#مقالات رأي
نسرين فاخر 1 يونيو 2024
ها هو شهر يونيو يأتي محملاً برائحة الصيف، الذي يُشكّل مساحة للاستجمام والتفاؤل والتجديد.. إنه بداية فصل الصيف والرحلات، وحصاد النجاح، واسترجاع الذكريات، بتفاصيلها وصورها الجميلة، وكأن العقل الباطن مسرح وسينما لعرض الذكريات.
في هذا الشهر، نتوقف عند يوم عزيز، هو يوم الأب العالمي، وبما أنني بدأت حديثي عن الصيف والذكريات، فإنه فرصة لاكتشاف، واسترجاع أجمل المشاهد والذكريات والرحلات مع والدي العزيز. تفاصيل كثيرة ترسخت بداخلي، وأصبحت جزءاً مني، ألجأ لها لا شعورياً، مثل الأغاني القديمة، التي كانت رفيقتنا في مشاوير رحلتنا معه بالسيارة، والتي تمنحني سعادةً وهدوءاً.. يا ترى هل هي الأغنية، أم الشعور بالأمان معه، وهو يمسك بمقود السيارة؟
إنها التفاصيل، وما أجملها!
عندما نراقب أنفسنا جيداً، نراقب نبرة الصوت، خطوات السير، الابتسامة الخفيفة، أو الضحكة، المواقف وردود الأفعال، وأيضاً العادات والطقوس في الفرح والحزن، فكم نحمل من تفاصيل أخذناها من والدَيْنا؟
الأب هو المعلم الأول، الذي يترك بصماته على شخصيات أبنائه، سواء بالقول أو الفعل، لأنه المعلم الأول، كما قال الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، الذي اختصر قوة تأثير الأب في شخصية أبنائه، بقوله: «أب واحد خير من عشرة معلمين». ولا تقليل في هذا المعنى من شأن ودور المعلمين بالمدارس والجامعات، لكن الدلالة هنا تتركز على هذا التأثير العظيم، الذي يتجلى في طريقة تصرف الأب ودروسه وتوجيهاته، ما يجعله مدرسة مجانية عظيمة الفائدة، يتلقى فيها الأبناء دروس وقيم وتقاليد الحياة.
بمناسبة يوم الأب، الذي يوافق الحادي والعشرين من يونيو، أتذكر المشاعر الفياضة تجاه رمز الأسرة وعمودها. وأتذكر، هنا، أن تاريخ الشعر العربي يزخر بالكثير من القصائد، التي كتبها شعراء، إما مدحاً للأب، وقيمته وعطائه، وإما رثاء له بعد رحيله، ووصفاً للفراغ الهائل الذي يصنعه ذلك الرحيل المؤلم، ويعكس الفراغ الهائل الذي يصنعه غيابه.
وإذا كان لي أن أوجه نصيحة؛ فإنني أدعو إلى الانتباه لحركة الزمن، والحرص على ألا يضيع الوقت من دون أن نحيط من حولنا بالحب والتقدير، وأن ننفق معهم أوقاتاً مغمورة بالمحبة والعرفان.
قيمة الحياة تتحدد بإنسانيتنا وعطاءات قلوبنا، ورد الجميل، وما أجمل أن نطبع قبلة على رأس الأب، تعكس ما نحمله له من الحب والوفاء والعرفان. بالكلمات الطيبة، نقول للأب في يومه، وكلَّ يوم: دمت بالخير كله، دمت أباً ومعلماً، وصديقاً، ودام صوتك في البيت والقلب عنواناً على كل شيء جميل وآمن في الحياة.
حفظ الله آباءنا ورحم من فارقونا، وجعل مثواهم الجنة.