#منوعات
أمل نصر الدين 6 يناير 2024
تعدُّ دلال عبدالرزاق مدوه مثالاً ناجحاً للمرأة الكويتية الطموحة، التي تفكر خارج الصندوق، ولديها نظرة إيجابية مختلفة عن الآخرين إلى مرحلة التقاعد. لذا، كان لها السبق في تأسيس «كياني»، أول مبادرة لتوعية المرأة المتقاعدة؛ وقد أطلقتها في الكويت قبل ثلاث سنوات؛ لتكون شعلة الأمل التي تنير طريق المرأة في أصعب مراحل حياتها، ودليلها المرشد في رحلتها باتجاه محطة التقاعد، التي ستنطلق منها في بداية جديدة نحو مسارات عدة.. ومع بداية العام الجديد، تلتقي «زهرة الخليج» الكاتبة والمدونة والمبادرة والمثقفة ومدربة التنمية البشرية المعتمدة من جامعة الكويت، دلال مدوه، في هذا الحوار:
كيف تعرفين نفسك للقراء؟
إنني امرأة كويتية، زوجة وأم، اخترت أن أسلك طريق العطاء؛ وأبحث عن ترك أثر إيجابي وبصمة لي في المجتمع، من خلال ما أقدمه من جهد لنشر الوعي والمعرفة بين الناس. تخرجتُ في جامعة الكويت، كلية التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية تخصص «إدارة الأعمال – تسويق» عام 1995م، ثم استكملت بعد تقاعدي المبكر دراستي؛ فحصلت على الدبلوم العالي (مستوى الماجستير المهني) في العلاقات العامة من المعهد الملكي للعلاقات العامة ببريطانيا - لندن (CIPR)، ثم الدبلوم العالي في القيادات الإنسانية من الجامعة الأميركية للعلوم الإنسانية (AUHS).
ماذا عن عملك قبل التقاعد؟
عملت لمدة 21 عاماً بمجال العلاقات العامة والمراسم بالقطاع الحكومي في وزارة المالية، من خلال المشاركة المباشرة ضمن اللجان العاملة، وفرق العمل في العديد من المؤتمرات، والاجتماعات والفعاليات الكبرى، والمناسبات الرسمية لكبار الشخصيات التي نظمتها جهات حكومية عدة في دولة الكويت، خلال الفترة بين عامَيْ: 1996 و2017.
قبل التقاعد
ما الذي دفعك إلى دراسة التنمية البشرية؟
كنت أبحث، دوماً، عن تطوير الذات، وتحسين جودة حياتي، ولديَّ شغف بالمعرفة وحب للتعلم، فبدأت البحث والاطلاع في هذا المجال، وقد حصلت على العديد من الشهادات التخصصية، منها: كوتش ممارس وفق معايير الاتحاد العالمي للكوتشينج (ICF)، ومدرب معتمد من جامعة الكويت وكلية مانشستر الدولية للتدريب في المملكة المتحدة، ودبلوم مستشار محترف من نادي المستشارين المحترفين في الكويت، كما حصلت على الرخصة الدولية للمسؤولية المجتمعية (ISRLicense) من الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، وغيرها من الدورات، والبرامج التخصصية والاحترافية في مجالات: الإدارة، والتسويق، والعلاقات العامة، والصحافة، والإعلام، والعمل الاستشاري، والحاسب الآلي، وتنمية الذات، والمسؤولية المجتمعية، والتنمية المستدامة.
ماذا عن إطلاق مبادرة «كياني»؟
بدأت المبادرة بفكرة شخصية؛ حيث أحببت أن أتقاعد مبكراً، وأخرج من الإطار الروتيني للوظيفة، وأبدأ رحلتي الخاصة؛ للقيام بشيء هادف ومختلف، يحقق لي الرضا والسعادة؛ فأطلقت موقع «كياني» في بداية ظهور جائحة «كورونا»، خلال توقف الأنشطة المجتمعية كافة، وكان هذا الإطلاق بعد حوالي ثلاث سنوات من تقاعدي.
