د. سعاد محمد المرزوقي 29 سبتمبر 2019
تجلس في غرفة الانتظار في إحدى العيادات، تنتظر دورها لدخول عيادة الطبيب حتى يطلعها على نتائج الفحوص الطبية التي أجرتها منذ ثلاثة أيام، والتي لم تخبر أحداً من أبنائها بها حتى لا تشغلهم. وخلال دقائق الانتظار التي كانت تسير ببطء شديد، كانت شاردة في السيناريو الذي يدور في عقلها عما سيخبرها به، فوجئت بإحدى النساء التي تبكي وهي في شبه حالة انهيار، حيث استقبلت خبر إصابتها بسرطان الثدي. أخذت نفساً عميقاً واستندت إلى ظهر المقعد الجلدي بكل ثقلها، ولفت جسدها بذراعيها وكأنها تحاول احتضان نفسها، تعاطفت مع المرأة، ولكنها لم تحاول التحدث إليها لأن وضعها النفسي صعب جداً، فقد لا يكون من المناسب التقرب منها، لأنها في وضع حساس ومؤلم ومفاجئ.
تعب
دقائق وسمعت اسمها لدخول غرفة الطبيب، شعرت بتعب شديد، وكادت تسقط رعباً. استقبلها الدكتور وعلى وجهه ابتسامة شفقة وكادت الممرضة تحضنها، فطلبت منها الجلوس، وبالفعل جلست لتستمع لتشخيص الدكتور، في الوقت الذي تشعر فيه بأن قلبها سيتوقف، بدت أنفاسها تتسارع، فطلب منها الدكتور الهدوء، وسألها إذا جاءت للعيادة مع أحد أبنائها أو أقاربها، فبدت تتأكد أن هناك مسألة جدية، وبشكل سريع قالت للدكتور: «أرجوك دكتور أخبرني ما هو التشخيص، فأنا مؤمنة بقضاء الله ولديّ القدرة لاستقبال نتائج الفحوص وما هو مرضي، هنا تعاطف معها الدكتور وهو يخبرها عن إصابتها بمرض السرطان، الذي أصاب البنكرياس ولها الحق في إعادة الفحوص للتأكد. أغمضت عينيها وقالت «الحمد لله». صمت الطبيب، ابتسمت له وغادرت الغرفة وهي تسير ببطء من هول المفاجأة».
أفكار شاردة
في طريقها للبيت وهي تجلس على المقعد الخلفي للسيارة، شرد خيالها نحو الشوارع والسيارات والأشجار على جوانب الأرصفة، وتساءلت هل سيضعفني المرض أم سأكون الأقوى؟ وكم سأعيش؟ ومتى سأغادر الحياة؟ توقفت وكأنها تخاطب الإنسان الذي بداخلها: هذا الأمر بيد من خلقنا وليس بيدي، ولكن ما عشته وما فات فقد كان بيدي وبيد من أسهم في مسار حياتي.
وفجأة.. أمسكت بيدها دفتر الملاحظات الذي تضعه في حقيبتها دائماً، علها تسجل به موقفاً حدث أو عبارة، وبدأت تكتب عبارات مختصرة تعبر عن حياتها الطويلة والجميلة، والتي لن يهزمها مرض مهما كانت سلطته عليها، وكتبت:
• أُثرِيَت حياتي بأشخاص ربطتني بهم علاقات إنسانية مميزة، فلم أكن وحدي يوماً، دائماً هناك أشخاص في حياتي أكن لهم الحب، فقد كانوا دائماً هناك، ساعدوني وشدوا من أزري، أعادوا لي الثقة بحالات الضعف، وقضوا معي أوقاتاً جميلة نَسَجت بذاكرتي الفرح والبهجة.
• كنت أشعر في معظم أيام حياتي بالراحة والبهجة، وإن رُمِيَت أمامي بعض الحجار والعقبات إلا أنها كانت قليلة جداً.
• كان لي والدان علماني الحب والعطاء والفرح وتقبل الآخر والشُّكر، وجنباني الغيرة والحقد والتكبر والخوف والضعف.
• لا شك سأبدأ رحلة حياة جديدة، ولكنها ستكون مليئة بالقوة والضعف، والفرح والحزن، والضحك والبكاء، والصحة والمرض.
استشارة
* أنا خريجة جامعية وحاصلة على تقدير مرتفع، ولكنني لم أُوفق حتى الآن في الحصول على وظيفة، على الرغم من أن تخصصي مطلوب في سوق العمل، والسبب هو فشلي الدائم في المقابلة، لأنني لا أعرف كيف يمكنني التحدث عن نفسي، فأنا لا أجيد الإجابة عن هذا السؤال، كيف يجب عليّ أن أتصرف؟
- للإجابة عن عبارة «حدثينا عن نفسك» عليك أن تركزي بالحديث عن المهارات التي لديك وباختصار، كما يمكنك ذكر الخبرات إذا كانت لديك أو التجارب أو التدريب، إذا كان في مجال الوظيفة المطلوبة.
ولكن إذا ذكروا عبارة «حدثينا عن شخصيتك»، فهنا عليك التحدث عن السمات الشخصية، كأن تتحدثي عن إيجابياتك والمهارات في التعامل مع الآخرين على سبيل المثال.