#تحقيقات وحوارات
إشراقة النور 7 أغسطس 2022
السفر لدى الرحالة الكويتي، مساعد المجرن، يعني المغادرة بتذكرة وحقيبة، والعودة بدواخل ثرية، وثقافات مختلفة من الألوان والأصوات والنكهات، التي يجب اكتشافها حول العالم، وهو بالنسبة له ليس رحلة بحث عن جديد فحسب، بل هو اكتساب مزيد من الوعي بالنفس. ومن خلال مدونته، على التواصل الاجتماعي، يشارك الآخرين تعلم تجارب العيش دائماً بأفق مختلف، ومن كل مكان يزوره يهديهم طيفاً لا مثيل له من المواقع المذهلة، والتصوير الفوتوغرافي الماهر، فضلاً عن حكايا وقصص رائعة، تفتح العقل، وتجعلك مواطناً عالمياً بهوية إنسانية.
• متى بدأ اهتمامك بالسفر؟
- شغفت بالتاريخ، والاطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى والحضارات القديمة منذ صغري، ثم انخرطت في دراسة الخرائط حتى استحوذت على جلّ اهتمامي، ويمكن القول بأنني بدأت السفر بوعي منفتح ورغبة في الاكتشاف، بعد أن بلغت سن الـ23. وأنا في الأصل مهندس بترول، وعملت في هذا المجال لمدة 10 سنوات، اكتشفت بعدها أن الهندسة ليست مبتغاي، وأن السفر هو حبي الحقيقي؛ فشرعت في إعادة ترتيب ظروفي وفق هذا الشغف؛ حيث طلبت إجازة من العمل لمدة سنة امتدت لست سنوات؛ وأنا الآن أعيش حياتي بصورة ممتازة من الناحية المادية والمعنوية.
• ماذا يمثل الترحال بالنسبة لك؟
- يسافر الناس لأسباب عدة، لكن السفر بالنسبة لي نمط حياة، فحتى في الفترة القصيرة التي أقضيها بالكويت أكون مشغولاً بالاستعداد للأسفار التي تليها؛ ذلك أن السفر من منظوري الخاص هو مصدر معرفي متكامل، وشغف وجودي يكسبني معنى للحياة، ولا أميل لأن أصنف نفسي في أي فئة تحترف السفر، من حيث حب المغامرة أو السياحة أو الترفيه أو تسلق الجبال أو التعرف على الفنادق؛ لذلك أعرف حبي للسفر بأنه هواية «كلية الأهداف»، تدفعني لأن أتعرف على وجهاتي التي أقصدها بشكل كامل ومن مختلف النواحي، ما أكسبني خبرة بإدراك إمكانات الدول التي أتوجه إليها.
مهندس رحلات
• حدثنا عن ذكريات أول رحلة لك.. إلى أين؟
- أول رحلة لي كرحالة كانت إلى المغرب سنة 2006 مع صديق، وإلى اليوم لايزال صدى تلك الرحلة يتردد في ذاكرتي، فقد جربت فيها مقدرتي على التخطيط، ولقد تميزت هذه الرحلة بقصر مدتها (أسبوع)، لكنا لمسنا فيها مختلف نواحي الحياة في البلد، وثقافة سكانه.
• تعرف نفسك بأنك مهندس رحلات.. فماذا تعني هذه العبارة؟
- كتبت عن نفسي مهندس رحلات لأني أحببت الهندسة؛ فهي طريقة في التفكير استفدت منها كثيراً في تخطيط أسفاري، وتصميمها وإدارتها، فألهمتني هذه الخلفية الكثير في مجال الرحلات.
• أي نوع من السفر تفضل.. براً أم بحراً أم جواً؟
- أنا إنسان بري؛ لذلك أحب السفر عبر الطرق البرية، فكلما كان السفر أبطأ كان التفتح واكتساب الخبرات أكبر.
• ما الرحلة التي أثرت فيك، أو التي ميزت بطريقة ما حياتك كمسافر، ولماذا؟
- أول ما فعلته بعد أن تركت القطاع النفطي، درست اللغة البرتغالية، ثم سافرت إلى البرازيل، فمكثت فيها ثلاثة أشهر، زرت خلالها أكثر من نصف مساحتها، وكانت تجربة جميلة، هذه الرحلة جعلتني أكتشف أشياء لم يكن لي أن أتعرف عليها وأنا في بلدي؛ لذلك لم أندم على تركي مجالي. فقد نقلتني من التفكير الهندسي المحسوب إلى التعامل المباشر مع الروح، وبدأ استكشافي للبرازيل من شمالها، فمررت بسواحلها حتى الجنوب إلى «ريو دي جانيرو»، حيث تعلمت درس الاختلاف في الأجناس البشرية، والتنوع، وأنماط الحياة والثقافات وبساطة الناس؛ لأدرك بعمق أن المادة ليست هي كل شيء، بل المعنى الروحي يهيمن على السعادة؛ فأحسست أكثر بقيمة البشر، وقيمة الحوارات مع الناس بالمجمل، وشعرت بقيمة الحياة.
وجهات مختلفة
• هل تختلف وجهات السفر للرجال عن النساء؟
- سفر المرأة معقد قليلاً من ناحية الترتيبات، لكن ذلك لا يقيدها في الاستمتاع به؛ فليس من العدل أن يفعل الرجل شيئاً، ولا تفعله المرأة.
• ما مكانك المفضل من بين أسفارك، وأين تشعر بأنك في المنزل؟
- في الصيف البرتغال، وفي الشتاء البرازيل؛ فالبلدان يتكلمان اللغة البرتغالية، وأفضل هاتين الدولتين لأن لديَّ أصدقاء كثراً فيهما، ولجمالهما وأسلوب الحياة المتفرد فيهما.
• أخبرنا عن حكاية في السفر لاتزال تضحك عليها، وتود أن تنساها؟
- كنا في مطعم راقٍ بالبرتغال، وأحببت أن أمارس لغتي البرتغالية التي تعلمتها حديثاً؛ فأردت أن أطلب خبزاً، لكن هذه الكلمة تنطق بطريقة وتكتب بأخرى، وتدل على معنيين مختلفين تماماً فـ«مات» الحضور والنادل من الضحك، ولايزال أصدقائي حتى يومنا هذا يذكرونني بها على سبيل الممازحة.