كيف بدأت رحلتك مع مبادرة «كياني»، وماذا تعلمتِ خلال هذه الرحلة؟
بعد تقاعدي المبكر، تعلمت درساً مهماً حول أهمية «التخطيط»، وضرورة الاستعداد المبكر، لمواجهة التحديات التي قد تظهر في طريقي، والقدرة على التأقلم مع الظروف المختلفة، التي قد تواجهني، حيث يساعد التخطيط في التغلب على حالة القلق، التي تواجهنا بسبب عدم وضوح رؤيتنا، وتشتت أفكارنا؛ فهو يمنحنا الراحة والاستقرار، بعد معرفة أهدافنا بصورة واضحة، وهذا ما حدث معي، فقد عانيت تشتت الأفكار، نتيجة عدم وضوح الرؤية بعد التقاعد المفاجئ، فلم أقم بالتخطيط الصحيح، واختيار المسار الملائم لي مسبقاً؛ فكنت أمارس العديد من الأنشطة التطوعية، وأشارك في العديد من الدورات المتنوعة، ولديَّ مجموعة من الاهتمامات، وفضول للمعرفة والاطلاع، لكنني لم أجد ضالتي المنشودة.
كيف واجهتِ هذا التحدي؟
بدأت رحلة البحث في الإنترنت عن معلومات حول مرحلة التقاعد. لكن، للأسف كان هناك نقص كبير في تلك المعلومات باللغة العربية، لذا اتجهت إلى المواقع الإنجليزية، فوجدت معلومات مهمة، ونصائح مفيدة، بالإضافة إلى حضوري مجموعة من الدورات، والمحاضرات. نتيجة للتجربة التي عشتها، أحسست بحاجة ملحة إلى هذا النوع من المعرفة، والمعلومات في المجتمع، خاصة للمرأة المتقاعدة، أو المقبلة على التقاعد، التي تعاني القلق، والمخاوف، وعدم وضوح الرؤية. لذا، تولدت لديَّ الرغبة في عرض تجربتي مع التقاعد، وأسعى من خلال «كياني» إلى ترك بصمة وأثر في المجتمع؛ عبر مساعدة النساء المتقاعدات مثلي، أو المقبلات على التقاعد، وتشجيعهن على الوصول إلى حياة ممتعة ومثمرة بعد التقاعد، عن طريق التخطيط الجيد والمبكر، وعقلية متطورة وإيجابية، ومعرفة أفضل بهذه الفترة المدهشة من حياتنا.
سن الأمل
ما رؤيتك لمبادرة «كياني»؟
أرغب في توعية وإرشاد المرأة المتقاعدة حول مرحلة التقاعد، وتشجيعها على تنمية ذاتها، واستغلال خبراتها، وإطلاق قدراتها الكامنة، من أجل تحقيق أهدافها في الحياة؛ وفي الوقت ذاته أطمح لأن يكون موقع «كياني» المنصة الأولى المتكاملة لتقديم خدمات الإرشاد، والتدريب، والتأهيل للمرأة المتقاعدة. وأهدف من خلالها، أيضاً، إلى توعية المرأة المتقاعدة، أو المقبلة على التقاعد للتخطيط المبكر لهذه المرحلة؛ وتحفيزها للقيام بتنمية ذاتها، وتطوير مهاراتها، والسعي إلى تغيير إيجابي في حياتها بعد التقاعد، وتحقيق أحلامها المؤجلة، وكذلك تشجيعها على استغلال خبراتها، ومهاراتها في أنشطة وأعمال ومشاريع مفيدة، لها وللمجتمع.
ما وسيلتك لتحقيق تلك الأهداف؟
من خلال موقع «كياني»، نشرت عدداً كبيراً من المقالات، والإرشادات العملية، لمساعدة المرأة على السير بخطوات واثقة نحو مرحلة التقاعد؛ بالإضافة إلى تقديم كتب إلكترونية عدة، متخصصة في هذا المجال، كما أطلقت «بودكاست كياني» وهو برنامج صوتي، يقدم نصائح هادفة، ورسائل توعوية، تساهم في مساعدة النساء المتقاعدات على التأقلم مع مرحلة التقاعد. وقد أصدرت، مؤخراً، «قطرة من كياني»، وهي نشرة إلكترونية شهرية صغيرة ومختصرة، تتناول في كل عدد موضوعاً معيناً، ويمكن تحميلها على الأجهزة الذكية، أو طباعتها بسهولة على الورق، والاطلاع عليها في دقائق، فضلاً عن استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المقاطع التحفيزية، والأفكار الملهمة، التي تشجع المرأة على تغيير نظرتها إلى التقاعد، وتحفيزها للاهتمام بتنمية ذاتها، وتطوير مهاراتها بعد تقاعدها.
