يُعتبر طلب المساعدة من الآخرين أمراً صعباً على الكثيرين لثلاثة أسباب، وهي:
أولاً، أنه ينظر إلى طلب المساعدة على أنها ضعف أو جهل.
ثانياً، يخاف الكثيرون من الالتزامات التي ستترتب على الطلب، والاضطرار إلى سداد هذا الدين يوماً ما، مع عدم استطاعة تنفيذ السداد.
ثالثاً، القيم الاجتماعية التربوية التي تشدد على الاعتماد على النفس، وأن هذا من صفات الأقوياء والناجحين. ولكن في هذا العصر ليس في وسع الإنسان أن يكون ناجحاً من دون أن يطلب ما يحتاج إليه.
وهنالك خمسة أسرار لكيفية طلب الدعم من الآخرين بطريقة صحيحة، إذا لم تتبع هذه الأسرار ربما ينفرون منك، ولا يحققون لك ما تريد، وهذه الطرق هي:
1 - اختيار التوقيت المناسب:
إذا كان من تريد طلب مساعدته منهمكاً في العمل، ولديه الكثير من الضغط، ربما يكون من الأفضل تأجيل سؤاله حتى يفرغ، فلا تتوقع أن يستجيب لك مباشرة حين تطلب منه، الوقت مهم للغاية لطلب المعونة من الآخرين. أما في حال طلبك من شريك الحياة فتحذر الدراسات النفسية من سؤاله القيام بشيء هو بالفعل يقوم به من دون طلب منك، فمثلاً إذا كان يهم بإخراج القمامة، فلا تقولي له: هل من الممكن أن تخرج القمامة؟ سوف يشعر بأنك تخبرينه ما يجب عليه فعله.
2 - استخدام الأسلوب غير الآمر:
إذا كان طلبك أمراً أو يشبه الأمر، فغالباً سيشعر من تريد منه شيئاً بالضيق، وربما الإهانة، احرص على انتقاء ألفاظك وأنت تطلب أي شيء من الآخرين. ولا تستخدم افعل ولا تفعل.
3 - الطلب بإيجاز واختصار:
تجنب ذكر الأسباب التي من أجلها يجب أن يساعدك من تطلب منه المساعدة، افترض أنه ليس من الواجب عليك إقناعه، لأنك كلما أسهبت وأطلت في توضيح موقفك، كانت مقاومة الآخرين لمساعدتك أكبر، فالشروح الطويلة، لتأييد طلبك تجعل الآخر غير ذي ثقة في نظرك، وكأنك لست متأكداً أنه سوف يساعدك، وسيشعر بأنك تتلاعب به، بدلاً من أن يقدم دعمه بحرية. فأنت حين تكون مستاء، لا ترغب فيمن يقف إلى جانبك أن يذكرك بكل الأشياء التي عندك، والتي من أجلها يجب أن تكون سعيداً، كذلك الآخرون لا يريدون أن يستمعوا لقائمة التبريرات التي تبيّن السبب الذي من أجله أن يلبّي الطلب.
في العلاقات الزوجية، تعطي المرأة الكثير من التبريرات لحاجتها إلى مساعدة الشريك في أمر ما، وتعتقد أن ذلك يجعل طلبها للمساعدة أكثر صدقاً مما يدفع الشريك إلى المساعدة، ولكن ما يصل إلى الرجل من كثرة التبريرات رسالة مفادها: (أنت يجب أن تقوم بذلك للأسباب الكثيرة التي قدمتها)، عليك أن تعرفي أنه كلما زادت قائمة التبريرات، كانت فرصة دعمك أقل، في حال سألك شريكك، لماذا تطلب المساعدة، يمكنك ذكر الأسباب ولكن بإيجاز، درّب نفسك على الثقة بأنه سيقوم بذلك، إذا كان هذا ضمن استطاعته.
