#سياحة وسفر
كارمن العسيلي 13 ابريل 2025
منذ عام 2020، تشهد منطقة «ميناء زايد» عملية تحديث واسعة، تقودها شركتا: «مدن العقارية»، و«الدار العقارية»؛ لتحويل الميناء - تدريجيًا - إلى منطقة حيوية، تعكس روح أبوظبي المعاصرة، مع الحفاظ على طابعها التراثي. وتشتهر هذه المنطقة - منذ عقود - بكونها وجهة نابضة بالحياة، تجمع بين أصالة الأسواق التقليدية، وروح الحداثة والإبداع الفني. فمن الأسواق التقليدية، إلى المقاهي العصرية، ومن استوديوهات الفنون إلى مناطق التنزه على الواجهة البحرية.. تلبي هذه الوجهة المتكاملة احتياجات السكان المحليين، والسياح، على حد سواء.
تعالوا، معنا، لاستكشاف منطقة «ميناء زايد»، والاطلاع على أسواقها النابضة بالحياة، ومزاياها المتنوعة.
-
سوق السمك
رحلة عبر الأسواق التقليدية
تبدأ زيارة «ميناء زايد» بالانطلاق في جولة عبر أسواقه التقليدية الشهيرة، التي تعكس روح المدينة، وثقافتها العريقة.. بداية جولتنا كانت في سوق السمك، الذي يعد تجربة استثنائية. فبمجرد دخولكم السوق، ستشعرون بطاقة المكان مع أصوات الباعة، وصيادي السمك، وهم يساومون على أفضل صيد لليوم. وعلى طاولات الجليد، ستجدون مجموعة متنوعة من الأسماك الطازجة، مثل: الهامور، والشعري، بالإضافة إلى الروبيان، وسرطان البحر، والمحار. ويمكنكم شراء ما تشاؤون من المأكولات البحرية بأسعار مناسبة، والتوجه إلى أحد المطاعم القريبة، حيث يتم تنظيف وطهي الأسماك أمامكم بشكل مثالي. وبإمكانكم؛ إذا لم ترغبوا في أخذ السمك إلى المنزل، تناوله على المقاعد الخارجية في الساحة الخلفية للسوق، والاستمتاع بالجو الجميل، ثم شراء العصائر. وننصحكم بشراء فاكهة جوز الهند، وشرب عصيرها الطبيعي من البقالات الموجودة هناك. أما إذا كنتم من النوع الذي لا يحب أن يشغل نفسه بمد السمك على الطاولة، ثم تنظيف المكان بعد الانتهاء من تناوله، فننصحكم بالجلوس في أحد المطاعم الملاصقة لسوق السمك، والاستمتاع بتناول وجبات أسماك وثمار البحر الشهية.
-
سوق النباتات
سوق النباتات.. واحة خضراء في قلب «الميناء»
بعد تجربة سوق السمك، توجهوا إلى سوق النباتات في «ميناء زايد»، فهو مكان ساحر، يضم أكثر من 30 متجرًا، تعرض مجموعة مذهلة من النباتات الداخلية والخارجية، والأشجار، وأحواض الزهور الفخارية. ويمكنكم شراء بعض الصبار الصغير، وأشجار الزينة لمنزلكم، وتيقنوا أنكم ستستمتعون بالتحدث مع الباعة، الذين لن يترددوا في إسدائكم النصائح المفيدة حول كيفية العناية بالنباتات. فهناك ستجدون أنواعاً كثيرة من النباتات والزهور، إلى جانب التربة، والأصص المتنوعة، التي بالتأكيد سترضي أذواقكم.
-
سوق الفواكع والخضراوات
مزيج مذهل.. في سوق الفواكه والخضروات
على بُعد خطوات فقط في الجهة المقابلة لسوق النباتات، يقع سوق الفواكه والخضروات. وبمجرد دخولكم أروقته، ستجدون أنفسكم محاطين بمزيج مذهل من الألوان والروائح الطازجة، التي تملأ المكان. فأكوام الطماطم الحمراء اللامعة، والخيار الأخضر المقرمش، والتفاح المتلألئ بقطرات الماء الطازجة، تمتد على طول الأكشاك بشكل يسرق الأنظار. وأصوات البائعين تتناغم مع حركة المتسوقين، بينما تمرون بجانب صناديق ضخمة من البطيخ والشمام. هنا، تشعرون بروح المكان، حيث يختلط عبق التوابل الطازجة بأريج الأعشاب العطرية، ويتجسد فن المساومة التقليدي مع الباعة، الذين يقدمون إليكم عينات من العنب الحلو، والتمر الطازج. إنه مكان نابض بالحياة، ومثالي لمحبي الطعام الصحي. ويمكنكم العثور على أجود أنواع التمور والخضار والفاكهة والزعفران بأسعار أقل بكثير من المتاجر العادية، ولكن بالتأكيد لا تنسوا التفاوض؛ للحصول على أفضل الأسعار!