تتزامن سن التقاعد مع بداية التغيرات الصحية والجسدية لدى النساء.. ما رأيك في ذلك؟
إن نظرة المجتمع السلبية للتقاعد، وربطه بالشيخوخة والعجز والمرض، واعتباره الفصل الأخير في حياة الناس بصورة عامة، والمرأة بصورة خاصة، كانت أحد المحركات التي دفعتني إلى مقاومة هذه الأفكار المحبطة، وأجد أن العكس هو الصحيح، فالتقاعد هو سن الأمل، وبداية مثيرة لمغامرة رائعة لاكتشاف الذات، ورحلة بحث ممتعة للعثور على شغف جديد في الحياة، وانطلاقة متجددة للوصول إلى أهداف وأحلام مؤجلة، وفرصة ثانية لصناعة هوية أخرى بعيدة عن المسمى الوظيفي للعمل.
ثلاثة مؤلفات
ما مؤلفاتك، وما الهدف منها؟
لديَّ ثلاثة مؤلفات، كلها تعبر عن أفكاري واهتماماتي؛ وقد طرحت فيها وجهة نظري حول عدد من الظواهر المجتمعية، وبعض السلوكيات المنتشرة بين الناس، بالإضافة إلى مواضيع أخرى متنوعة؛ أولها كتاب «من فوق السطوح.. نظرة على الحياة والمجتمع والناس»، ثم تجربتي مع الكتب الإلكترونية من خلال كتاب «العمل التطوعي للمرأة بعد التقاعد»، وكذلك كتاب «متعة التقاعد للمرأة – 30 فكرة مفيدة وممتعة لقضاء وقتك بعد التقاعد». وهي من إصدارات «كياني»، ويمكن تحميلها من خلال الموقع، كما شاركت في كتاب ضمن مجموعة من الخبراء والمتخصصين بعنوان «الكتاب العربي في المسؤولية المجتمعية»، من إصدارات الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية.
حدثينا عن تجربة إصابتك بسرطان الغدة الدرقية، منذ سنوات عدة!
كان ذلك منذ فترة طويلة، حيث أحسست بوجود كتلة صغيرة بارزة أسفل الذقن، فتوجهت لعمل الفحوص الخاصة، فظهرت النتيجة، وأخبرني الطبيب بإصابتي بالمرض، فتقبلت الأمر برحابة صدر؛ لإيماني العميق بأن كل ما يأتينا من الله خير، والحمد لله الذي رزقني الثبات في ذلك الوقت، وتفاجأ الطبيب بهدوئي، على عكس ما كان متوقعاً في مثل هذه الحالات، ثم خضعت لعملية جراحية لإزالة الورم، وتعافيت من المرض، والحمد لله.
كيف أثرت تلك التجربة في شخصيتك؟
زادتني هذه التجربة إيماناً وثقةً بالله، وخرجت منها بفضل الله أقوى وأكثر إصراراً، ورغبة في التعلم والإنجاز.
بأي الكلمات تودين أن تختمي هذا الحوار؟
شكراً على هذا الحوار الممتع، وأنا ممتنة لمجلة «زهرة الخليج» لاستضافتي هذه، حيث أتاحت لي الفرصة للتعريف بمبادرة «كياني»، والمساهمة في نشر رسالتي للمرأة بأن مرحلة التقاعد فرصة ثانية لعيش أفضل أيامنا القادمة، وهي رحلة ممتعة لاكتشاف ذواتنا المتجددة والنابضة بالحيوية والنشاط؛ وأن التقاعد ليس نهاية المطاف، بل هو بداية جديدة لحياة مختلفة، حافلة بالإنجاز والتميز.