#مقالات رأي
د. شما محمد بن خالد آل نهيان 4 سبتمبر 2020
انتهيت من كتاب في مدح الحب لـ»آلان باديو» وهو عبارة عن أسئلة وإجابات تبرز فلسفة باديو في الحب.. أتعبني كثيراً التفكير في فلسفة الحب والحقيقة، وترك أسئلة كثيرة حائرة في ذهني وفتح لي زوايا أخرى مختلفة على فضاء تلك العلاقة الإنسانية المعقدة والبسيطة في آن واحد. هو منسجم من خلال فلسفته ولكن بالنسبة للقارئ يجد أن هناك الكثير من الأسئلة المفتوحة.. باديو لديه فكرة مركزية تقول إن الحب بالنسبة له انتقال من رؤية الشخص الواحد الفرد للعالم إلى رؤية فردين توحدا على رؤية العالم والانتقال من الواحد إلى الاثنين، وإن الحب عنده ليس لحظة الحب بل هو سياق أي أنك أنت والآخر تعيدان إنتاج الأحداث وقراءتها أي أنكما تعيدان إنتاج العالم.
خلال رحلتي مع الكتاب تأملت وراودتني مجموعة من الرؤى والأفكار، ألخصها في السطور التالية:
دائماً في قصص الحب يتحدثون عن بداية الحب وأنهم عاشوا سعداء وانتهت القصة أو أن يموت أحد الحبيبين فتصبح أسطورة أو أن يواجه الحبيبان عقبات كثيرة وتنتهي القصة بالفراق وتصبح مأساة إلى آخر تلك الصور الحياتية للحب. وهنا أقف أمام فكرة دائما تشغلني وهي حصر الحب بين شخصين وانظر للحب من زاوية أكثر اتساعا لأرى أن الحب هو كل ما يربطنا بمن حولنا من المجتمع بل وما يربطنا أيضا بما حولنا من موجودات أخرى في الحياة وإن تحدثنا عن الحب كعلاقة إنسانية تربط بين فردين فكثيرا ما نربط ما بين الحب والصدق وهل ثمة علاقة ما بين الحب ومقدار الصدق في التعبير عن حقيقة الأشياء والأفكار ما بين المحبين.. قد يدفعنا الحب أحيانا إلى أن نخبئ بعضاً من الحقيقة أو نعيد تغليف الحقيقة في صورة غلاف مختلف لكن يبقى محتواه هو الحقيقة ودائما تكون الدوافع لذلك إما الخوف على الآخر أو الخوف من فقد الآخر، لكن تبقى الإشكالية حول مدى أخلاقية تلك الأغلفة التي نغلف بها الحقيقة.
نتحدث عن بداية الحب وروعتها ونهاية الحب بكلتا الحالتين سواء الحالات الرائعة أو الحالات المأساوية ولكن قليلاً ما نتطرق إلى كيفية استمرار هذا الحب وكيف نعيش بسعادة؟ نحن علمنا أولادنا أن يحبوا ويتزوجوا ولكن هل علمناهم أن يعيشوا بالحب والسعادة؟ لذلك نجد كثيرا ممن يتزوجون عن حب، ورغم الحب، يعيشون في تعاسة، لأنهم عرفوا كيف يحبوا وكيف يتزوجوا ولكن لم يتعلموا كيف يكونوا سعداء.. هنا الإشكالية التي لا يدركها الكثيرون أن الزواج ليس نهاية القصة بل هو الفصل الثاني من القصة.. هناك نماذج حققت تلك الرؤية هؤلاء هم من أدركوا أن الحب يريد عدة عوامل ليعيش ويستمر، من أهمها إدراك أن الحياة تشاركية متوازية بين طرفين لهم هدف واحد، هذا الهدف يمثل أهم دافع لاستمرار الحب وهو الحلم في الغد ودائماً هناك أمل وحلم بالأفضل من ثم يترتب على هذين العاملين والكثير من العوامل الأخرى أهم داعم لبقاء الحب حياً، وهو بناء الحلم المستمر بمستقبل أفضل، في ظل رحلة تشاركية وإدراك السعادة، وبدونهما لا يعيش الحب، فالحب وقوده الحلم والسعادة، وأيضا الصدق.