#صحة
نوال نصر 29 نوفمبر 2018
يقول المثل الشعبي: «صحة الإنسان من صحة الأسنان»، الأسنان هي التي تعطي منظرا جميلا للإنسان وتساعده في نطقه وتناول طعامه، فهل يكفي معجون وفرشاة وخيط، لنُبقي على أسناننا سليمة وأجسادنا معافاة؟
إنها أصغر أعضاء الجسم حجماً، لكنها من أهمها، ولا يعرف قيمتها إلا من فقدها. إنها الطاحونة التي تؤثر مباشرة في عمليتي التغذية والنمو. ولها تأثير آخر نفسي يجهله أو يتجاهله كثيرون. فالابتسامة هي ورقة عبور اجتماعية مؤثرة في العلاقات العامة. فهل تتخيلون ابتسامة تفتر عن ثغر تحته أسنان مبعثرة؟
سبب خسارة الأسنان الأول في العالم هو الإهمال لا التقدم في العمر، والاهتمام بها يُنجيها من مصير غير معلوم. طبيب الأسنان الدكتور كمال صليبا يشرح مسار السنّ وبنود الوقاية والحماية من الألف إلى الياء: التسوّس له أسباب، وسوسة السن ليست نفسها السوسة التي نراها بالعين المجردة في أصناف الحبوب مثل الأرز والعدس والحمص. سوسة السن لا تنتج عن مكون حيوي معين بل بسبب اختمار بقايا المأكولات في الفمّ وتراكمها واختلاطها بميكروبات موجودة في الفم، مما يؤدي إلى منتجات أسيدية تسبب تآكل السن وهذا يسمى طبياً: تسوس الأسنان.
قواعد السلامة
تعدّ قلة النظافة، بعد تحييد الأسباب الوراثية والتكوينية، سبباً في تسوّس الأسنان. صحيح أن لا شيء يحمي مئة في المئة، واستخدام الفرشاة بشكل مستمر قد لا يمنع حدوث إصابات تسوس، لكن النظافة تبقى أساسية، إضافة إلى متابعة طبيب الأسنان مرتين على الأقل سنوياً. هناك من يحرصون على اختيار المعجون الأغلى ثمناً، ظناً منهم أنه الأفضل. لهؤلاء نقول إن كل أدوية الأسنان تشبه إلى حد كبير بعضها، لكن يمكن لطبيب الأسنان تفضيل معجون، في حالات خاصة، على معجون آخر، بعد تشخيص الحالة. يُنصح مثلاً بمعجون ملائم أكثر لحساسية الأسنان أو يحمي من التهاب اللثة أو تكون فيه نسبة الفلورايد عالية. أما في الحالات الأخرى العادية فأي معجون يكفي، حتى الصابون قد يحمي، المهم القيام بتنظيف الأسنان من تراكمات الطعام، مثلما يُنظف الإنسان اليدين وأواني الطعام بعد كل وجبة يتناولها.
لا بدّ من الخيط
فرشاة الأسنان مهمة، لكن استخدام الخيط أهم، وهو بات يُستخدم في المجتمعات المتقدمة بشكل طبيعي، بعدما تبين صعوبة وصول الفرشاة إلى أماكن داخلية، بين الأسنان، واقتصار عملها على سطح الأسنان، مما يُبقيها عرضة لبقايا أطعمة تراكمت بينها. ويُفترض استخدام الخيط كما الفرشاة بعد تناول كل وجبة طعام، لأن أسناننا في كل مرة نمضغ فيها طعاماً تحتفظ ببقايا دهون في حرارة أفواه تصل إلى 37 درجة مئوية، مما يجعلها تختمر، وحين نعود لنأكل ونمضغ أنواعاً جديدة في مناخ فموي سيئ وسخ ومثقل ببقايا اختمرت من وجبات سابقة تبدأ الفيروسات بالتحرك وتولد الأمراض ورائحة الفم المقرفة.
تبقى إمكانية تسوس الأسنان قائمة حتى لو وفرنا كل مقومات النظافة، وهنا يأتي دور الطبيب المعالج الذي تقع عليه بدل المهمة اثنتان: الوقاية أولاً عبر متابعة المريض مرتين على الأقل سنوياً. وعلاج أي تسوس ثانياً بالسرعة المطلوبة للحد من تمدد الحالة ووصولها إلى العصب وتآكل السن. ومعلوم أن أي إهمال يؤدي إلى تكوين ميكروبات يسهل عبورها من الفم، عبر الأسنان، إلى مختلف أنحاء الجسم وتسببها في أحيان كثيرة بأخطار صحية متنوعة.
سوء تغذية
إهمال تسوس الأسنان قد يؤدي إلى أمراض في القلب، حيث إن هناك علاقة مباشرة بين التهابات الفم والتهابات الجسم. ناهيكم عن مشكلة سوء التغذية بسبب عجز من يعاني آلاماً في الأسنان عند مضغ ما يأكل بشكل سليم وبلع الطعام قبل أن يكون قد أصبح جاهزاً للبلع والهضم وقبل أن يختلط بالريق، الذي هو أمر أساسي، بسبب طبيعة مكوناته في عملية الهضم. ويحدث الخلل بمرور الأطعمة «ترانزيت» من الفم إلى المخرج من دون أن يستفيد الإنسان من قيمته الغذائية، ما يسبب سوء التغذية ويؤدي إلى حدوث فقر في الدم ومشاكل في الجهاز الهضمي.
تؤدي الأمراض التي تصيب الفم والأسنان أيضاً إلى خلل في إطباق الفكين على بعضهما مما يؤثر في اللفظ ويسبب صداعاً متكرراً ودواراً وخللاً في النظر والرؤية. ويعاني الإنسان في مثل هذه الحالات، حين يتكلم، تطاير الريق من فمه. وهذه طبعاً مشكلة اجتماعية حقيقية.
اللثة تتأثر بدورها بإهمال صحة الفم لأن بقايا الطعام تسبب ما يُشبه «الكمخة» التي تتراكم على الأسنان وتتخمر وتسمح للمواد الكلسية الموجودة في الريق بأن تتراكم أيضاً، مكونة الجير الذي يحاول أن يدفعها ليحتلّ مكانها. واللثة، بطبيعتها، تهرب منه كونها تحب النظافة وتخشى من الأوساخ.
رائحة الفم
هي مشكلة حقيقية تواجه الكثيرين، وحلها لا ولن يكون بتناول حبة سكاكر منكهة. المسألة أكبر من ذلك لأن الضرس المسوس يُصبح خزان ميكروبات تنتج إفرازات أسيدية في حرارة 37 درجة. ورائحة هذه الإفرازات تُشبه رائحة أطعمة متنوعة تضعونها خارج البراد، مدة 24 ساعة، ثم تحاولون تنشقها. رائحتها لا تطاق.
الفم الذي هو خزان بقايا الأطعمة المتراكمة بين الأسنان تنبعث منه، في حال أهمل، رائحة تولد نفوراً شديداً من دون أن يشعر الإنسان غالباً بوجود هذه المشكلة. فهو لا يتنشق رائحة فمه غالباً. قد يكون سبب رائحة الفم وجود خلل في المعدة ووحده الطبيب قادر على التشخيص الصحيح.