#لقاءات وحوارات
غيث التل 13 مايو 2024
يجد عددٌ كبير من الآباء والأمهات صعوبةً جمةً في التعامل مع أبنائهم، في مرحلة الطفولة المبكرة، وقد يغفلون أسساً مهمة في تنشئة الأطفال بهذه المرحلة الحيوية من مراحل النمو البشري.
تعرف الاستشارية النفسية والتربية، الدكتورة مرام بني مصطفى، في حديثها إلى "زهرة الخليج"، الطفولة المبكرة بأنها المرحلة العمرية، الممتدة من نهاية الرضاعة حتى دخول الطفل إلى المدرسة. أي أنها تبدأ من عمر سنتين وتستمر حتى ست سنوات، ويكون للأهل دورٌ أساسيٌ في كل تفاصيلها وجوانبها، خاصةً أن مظاهر النمو فيها تحمل جوانب متعددة، يتوجب عليهم الوعي بكل تفصيلاتها المختلفة.
وتشرح بني مصطفى كل هذه الجوانب، مقدمة نصائح مهمة للتعامل معها على النحو التالي:
الجانب الجسمي:
تشير الدكتورة بني مصطفى إلى أن أهم ما يميز هذا الجانب، هو استمرار نمو الجسم بسرعة، لكن بدرجة أقل من سرعته في المرحلة التي سبقتها (مرحلة الرضاعة)، موضحة أن النمو الجسمي يتضمن الزيادة في الحجم والوزن، وفيها أيضاً تستمر الأسنان في الظهور، ويستمر الرأس والأطراف والجذع والعظام والعضلات في النمو، كما يزداد وزن الطفل وطوله، ويتأثر النمو الجسمي للطفل في هذه المرحلة بتغذيته، وحالته الصحية والنفسية.
وتؤكد بني مصطفى أن على الأهل الاهتمام بصحة الطفل الجسمية والنفسية، وتغذيته؛ لتلبية متطلبات نموه، ووقايته الأمراض، وتجنيبه كذلك الإصابات والحوادث، التي قد تؤدي إلى عوائق في نموه، وأنه من المهم أيضاً مراعاة الفروق الفردية في نمو الأطفال، وتجنب القلق من هذا الجانب.
الجانب الحركي:
وفق الاستشارية النفسية والتربوية بني مصطفى، فإن الطفل في هذه المرحلة العمرية يكتسب مهارات حركية جديدة كالجري، والقفز، والتسلق، وركوب الدراجة، بالإضافة للعديد من الحركات اليدوية، كما يكون نشطاً على نحو عام.
وتوضح أن حركات الطفل في هذه المرحلة تتميز بالشدة والسرعة والتنوع والتحسن. وبالتدريج، تزداد قدرته على السيطرة على عضلاته بفضل التدريب والخبرة. وتقول: «لعل من مظاهر التعبير الحركي للطفل في هذه المرحلة، تطور قدرته على الكتابة مبتدئاً بالخطوط غير الموجهة، ومنتهياً بكتابة بعض الكلمات، فيما تتطور قدراته على الرسم وهو إحدى الوسائل المهمة لتكوين شخصيته». أما في ما يتعلق بدور الأهل، فيجب على الوالدين والمربين العمل على تحويل النشاط الحركي الزائد للطفل، والإفادة منه في أمور نافعة، وتشجيع الطفل أثناء لعبه ونشاطه على دعم حاجته للشعور بالنجاح، وإتاحة النشاط الحركي الحر له في الهواء الطلق بتلقائية، ومرونة.
إلا أن بني مصطفى تشدد على أنه، وبالمقابل، يجب منع الطفل من القيام بالنشاطات الحركية التي تفوق طاقته، وتشجيعه على الرسم بغرض تعويده على الإمساك بالقلم، واستخدامه واستعمال الورق، وإعطائه فرص التشكيل باستخدام الصلصال، وغير ذلك من المهارات التي تنمي عضلاته الصغيرة.
الجانب الحسي:
تبين الاستشارية النفسية والتربوية أن الطفل، في بداية هذه المرحلة، يجد لذة في اختبار حواسه، فهو شغوف بشم الأشياء وتذوقها وفحصها واكتشافها، ويلاحظ وجود صعوبة في قدرته على الإدراك الحسي للأشياء وعلاقاتها المكانية.
لكن، وبتقدم العمر، نجده يتعلم أسماء الاتجاهات: (اليمين، واليسار، والأعلى، والأسفل)، ويستطيع إدراك الأشياء في علاقاتها المكانية، وإدراك المسافات والأحجام، والأوزان، والألوان.
أما عن دور الأهل هنا، وفق بني مصطفى، فيجب على الوالدين والمربين رعاية نمو الطفل الحسي، من خلال الاتصال بالعالم الخارجي، كما في الزيارات والرحلات مثلاً، وتربية حاسة السمع لديه، ومراقبة وجود أي خلل جسمي لديه.
الجانب العقلي:
وتُكمل الاستشارية التربوية حديثها، فتقول: «يحاول الطفل في هذه المرحلة الاستزادة العقلية المعرفية، فتكثر أسئلته، ويزيد شغفه بمعرفة الأشياء التي تثير انتباهه وحبه للاستطلاع والاستكشاف، كما يستطيع تكوين المفاهيم المختلفة، مثل: مفهوم الزمن، ومفهوم المكان، ومفهوم العدد والأشكال الهندسية، وغيرها، ويزداد نمو الذكاء لديه، وقدرته على الفهم والتعلم، وأيضاً على التذكر والتخيل.
وأبرز العوامل المؤثرة في النمو العقلي للطفل: أسلوب التربية والتعليم، والظروف البيئية، والدافعية، والمستوى الاقتصادي والاجتماعي للأسرة.
وتنوه بني مصطفى بأهمية إبراز دور الأهل في توفير الوقت أمام الطفل للنمو، ومنحه الحرية للاستكشاف والتعلم، وإتاحة المثيرات الملائمة للنمو العقلي، وتنمية الدافعية لديه، بالإضافة إلى الإجابة عن أسئلته بما يتناسب مع عمره العقلي، وتعليمه كيف ومتى يسأل، وتدريبه كذلك على صياغة الأسئلة المناسبة.
بالإضافة إلى ما سبق، يتوجب على الأهل مضاعفة دورهم بالاهتمام بالقصص التربوية المفيدة، والابتعاد بالتدريج عن القصص الخيالية، على الرغم من أهميتها في اتساع خيال الطفل، كما عليهم القيام بدورهم في تنمية الابتكار لدى الطفل من خلال استخدام اللعب، وتزويده بقدر مناسب من المعلومات عن المدرسة قبل دخولها بما يثير اهتمامه بها.