#مقالات رأي
د. نرمين نحمدالله 2 يونيو 2024
تسألني: كيف وصلت إلى هنا؟!
كيف استطالت قدمي فوق كعب حذائي شديد العلو، دون عثرة قدم، أو ألم ظهر؟!.. كيف ناسب خاتم الحلم مقاس إصبعي بالضبط، وكيف استقرت ماسة الأمنيات على حزام خصري النحيل؟!
تسألني: كيف وصلت؟!.. كيف قاومت؟!.. كيف انتصرت؟!.. وأجيبك: فقط لأنني آمنت! أجل.. آمنت!!
يوم وصفوني بـ«عصفور ضعيف» يترنح فوق غصن شجرة مكسور، أمنت أنه لا يعنيني انكسار الغصن؛ مادام يمكنني دوماً أن أحلق!.. يقيني في قوة جناحيَّ كان دوماً أكبر من خوفي من خذلان الغصن!
يوم طلبوا مني أن أروي قصتي، كان هناك دوماً لسانان يقصان الحكاية.. أحدهما يبدأها بـ(لولا كذا؛ لفعلت).. والثاني يبدأها بـ(رغم كذا؛ فعلت). وكنت دوماً أختار اللسان الثاني! فمثلي خُلقت مُحَارِبَةً، ولو لم يمنحها القدر رفاهية امتلاك السيف! مثلي لا يكبلها قيدُ عجزٍ أو ندم، بل يليق بها دوماً إكليل العوض!
يوم رموني في منفى الغدر، وألقموني سموم نكرانهم؛ جعلت لي سلطنة أخرى من قلوب لم تتعلم بَعْدُ أبجدية الهجر.. وسّعتها شبراً شبراً، ورفعت على أرضها راياتٍ لا تحركها إلا رياح الحب.. لا تلونها إلا أصباغ الوفاء.. فمن ذا القادر على تمزيقها يوماً؟!
تسألني: كيف وصلت إلى هنا؟!
كيف صار الماضي مجرد ندبة باهتة على ظهري؟!.. كيف خبا زئير وحوشه خلف كهوف النسيان؟!.. وكيف صفا الغدير، الذي لطالما عكره كدر الوجع؟!
وأجيبك: فقط لأنني ما استسلمت.. لأنني آمنت.
يوم وصفوني بأني «نبتة صبار» تفتح ذراعيها في وضع خادع بالعناق، رغم يقينها أنها لن تضم أحداً، ولن يضمها أحدٌ.. آمنت أنني امرأة من «لبلاب».. تتمسك بأي سطح.. تنمو حتى فوق الطوب والحجر.. تتشبث حتى بالأشجار الميتة؛ فتغير خضرة لونها قتامة الصورة.. مهما عاندتها الظروف؛ تعرف كيف تصنع - وسط الركام - رونقاً وحياةً.. امرأة كهذه.. كيف تظنها قد تنحني أو تنكسر؟!