#تغذية وريجيم
سارة سمير 1 أغسطس 2024
حمية «باليو»، المعروفة باسم حمية «رجل الكهف»، خطة غذائية حديثة، أثارت اهتمام العديد من عشاق الصحة حول العالم، وتعتمد على النظام الغذائي المفترض لبشر العصر الحجري القديم، وهي الفترة التي يعود تاريخها إلى ما يقرب من 2.5 مليون إلى 10 آلاف سنة مضت.
واكتسب النظام الغذائي هذا شعبية كبيرة على مر السنين، بسبب تركيزه على الأطعمة الطبيعية الكاملة، والتخلص من الأطعمة المصنعة. ويهدف هذا التحليل الشامل إلى الخوض في تفاصيل نظام «باليو» الغذائي، وفوائده، وعيوبه المحتملة، والمنظور العلمي له.
نظام «باليو» الغذائي.. نظرة فاحصة:
حمية «باليو» خطة غذائية، تركز على الأطعمة التي تم استهلاكها خلال العصر الحجري القديم. والنظرية وراء هذا النظام الغذائي، هي أن جسم الإنسان غير متطابق وراثياً مع النظام الغذائي الحديث، الذي ظهر مع الممارسات الزراعية. ويتضمن النظام الغذائي، عادة، اللحوم الخالية من الدهون والأسماك والفواكه والخضروات والمكسرات والبذور، وهذه هي الأطعمة التي كان يمكن الحصول عليها في الماضي عن طريق الصيد والجمع. لكن هذا النظام الغذائي يحدُّ من الأطعمة، التي أصبحت شائعة عند ظهور الزراعة منذ حوالي 10000 سنة، مثل: منتجات الألبان والبقوليات والحبوب، وفرضية هذا النظام الغذائي هي العودة إلى عادات الاستهلاك الغذائي لأسلافنا لصحة ورفاهية أفضل.
المنظور العلمي لنظام «باليو» الغذائي.. مراجعات مختلطة:
في حين أن نظام «باليو» الغذائي له إيجابياته وسلبياته، فإن المنظور العلمي له مختلط، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يؤدي إلى فقدان الوزن بشكل كبير، وتحسين العلامات الصحية، مثل: انخفاض ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول. وتشير دراسات أخرى إلى أن هذا النظام الغذائي مقيد للغاية، ويصعب اتباعه، ولا يوفر إمدادات متوازنة من جميع العناصر الغذائية الأساسية.
ويعرب بعض الباحثين عن قلقهم من أن استبعاد الحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان والبقوليات، يؤثر سلبًا في الصحة على المدى الطويل. لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم التأثيرات طويلة المدى لنظام «باليو» الغذائي على الصحة بشكل كامل.
فوائد حمية «باليو» الغذائية:
يشمل هذا النظام الغذائي، في المقام الأول، الأطعمة التي يمكن الحصول عليها عن طريق الصيد والجمع، مثل: اللحوم الخالية من الدهون، والأسماك، والفواكه والخضروات والمكسرات والبذور.. هنا، نكتشف فوائد نظام «باليو» الغذائي.
1. فقدان الوزن:
يميل نظام «باليو» الغذائي إلى أن يكون أقل في الكربوهيدرات، وأعلى في البروتين، ما قد يؤدي إلى فقدان الوزن، فتركيز النظام الغذائي على الأطعمة الكاملة يعني، أيضاً، أنك أقل عرضة للإفراط في تناول الطعام، لأن هذه الأطعمة أكثر إشباعًا بشكل طبيعي.
2. تحسين ضغط الدم:
نظام «باليو» الغذائي غني بالبروتينات الخالية من الدهون والألياف، التي ثبت أنها تخفض ضغط الدم، كما أن استبعاد الأطعمة المصنعة يقلل تناول الصوديوم، ما يسهم في خفض ضغط الدم.
3. زيادة مستويات الطاقة:
أبلغ العديد من الأشخاص، الذين يتبعون نظام «باليو» الغذائي، بزيادة في مستويات الطاقة، وقد يكون هذا بسبب تركيز النظام الغذائي على البروتين والدهون الصحية، التي توفر مصدراً أكثر ثباتاً للطاقة، مقارنة بالكربوهيدرات.
4. تقليل الالتهاب:
نظام «باليو» الغذائي غني بأحماض «أوميغا 3» الدهنية، التي تقلل الالتهاب، ويمكن أن تكون لها فوائد صحية عدة، بدءاً من تحسين صحة القلب، وحتى تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
5. صحة أفضل للجهاز الهضمي:
يستبعد نظام «باليو» الغذائي الأطعمة المصنعة، التي غالباً تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكريات غير الصحية، التي تعطل ميكروبيوم الأمعاء. وفي المقابل، يحسن المحتوى العالي من الألياف في نظام «باليو» الغذائي صحة الجهاز الهضمي.
