رزان الحسيني 15 مارس 2014
"من يقرأ، يعش الحياة آلاف المرات، أمّا من لا يقرأ فلا يعشها إلا مرة واحدة". قراءة الروايات تُحدث تغييرات في الدماغ. هذا ما خلصت إليه دراسة جامعة Emory الأميركية حول تأثير قراءة القصص على الدماغ. وهذا الأمر ينطبق على مقولة الأديب والمفكر المصري عباس محمود العقاد حين قال "أهوى القراءة لأنّ عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني".
مقولة عادت لتثبت مصداقيتها بعدما إكتشف العلماء أنّ الاستمتاع بقراءة قصة يمكن أن يُحدث تغييراً ملموساً في الدماغ من خلال تغييرات بيولوجية على مستوى الوصلات العصبية، وهو ما يزيد من نشاط بعض أجزائه بعد قراءة الشخص لرواية معينة.
العروس والقراءة
تفاصيل وحيثيات الدراسة الأميركية الجديدة نفصّلها في ما يلي للعروس المقبلة على الزواج التي تزعم أنّ الشعور بالتعب والقلق والتوتر وربما الإكتئاب خلال مرحلة الإعداد والتحضير لحفل الزفاف أمر لا مفر منه.
لكن ماذا لو أثبتنا أنّ قراءة رواية معيّنة خلال التحضير لحفل الزفاف من شأنها إحداث تغييرات حقيقية في مزاجك لتتعدى فوائد المطالعة المتعة إلى العيش مع أبطال الرواية نفسها.
التجربة أصدق دليل
تقوم تجربة الدراسة التي تجمع بين العلوم الإنسانية وعلم الأعصاب على إخضاع ما يقارب 20 مشتركاً من طلبة الجامعة لفحص للدماغ بأشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي على مدى 19 يوماً.
وقد طُلبَ من الطلاب قراءة قصة فيلم كتبها روبرت هاريس عام 2003 بعنوان "Pompeii بومبي". تدور أحداث القصة الدرامية المليئة بالحركة والإثارة في منطقة بركان جبل فيزوف في إيطاليا خلال العصور القديمة. وتروي قصة شخص يعيش خارج مدينة بومبي ويلاحظ أشياء غريبة تحدث حول البركان.
وخلال الأيام الخمسة الأولى والأيام الخمسة الأخيرة، وأثناء فترات الراحة، تمّ تحليل استجابات الدماغ لدى الطلاب المشاركين عبر المسح بالرنين المغناطيسي، بينما قاموا على مدى 9 أيام أخرى بقراءة أجزاء محددة من الرواية حتى الإنتهاء من الكتاب. وكانت القراءة في المساء ثم يخضع الطلاب للتحليل في الصباح التالي.
ولاحظ الباحثون وجود نشاط في القشرة الصدغية اليسرى للدماغ وهي المنطقة المسؤولة عن الإستجابة للغة، وكذلك وجود نشاط في النواحي العصبية التي تربط بين النظم الحسية والحركية أي بين الأفكار والأفعال.
وخلصت الدراسة الدماغية إلى أنّ قراءة الروايات تنقل القارئ إلى جسد بطل الرواية. تأثير تبيّنه العلماء حتى بعد الإنتهاء من قراءة الرواية بخمسة أيام، ما يشير إلى أنّ القصة المشوقة تؤثر مباشرةً في الدماغ والروابط العصبية عبر "ذاكرة القدرة العضلية" التي تختزن المعلومات عن طريق تكرارها لتعطي الأوامر في ما بعد لأداء الحركة.
وفيما أكّد العلماء أنّ القصص تشكل حياتنا وتساعد أحياناً في تحديد شخصيتنا، فقد أشاروا إلى أنّ أغلبية الدراسات السابقة ركزت على عمليات معرفية معينة، وهذه المرة الأولى التي تهتم فيها دراسة بآثار ما بعد القراءة.
واختتمت الدراسة نتائجها بأنّ القراءة عمل من وحي الخيال ينقل شخصية البطل للقارىء، وبالتالي فقراءة الروايات ذات تأثير أكبر وأطول زمناً على بيولوجيا الدماغ وليس لفترات محدّدة فقط.
وبعد عروستنا، هل من رواية مفضلة لديكِ ويمكن أن يكون لها تأثير بيولوجي على شخصيتكِ ومزاجكِ خلال الإعداد لمرحلة الزفاف؟
للمزيد: