#صحة
ياسمين العطار السبت 4 يناير 13:00
في شهر يناير من كل عام، تزداد الجهود التوعوية حول العالم؛ للتصدي لسرطان عنق الرحم، هذا المرض الذي يعد رابع أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء، رغم إمكانية الوقاية، والشفاء الكامل منه، عند اكتشافه مبكراً. فالفحوص الدورية، والتطعيمات، وزيادة الوعي الصحي، تعد ركائز أساسية؛ لمواجهة هذا المرض.. ولأن طبيب الأسرة يعتبر نقطة الاتصال الأولى للمريضة؛ عندما تظهر الأعراض المحتملة لسرطان عنق الرحم؛ التقت «زهرة الخليج» الدكتورة الإماراتية زهرة البلوشي، أخصائي طب الأسرة في مستشفى «ميديكلينيك»، فتحدثت عن أهمية الكشف المبكر، والإجراءات الوقائية، وخيارات العلاج، والدعم النفسي الذي تحتاج إليه المصابات، وقدّمت رؤية شاملة، تعكس خبرتها بهذا المجال.. وهذا نص الحوار:
ما أهمية حملات التوعية في حث النساء على الكشف المبكر عن هذا المرض؟
رغم إمكانية الوقاية من سرطان عنق الرحم، إلا أنه لا يزال يهدد النساء. وسرطان عنق الرحم ينتشر، بشكل كبير، بين النساء اللواتي يفتقرن إلى المعلومات الكافية حول أهمية الكشف المبكر. وتلعب حملات التوعية دوراً محورياً في تثقيف النساء بفائدة الفحص الدوري، خاصة أنه لا يزال أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء. ويرفع الكشف المبكر معدلات الوقاية بشكل كبير، ما يسهم في إنقاذ العديد من الأرواح.
الورم الحليمي البشري
ما أبرز الإجراءات الواجب على المرأة اتباعها؛ للوقاية من سرطان عنق الرحم؟
الكشف المبكر حجر الزاوية للوقاية، وقد أدى الاستخدام الواسع النطاق لمسحة عنق الرحم - وهو اختبار لخلايا يتم جمعها من عنق الرحم - إلى انخفاض حاد في التشخيصات، والوفيات الناجمة عن سرطان عنق الرحم، على مدى نصف القرن الماضي، لا سيما في البلدان ذات الدخل المرتفع. فعلى الإناث التوجه إلى الطبيب النسائي بشكل دوري؛ للخضوع لهذا الكشف عبر فحص الزجاجة المعروف بـ«Pap smear»، وفحص فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) المسبب لـ90% من حالات سرطان عنق الرحم. كما يُوصى بإعطاء الإناث اللقاح ضد هذا الفيروس، ابتداءً من عمر 13 سنة؛ لتقليل نسبة احتمال الإصابة به، وبالتغييرات التي تسبقه، بنسبة 90%.
كيف يمكن للمرأة معرفة الأعراض الأولية للمرض؟
في المراحل المبكرة، قد لا تظهر أي أعراض. لكن مع تقدم المرض، يمكن أن تشمل الأعراض: نزيفاً غير طبيعي بين فترات الطمث الشهرية، وألماً في الحوض، بالإضافة إلى تغير في الإفرازات.
ما أهمية اختبار «مسحة عنق الرحم» (Pap Smear)، وما الأمراض التي يكشفها هذا الفحص؟
ينشأ سرطان عنق الرحم نتيجة نمو خلايا غير طبيعية، بصورة خارجة عن السيطرة، وبكمية غير طبيعية في عنق الرحم، وتتراكم هذه الخلايا؛ لتشكل ورماً في مرحلة متقدمة. ويمكن للورم، بعد ذلك، أن يغزو الأنسجة والخلايا المجاورة، أو ينتشر في جميع أنحاء الجسم؛ ليصبح مهدداً للحياة في نهاية المطاف. وتُساعد خدمة «فحص عنق الرحم» في الوقاية من الإصابة بسرطان عنق الرحم من خلال الكشف المبكر عنه، وعدم بلوغ مرحلة الورم. فهو يكشف التغيرات البسيطة، التي تحدث بالخلايا قبل مرحلة الورم، ويمكن معالجتها كلياً بشكل بسيط. كما يمنع «فحص عنق الرحم» في البلاد المتقدمة، حالياً، نسبة كبيرة من الوفيات بهذا السرطان.
جراحات بسيطة
ما الإجراءات العلاجية، التي تُتبع في الحالات المبكرة؟
علاج حالات تغير خلايا عنق الرحم، التي تسبق مرحلة الورم، يكون عبر إحدى الوسائل التالية، وجميعها جراحات بسيطة وشافية كلياً: الأولى: الـ«cryotherapy» لتجميد أنسجة عنق الرحم غير الطبيعية. والثانية: الـ«LEEP» وهي الاستئصال الجراحي الكهربائي الحلقي؛ لحرق الخلايا غير الطبيعية بسلك كهربائي. والثالثة: عملية جراحية لإزالة الخلايا غير الطبيعية بالليزر، أو المشرط. بعد العملية، يتم فحص الجزء الذي تم استئصاله من عنق الرحم من قِبَل أخصائيي الأنسجة تحت المجهر؛ للتأكد من استئصال كل الخلايا غير الطبيعية، وبذلك نضمن الشفاء التام.
ما الخيارات العلاجية في الحالات المتقدمة؟
في هذه الحالات، يكون الخيار جراحة استئصال كاملة للرحم وعنق الرحم والمبيضين، وكذلك العلاج عبر الأشعة، والعلاج الكيميائي، حسب الحالة.
كيف ترين أهمية الدعم النفسي للمصابات؟
لا شك في أن حصول المصابات على دعم نفسي أمر بالغ الأهمية، ويتم من خلال نصائح المختصين من ذوي الخبرة بالتعامل مع المشاعر والأحاسيس، والمخاوف التي يمكن أن تطرأ على المصابات، مثل: القلق، والاكتئاب. وكذلك التحدث إلى المقربين من الأهل والأصدقاء؛ لتخفيف التوتر الذي يشعرن به، ومعرفة المرض من خلال البحث والقراءة عنه، إضافة إلى التحدث مع مريضات أخريات مصابات، أو تم علاجهن، والحفاظ على النشاط البدني.
ما النصيحة، التي تقدمينها إلى النساء، بمناسبة شهر التوعية بسرطان عنق الرحم؟
رأيت نساء تحدّين المرض، وانتصرن عليه بإرادتهن، وقوتهن، وبفضل التقدم الطبي، والدعم الذي تلقينه. فالسرطان ليس نهاية الطريق، بل هو تحدٍّ يمكن التغلب عليه. كما أن الوعي والاهتمام بالصحة هما من أهم الخطوات للوقاية والشفاء. وأقول لكل امرأة: أنتِ أقوى مما تظنين، وجسدكِ يستحق العناية والحب؛ ولا تخافي من الفحص أو طلب المساعدة، فالكوادر الطبية موجودة دائماً لتقديم الدعم، لجعل مستقبلكِ مليئاً بالأمل والصحة والسعادة.. لنستثمر هذا الشهر في نشر الوعي، وتعزيز ثقافة الاهتمام بالصحة النسائية، ولنجعل من يناير نقطة انطلاق نحو مستقبل مليء بالصحة والأمان، لكل امرأة.