-
سوق الميناء
طعام أصيل وعصري.. في سوق «الميناء»
بعد جولة التسوق، لمن لا يرغبون في تناول الطعام بسوق السمك، ننصحهم بالتوجه إلى سوق «الميناء»، حيث يمكنهم تناول طعامهم بنكهات فريدة، من المأكولات البحرية الطازجة، إلى الأطباق الإماراتية الأصيلة، وحتى الأطباق العالمية والعربية المختلفة في أحد المطاعم أو المقاهي هناك، والاستمتاع بإطلالة على السفن الضخمة والمياه الزرقاء. ويمكنهم، مثلاً، زيارة مطعم «Ryba»، الذي يعد وجهة رائعة لعشاق المأكولات البحرية، حيث يقدم أطباقًا طازجة بنكهات غنية، أو تناول القهوة في مقهى «Roof»، الذي يتميز بإطلالته الجميلة على البحر، وأجوائه الهادئة. وللتحلية، يمكنهم زيارة محطة «الآيس كريم والعصائر»، التي تقدم مثلجات بنكهات مبتكرة، مثل: التمر، والتشيز كيك، بالإضافة إلى مجموعة من الحلويات اللذيذة.
شراء الهدايا التذكارية
ما إن تنتهوا من تناول وجباتكم في مطاعم سوق «الميناء»، يمكنكم التجول في الأرجاء، والاستمتاع بالاطلاع على المتاجر المتنوعة الموجودة هناك، التي تتنوع مبيعاتها بين تنسيقات الزهور، وصناعة الشموع والعطور والخزف. ولا يمكنكم مغادرة «ميناء زايد» دون زيارة سوق التمور، وسوق الحرف اليدوية؛ لشراء العديد من الهدايا التذكارية الفريدة، التي تعكس ثقافة أبوظبي.
-
سوق السجاد
سحر الشرق في سوق السجاد
أما سوق السجاد، فله قصة مختلفة، إذ لا يمكنكم زيارة «ميناء زايد» دون المرور بهذا السوق، الذي يُعد كنزًا حقيقيًا لعشاق الحرف اليدوية، والفنون التقليدية. ففي هذا السوق، ينسج الفن والتاريخ، معًا، لوحات مذهلة من الألوان والنقوش. وهناك تمتد السجاجيد الفاخرة أمام ناظرَيْكم، كأنها لوحات فنية مرسومة بخيوط الحرير والصوف، وتتنوع بين الأنماط التقليدية، المستوحاة من التراث العربي والفارسي، والتصاميم الحديثة التي تعكس الذوق العصري. أما الباعة، فيرحبون بكم بابتسامة دافئة، ويشرحون بفخر تفاصيل كل سجادة، من نوعية الخيوط إلى رمزية النقوش. ولن تستطيعوا مقاومة رغبتكم في لمس تلك الأنسجة الناعمة، والتحقق من دقة الحياكة اليدوية، التي تحكي قصصًا من ثقافات مختلفة. وبين الألوان الدافئة والأحجام المتنوعة، تجدون أنفسكم تائهين في رحلة بصرية ساحرة، تأخذكم عبر الزمن والتقاليد. ويمكنكم اختيار سجاجيد صغيرة؛ لإضافة لمسة شرقية جميلة إلى ديكور منزلكم، أو تقديمها هدايا فاخرة إلى الأصدقاء، والأهل، في المناسبات المتنوعة.
