُعد هذا المتحف كنزاً حقيقياً لعشاق السيارات والتاريخ، حيث يحتضن بين جدرانه 53 سيارة أيقونية، كل واحدة منها تحكي قصة فريدة، تنقل الزوار إلى زمن جميل مليء بالأناقة والإبداع. عند دخولك هذا المتحف، يستقبلك «عبير» الكروم اللامعة، والألوان الزاهية التي تزين هذه السيارات الفاخرة، فتشعر كأنك قد انتقلت إلى حقبة الخمسينيات، أو حتى الأربعينيات، فكل سيارة لديها سحرها الخاص، من تصميمها الفريد إلى تفاصيلها الدقيقة، ما يجسد معايير الحرفية التي لم تتكرّر، وأسلوب الحياة، والشغف، والحداثة التي لا تفقد بريقها على مر السنين.
تجربة تستحق التوثيق
في كل ركن من أركان ليوا، ستجد شيئًا يستحق المشاركة، ومغامرات مشوقة، وأطباقاً شهية، وأسواقاً تعج بالحياة. فإذا كنت تبحث عن وجهة تمنحك روح المغامرة وسحر التراث، فإن ليوا تنتظرك بكل شغف..!