4 - اعتماد الأسلوب المباشر:
كثيراً ما يظن البعض أنه قد طلب الدعم من الآخرين، لكنه في الحقيقة لم يفعل، فحين تتحدث عن مشكلتك أمام أحدهم، وتتوقع منه أن يفهم ما تريد، وتقديم دعمه لك، وتتجاهل أن تطلب ذلك صراحة، فأنت لم تطلب الدعم ولم تصل رسالتك إليه بهذه الطريقة. إنّ الطلب غير المباشر في حقيقة الأمر يتضمن طلبك، ولكنك لم تقل ذلك مباشرة لشريكك، في حين غير المباشرة تجعل الآخرين يتعاطفون معك أحياناً، لكنهم لا يقدمون لك الدعم الذي تريده، والعبارات التالية أمثلة على الطلبات غير المباشرة، وكيف يمكن أن يفهمها الآخرون، والطريقة الصحيحة لطلب المساعدة:
حين تقول المرأة: «الأطفال في حاجة إلى من يُحضرهم من المدرسة»، ما يشعر به شريكك حين يسمع هذه الجملة هو: «يجب أن تُحضر الأطفال، وإلا فإنني سأكون مستاءة منك». أما ما يجب أن تقوليه في هذه الحالة بإيجاز: «هل لك أن تحضر الأطفال من المدرسة؟»، إنه سؤال مباشر، سيتقبّله الشريك ويفهمه كما هو وينفّذه إن استطاع.
حين تطلب من شريكك أن يصطحبك للعشاء في الخارج، تقول: «ليس لديّ وقت لإعداد طعام العشاء»، لكن ما يسمعه شريكك من كلماتك هذه، أنك قد قمت بأعمال كثيرة خلال اليوم، وأقل ما يمكن أن يقوم به تجاهك أن يأخذك للعشاء خارج البيت (وهذا شعور منك بالسخط)، ولكن ما يجب أن تقوليه بإيجاز هو: «هل لك أن تأخذني للعشاء خارج البيت»، إنّ مثل هذا الطلب قابل للتنفيذ، وليس فيه أي تعقيد لا يفهمه شريكك.
عندما تقولين لشريكك: «يجب أن نتكلم»، ما يسمعه شريكك حين تستخدمين هذه العبارة غير المباشرة: «نحن لم نتكلم بما فيه الكفاية، ويجب أن تتكلم معي أكثر من ذلك» وهو (شعور بالاستياء)، ولكن ما يجب أن تقوليه بإيجاز ومباشرة، هو: «هل لك أن تحدد بعض الوقت للتحدث معي».
5 - استخدام كلمات لا تحمل معاني:
أكثر الأخطاء شيوعاً في طلب الدعم هو استخدام عبارات مثل: (هل تستطيع؟ هل تقدر؟ بدلاً من: هل لك أن تفعل؟ وهل ستفعل؟) عبارة هل تعرف صنع كذا.. بدلاً من هل لك أن تصنع كذا. فالنساء بصفة عامة يستخدمن كلمة: هل تستطيع؟ للدلالة بطريقة غير مباشرة على حاجتهن لأن يفعل لهن أمر ما، وهنّ يقصدن بهذه العبارة: هل لك أن تفعل؟ ولكن عليك الانتباه أن استعمال مثل هذه الجمل من حين إلى آخر يمكنها أن تمر في سياق الحديث من دون ملاحظة، والأفضل طلب المساعدة مباشرة بأسلوب: هل لك أن تفعل كذا؟ تعتقد المرأة أن عبارات مثل: «هل تستطيع فعل كذا؟»، بأنها بهذه الجملة تكون أكثر تأدباً، وعلى الرغم من أن هذا ينفع حين تطلب ذلك امرأة من امرأة، أو رجل من امرأة، ولكنه لا يجدي نفعاً حين يُطلب من الرجل بصورة دائمة، لأن كثيراً من الرجال يعتبرون جملة هل تستطيع إهانة، وربما لا يُجيب طلبك.