لاما عزت 11 يونيو 2012
يتوافد كثير من الطلاب العرب للدراسة في أوروبا أو أميركا. ولا يدرك كثيرون مدى صعوبة الاندماج في منظومة قيمية مختلفة تماماً حتى لحظة الاصطدام بها، فكثير من الطلاب العرب من ينطوي على نفسه ويحرص على البقاء ضمن أفراد من جاليته، ومنهم من يكون أكثر سلاسة وانطلاقاً فيخسر الكثير من هويته أو يحافظ عليها ويقبل اختلاف الآخرين.
عين "أنا زهرة" في باريس التقت مجموعة من الطلاب العرب الذكور، لنعرف كيف تطورت أو تغيرت أو تراجعت أحكامهم وقيمهم فيما يتعلق بعلاقة المرأة بالرجل.
سلام الرنتيسي طالب فلسطيني منذ 3 سنوات في السوربون يقول إنه مازال يعيش صدمة في كثير من التفاصيل الاجتماعية، ويقول "أتذكر أول وصولي لفرنسا مثلا شاهدت شاباً وفتاةً يقبلان بعضهما في "المترو"، أو مع بداية الربيع كنت أشاهد أزواجا من الشبان والفتيات في ملابس خفيفة جداً مستلقين على العشب متعانقين. في الحقيقة هذه المشاهد لا تثير انتباه أحداً، ولكني كنت أشعر بامتعاض وأدير وجهي محتجاً، واحتجت إلى وقت كي أعتاد عليها من دون أن أنجح في ذلك تماماً. وما تزال هذه المشاهد تحرجني وإن كان لم يعد لدي محاكمة أخلاقية على هذا النوع من السلوك كما في البداية. الآن أفهم ذلك من باب الاختلاف في السلوك والعادات الاجتماعية".
أما علي دياب الطالب السوري المرتبط بخطيبته الفرنسية منذ خمسة أعوام فيقول "الفرق الثقافي بيننا يظهر في التفاصيل الصغيرة، مثل رغبتها في أن أعبر لها عن الحب أمام الآخرين، أجد ذلك أمراً في غاية الصعوبة. ولكنني تصالحت مع فكرة أننا لا نستطيع أن نسيطر على تلك الفروق الصغيرة، فحرصت على الانسجام مع سلوكها الفرنسي وعاداتها. لأنها ليست في مجتمعي وأعتقد أنها كانت ستقوم بالمثل لو كانت في بلدي".
محمد سليمان طالب قطري في عامه الثاني، قضى أول عام في مدينة صغيرة لتعلم اللغة، مما زاد شعوره بالغربة والعزلة والانطواء، ولكنه يرفض رفضا باتا فكرة الارتباط بفرنسية ويقول أنه يتدخل أيضا في زميلاته العربيات أحيانا إن شعر أنهن "يحاولن التمرد على ماتريبنا عليه سواء في اللباس أو التصرفات". ومثل محمد طلاب عرب كثيرون، يتعاملون بعقلية الوصاية على الفتيات هنا، بينما يقومون هم بالتمرد على كل القيم والعادات التي تربوا عليها، إذ يعتبرون أنفسهم حراسا على قيم المجتمع العربي على البنات وليس على أنفسهم.
ولدى سؤال البعض إن كانوا يعتقدون أن الدراسة في الخارج تجعلهم أكثر تحرراً، قال معظمهم أنهم لا يحبون استخدام كلمة "تحرر"، وأن مايحدث فعلا أنهم يبدؤون بقبول الآخر والاختلاف معه، والغربة تجعلهم أكثر تسامحاً وأن طريقتهم في الحياة ليست هي الوحيدة الصحيحة.
ومن جانب آخر، ليس لتجربة العيش في الخارج نتائج كبيرة أحياناً، فهناك أشخاص يعيشون صدمات وينغلقون على أنفسهم أكثر. والمجتمع الغربي يمكن أن يقصي الآخر ولا يقبله بسهولة، ومن لا يتمكنون من النجاح في الاندماج فيه والتعايش معه يمكن أن يصبحوا أكثر تشدداً وانطواء على أنفسهم.