-
قرية ميناء زايد التراثية
«قرية ميناء زايد التراثية»
من حسن حظكم، أنه تم افتتاح «قرية ميناء زايد التراثية»، منذ زمن غير بعيد في «مرسى مينا»، ما يتيح لكم زيارتها، والاستمتاع بأجوائها التراثية، التي تنقلكم إلى زمن الأوائل؛ لتعيشوا في أحضان الماضي. فهناك ستشاهدون الحِرفيين المهرة، يعرضون مهاراتهم في صناعة الفخار والنسيج والسدو. وستتجولون بين الأكشاك، التي تبيع التوابل والبخور والأدوات التراثية، لتستمتعوا بمشاهدة الرقصات الشعبية، التي تنبض بروح الثقافة الإماراتية. وما سيدهشكم، حقًا، هو قسم التراث البحري، حيث ستطلعون على تاريخ الغوص على اللؤلؤ، وصيد الأسماك، وستشاهدون نماذج القوارب التقليدية، التي كانت تستخدم في الماضي، كما ستستمعون إلى قصص البحارة القدامى، الذين واجهوا الأمواج بشجاعة؛ لتكتشفوا كيف لعب البحر دورًا محوريًا في تشكيل هوية الإماراتيين. إن هذه التجربة ستضيف بعدًا ثقافيًا عميقًا إلى رحلتكم، وستشعرون بقوة التراث والتقاليد التي لا تزال حية في قلب المدينة. لكن قبل التوجه إليها، تأكدوا من مواعيد تنظيم مهرجاناتها.
-
«ميناء زايد».. روح المدينة الأصيلة
نقطة انطلاق السفن السياحية
وليس بعيداً عن «القرية التراثية» في «الميناء»، تقع محطة رئيسية للسفن السياحية الفاخرة، التي تنطلق من أبوظبي نحو وجهات عالمية، مثل: جزر البحر المتوسط، وآسيا. ويمكنكم الاستمتاع بجولة بحرية مذهلة، أو حجز رحلة على متن سفينة سياحية، والاستمتاع بالمشهد البانورامي للخليج العربي. إن المحطة، التي استحدثت منذ زمن قريب، تعد ملتقى لعشاق الرحلات البحرية، وتجسد الحياة العصرية بلمسة من الإبداع، وتقدم خدمات استثنائية، تعزز تجربة الرحلات البحرية للمسافرين، وتتنوع بين المطاعم، ومتاجر الهدايا الراقية، وصرف العملات، فضلاً عن خدمات حجز إجراءات السفر مباشرة مع شركات السفر. والأجمل، أنه بإمكانكم، في حال رغبتم، حجز رحلة جوية بالمروحية، والانطلاق من مهبط المروحيات، الذي أضيف مؤخراً. ليس هذا فحسب، إذ تضم منطقة «مرسى مينا» مجموعة من شاحنات الطعام المميزة، التي تقدم إلى زوارها تجربة طعام بنكهات مختلفة من أنحاء العالم.
مراكز فنون واستوديوهات
وما سيدهشكم، حقاً، أن منطقة «ميناء زايد»، لا تعج بالأسواق التجارية والسفن، فحسب، وإنما أيضاً بمراكز واستوديوهات فنية، ما يجعلها نسيجاً حياً من الإبداع والتجدد. فهناك يمكنكم، أيضاً، أن تعيشوا تجربة مختلفة، بين منصة (421)، التي تضم صالات عرض، واستوديوهات، ومكتبة، ومقهى، حيث يلتقي الفنانون والمبدعون؛ ليعرضوا أعمالًا تجسد هوية المكان بروح حديثة، وبين استوديو الفخار الذي تتردد فيه «أصوات» الأيدي، وهي تشكّل الطين؛ ليتحول التراث إلى تحف تنبض بالحياة. ولا ننسى، بالطبع، مبادرة «ميزا»، التي تبعث الروح من جديد في المستودعات القديمة، فتحولها إلى مساحات للإبداع والتجريب، حيث يلتقي الحرفيون، والمصممون، وأصحاب المشاريع الناشئة؛ ليصنعوا مستقبلًا مختلفًا.
عندما تودعون «ميناء زايد»، ستدركون أنكم غادرتم عالمًا متكاملًا ينبض بالحياة، عالمًا يجمع بين عبق التاريخ، وسحر الثقافة، ولمسات التجديد. وستشعرون برغبة عارمة في العودة مرارًا وتكرارًا؛ لتغوصوا في تجارب لا تنتهي من المفاجآت، والاكتشافات. وتذكروا، دائماً، أنكم مع كل خطوة في تطوير «ميناء زايد»، تشهدون على قصة حب أبدية بين الماضي والحاضر.. إن منطقة «الميناء» وجهة لا غنى عنها لكل من يبحث عن «روح المدينة»، وعن تلك التفاصيل الصغيرة، التي ترسم لوحات وجدانية، تحفر في الذاكرة!