#ثقافة وفنون
لاما عزت 2 يونيو 2018
تستفيد الدراما التاريخية في مسلسل "المهلب بن أبي صفرة: فارس من دبا" من أحداث وسياقات وشخصيات، لتعيد رواية قصة بطولة بسردية فنية مدهشة، تحفر عميقاً، للتنقيب عن تفاصيل وصور وكنوز. المسلسل في ثلاثين حلقة، أنتجته شركة "أبوظبي للإعلام"، ويروي سيرة القائد الأموي المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وحياته، وحكمه، والعمل من كتابة محمد البطوش، وإخراج محمد لطفي. المهلب (632-702 م) أبرز ولاة الأمويين على خراسان، ويحتفظ له التاريخ بنجاحات لافتة في بسط نفوذ الدولة الأموية على إقليم الصغد، وجرجان، وطبرستان، مثلما يُسجل له مشاركته في تمدد الأمويين إلى الهند، وبقاع أخرى. المسلسل، يُبرز الدور الفعّال الذي نهض به المهلب في الحرب على حركة الخوارج بدءاً من عام 685م، في البصرة والأهواز وبلاد فارس، وتمكنه من طردهم من البصرة. العمل الذي تبثه قناة "أبوظبي" حصرياً، توخى التركيز على شخصية البطل، وسمات القيادة، والذكاء، والحنكة، كما أعاد قراءة تاريخ المهلب والحقبة التاريخية القلقة التي عاشها، وشكلت بطولته، مبرزاً قيماً إنسانية أساسية كالتسامح، والاعتدال في الحرب والسلم. الإمكانات الإنتاجية العالية، والكتابة التاريخية خدمتا العمل إلى الحد الذي جعله من أكثر الأعمال الدرامية الرمضانية متابعةً واهتماماً خلال رمضان، مع تميز كوادر المسلسل في التمثيل والإخراج والتقنيات البصرية المدهشة. وعلى الرغم من أن الدراما تتخيل التاريخ، وتُقاربه فنياً، إلا أن ذكاء المعالجة لفترة من الاضطراب السياسي، منحت المتلقي مجالاً لفهم التاريخ، في سياقيه الزمني، والثقافي، وليس من منظور الحاضر، فحركة الخوارج، مثلاً، تكررت بعد وفاة المهلب بن أبي صفرة في أشكال ومضامين أكثر توحشاً، لكن المهم أنها، مثل غيرها، ليست سوى ظلام عابر ماضياً وحاضراً، وعبرت بعده الشعوب إلى واقع أفضل.