6. تعزيز تناول المغذيات:
من خلال التركيز على الأطعمة الكاملة، يضمن نظام «باليو» الغذائي تناول كميات كبيرة من العديد من العناصر الغذائية الأساسية، وتشمل: الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة والألياف، التي عادة تكون مفقودة في الأطعمة المصنعة.
7. تحسين حساسية الأنسولين:
يمكن لنظام «باليو» الغذائي تحسين حساسية الأنسولين، ما يجعله نهجاً غذائياً جيداً للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني. ويساعد المحتوى المنخفض من الكربوهيدرات في النظام الغذائي على التحكم في مستويات السكر بالدم.
8. صحة نفسية أفضل:
يشير بعض الأبحاث إلى أن نظام «باليو» الغذائي يحسن الصحة العقلية، وربما يرجع ذلك إلى محتواه العالي من أحماض «أوميغا 3» الدهنية، التي لها آثار إيجابية على الصحة العقلية.
9. تحسين الأداء الرياضي:
يعزز نظام «باليو» الغذائي الأداء الرياضي، من خلال توفير كمية عالية من البروتين العالي الجودة؛ لإصلاح العضلات ونموها، كما يدعم توازن المغذيات الكبيرة في هذا النظام الغذائي مستويات الطاقة المستدامة أثناء التمرين.
10. عمر أطول:
نظراً لفوائده الصحية العديدة، يساهم نظام «باليو» الغذائي في طول العمر. ويرجع ذلك إلى عوامل، مثل: تحسين صحة القلب، وتقليل الالتهاب، وتناول العناصر الغذائية بشكل أفضل.
عيوب نظام «باليو» الغذائي:
رغم الإشادة بنظام «باليو» الغذائي؛ لتركيزه على الأطعمة الكاملة، والتخلص من العناصر المصنعة، إلا أن هناك العديد من العيوب المرتبطة بهذا النهج الغذائي، منها:
1. نقص الأدلة العلمية:
أحد الانتقادات الرئيسية لنظام «باليو» الغذائي، هو عدم وجود أدلة علمية جوهرية، تدعم فوائده الصحية على المدى الطويل. ووجدت بعض الدراسات الصغيرة أن هذا النظام الغذائي يؤدي إلى فقدان الوزن، وتحسين ضغط الدم، إلا أنه لا يزال هناك نقص في الأبحاث الشاملة. ونظراً للابتعاد الجذري للنظام الغذائي عن عادات الأكل الحديثة، فإن هذا النقص في الإجماع العلمي يجعله خياراً محفوفاً بالمخاطر للعديد من الأفراد.
2. نقص المغذيات:
عيب رئيسي آخر لنظام «باليو» الغذائي، هو خطر نقص المغذيات، من خلال استبعاد مجموعات غذائية كاملة، مثل: منتجات الألبان، والحبوب، فقد لا يحصل متبعو هذا النظام الغذائي على ما يكفي من الكالسيوم، وفيتامين (د)، والألياف. وهذه العناصر الغذائية ضرورية لصحة العظام، ووظيفة المناعة، وصحة الجهاز الهضمي، ودون التخطيط السليم والمكملات الغذائية، تؤدي أوجه القصور هذه إلى مشاكل صحية خطيرة.
3. الاستدامة.. وإمكانية الوصول:
تركيز نظام «باليو» الغذائي على الأطعمة العضوية العالية الجودة يمثل، أيضاً، تحديات من حيث الاستدامة وإمكانية الوصول إليها. وقد يجد العديد من الأفراد صعوبة في شراء أو الحصول على اللحوم التي تتغذى على الأعشاب والفواكه والخضروات العضوية، وغيرها من المنتجات الغذائية المتميزة، التي يوصي بها النظام الغذائي. علاوة على ذلك، فإن التأثير البيئي لإنتاج كميات كبيرة من اللحوم، يعتبر أيضاً مصدر قلق.
4. عدم المرونة:
يتم انتقاد نظام «باليو» الغذائي، أيضاً، بسبب افتقاره إلى المرونة، فالقواعد الصارمة ضد استهلاك الحبوب والبقوليات ومنتجات الألبان، تجعل من الصعب الالتزام بهذا النظام الغذائي، خاصة في المواقف الاجتماعية. ويمكن أن يؤدي عدم المرونة هذه إلى الشعور بالحرمان، وإرهاق النظام الغذائي في نهاية المطاف، ما يجعل هذا النظام الغذائي غير عملي على المدى الطويل.
5. المخاطر الصحية المحتملة:
وأخيراً، يؤدي تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء، والدهون المشبعة المرتبطة بنظام «باليو» الغذائي، إلى مخاطر صحية محتملة. ورغم أن هذا النظام الغذائي يشجع على تناول اللحوم الخالية من الدهون، إلا أنه لا يحد بشكل صريح من الدهون المشبعة، التي تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب؛ إذا تم تناولها بكميات زائدة. وبالإضافة إلى ذلك، تم ربط النظام الغذائي الغني باللحوم الحمراء بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان.