رينا مرقص الدويهي 17 يونيو 2018
إلى العمل تتوجه رنا كل صباح، حالها حال كل شابات لبنان وشبانه، إلا أنها اختارت مهنة لطالما كانت محسوبة على الرجال. رنا حايك تعمل منذ أعوام في كراج لتصليح السيارات شرق العاصمة اللبنانية بيروت ضاربة عرض الحائط بكل العادات والتقاليد، في سبيل تحقيق حلم راودها منذ الصغر. بشغف وابتسامة لا تفارق ثغرها، تنهمك رنا باحثة بين زحمة البراغي وتعقيدات المحرك وكل التفاصيل الميكانيكية عن الأعطال، تعاين عن كثب وتحاول توظيف ما تعلمته في الجامعة، هي التي درست هندسة الكهرباء، وما اكتسبته من خبرة في مراكز الصيانة منذ ستة أعوام لإيجاد الحل. صعوبات البداية وتغيير الصورة النمطية للنساء تعشق رنا السيارات وتحلم منذ كانت صغيرة، باكتشاف أسرار الوسيلة التي تتنقل بها. أمام إصرارها خضع والدها واصطحبها لتعمل في كراج صديق له، معتقداً أن طبيعة العمل على الأرض ستكون كفيلة بعدولها عن رأيها واتجاهها إلى اختيار مهنة أخرى. وهنا تروي رنا حادثة زادتها عزماً على إكمال الطريق وتقول: «بعد أسبوع طلب صاحب الكراج من والدي التوقف عن اصطحابي لأن العمال في محله لا يركزون في عملهم، ولأن وجودي يشكل لهم مصدر إلهاء، هذا الأمر أزعجني كثيراً لكنه في الوقت نفسه زادني ثقة وإصراراً على كسر هذه الصورة النمطية للمرأة وتأكيد أن هذه المهنة ليست عيباً أو حراماً». «ناعمة وجميلة.. مكانك ليس هنا» لا تنكر رنا دهشة واستغراب الناس في البداية وتقول إن بعضهم «يخاف تسليمي سيارته وكأنه يخاف عليها مني، أما البعض الآخر فيظن أنني في الكراج مع والدي، ولكن زبائن المحل اعتادوا تدريجياً على الموضوع وكما كل شيء في الحياة هناك من يؤيد الفكرة ومن يعارضها، هناك من يشجعني وهناك من يقول لي هذه المهنة لا تليق بكِ، أنتِ ناعمة وجميلة ومكانكِ ليس هنا». «الرجل ليس منافسا بل شريك» تتحمل رنا صعوبات المهنة وتحدياتها وتستعين بزملاء لها عند الحاجة وتعتمد في غالب الأحيان على نفسها، خصوصاً أن التطور التكنولوجي والمعدات الحديثة باتت تسهل عليها الأمر وتخفف الحاجة إلى الجهد الجسدي. وإلى هذا وذاك لا تعتبر رنا أن الرجل منافس لها في هذه المهنة بل شريك تعاونه وتستفيد من خبراته. لا تخجل رنا من وظيفتها ولا تكترث لثيابها التي تغزوها الشحوم ولا ليديها اللتين تلوثتا بالزيوت «فجمال المرأة وأنوثتها ليسا عائقاً أمام تحقيق أحلامها». هي تهتم بأظفارها، ترتب شعرها، تضع قليلاً من المكياج وتحاول قدر المستطاع أن تبدو مرتبة. وعن انعكاس طبيعة عملها على حياتها الشخصية، وتحديداً علاقتها بالرجل، تقول رنا إنها عاشت رفضاً من شبان، وشهدت ردود أفعالهم السلبية ما إن علموا أنها تعمل في كراج لتصليح السيارات، غير أنها وفي الوقت نفسه صادفت شباناً يجدون بينهم وبينها قاسماً مشتركاً كبيراً، ألا وهو حب السيارات. ..البورش اختصاصها.. والآن إلى الرالي أصبحت رنا اليوم متخصصة في تصليح السيارات من نوع بورش تحدد العطل بسرعة، وتصلحه بدقة فائقة، وهي تتدرب راهناً مع البطل اللبناني في سباقات السيارات روجيه فغالي، موضحةً أن سيارات الرالي مختلفة عن السيارات العادية، و«لكنها تجربة جديدة وجميلة»، فالمرأة تنافس الرجل بأشياء كثيرة. وفي الوقت الذي ينتقدونها ويقولون إنها «فاشلة في القيادة» أثبتت الفرنسية ميشال موتون العكس وقادت أفضل من الرجل.