لاما عزت 18 مارس 2012
شيخة الغاوي- أبوظبي- وام- اشتكي أهل البادية وهواة جمع الفقع من مواطني الدولة والمقيمين من ندرة الفقع خلال موسم الربيع الحالي والذي عادة يكون منتشرا في شهري فبراير ومارس من كل عام في عدد من مناطق الدولة .
وجرت العادة ان يحتفل الأهالي ومحبو البر في هذا الوقت من كل عام بموسم جمع الفقع ويصل الأمر إلى حد إعلان حالة من الاستنفار القصوى في سباق مع موعد انتهاء الموسم خاصة قبل دخول الصيف وارتفاع درجات الحرارة التي لا ترحم الفقع فيكون جفافه أمرا لا مفر منه .
وأكد عدد من أهالي الإمارات على ان تغير الظروف المناخية وقلة المطر في العقد الأخير ساهم في تغير الكثير من العادات والهوايات ومجريات الحياة التي اعتاد الإماراتيون على ممارستها ومن تلك الهوايات التي حرص أهالي الإمارات عليها هي جمع الفقع حيث تعتبر أحدى الهوايات المفضلة لكثير من أهل الحضر والبادية .
وقد اجمعوا على ان موسم الفقع كان يشهد اقبالا واسعا في مواسم الامطار الغزيرة حيث يتهيأ كبار السن والشباب للخروج الى الصحراء للاستمتاع بجني هذا النبات.. غير ان الفقع وتجارته قد غابت عن اسواق الامارات وغاب الفقع عن ولائمهم أيضا .
ويتأسف المواطن راشد بن محمد المزروعي /75 عاما/ من إمارة رأس الخيمة لقلة الأمطار في هذا الموسم ما أدى إلى تراجع ظهور الفقع.. مؤكدا أن هذا الموسم خلا تماما من الفقع ولم يره نظرا لقلة سقوط الأمطار وجفاف المنطقة .
ويقول " كنا قبل اربعين عاما نخرج وقت موسم الفقع إلى البر لنعود بأكياس مملوءة بالفقع نعطي منها جيراننا ونهدي اصدقائنا حيث كانت أرض الإمارات كلها مناطق فقع ولكن حاليا لا عزاء لنا إلا الصبر والدعاء بنزول المطر " .
ومضى يقول " في الماضي كنا ننتظر هذا الموسم بلهفة بالغة فمنا من ينتظره ليأكل الفقع أو ليبيعه وينتفع منه" .
وزاد " الفقع يستوي وقت المطر والمطر لازم يكون مصحوب بالرعد وهذا شرط ضروري لظهور الفقع وعادة ينمو بالقرب من شجرة أسمها /الأرجه/ وعندما نرى هذه الشجرة نتأكد أننا سوف نجد بجوارها فقع والآن تغيرت الظروف والأماكن وشقت الطرق الحديثة البر وارتفعت بجوارها البنايات وكل شيء تغير سبحان الله " .
ويضيف " زمن أول كانت البقعة /الأرض/ خالية والمطر ينزل بغزارة ويجد الفقع فرصة للنمو بكثرة ويظهر في كل مكان ويظل شهرين الناس تلقطه وتجمعه ويستوي غيره حتى يدخل الصيف وتحر الشمس ويكثر في رأس الخيمة في مناطق الرغلة ومصيخن والحير والساعدي والصبخة الطويلة" .
ويقول المزروعي " تقريبا منذ 5 سنوات لم أشاهد الفقع نظرا لقلة الحيا /المطر/ وكنا في الماضي نتاجر فيه ونبيعه في داخل رأس الخيمة والبعض يبيعه في دبي والشارقة وزمن أول بدرهم واحد نمزر طاسة /نملئ الأناء/ وكان طعمه مثل المح /صفار البيض/ البعض يشويه والبعض يطهوه وفي الماضي كانوا الناس يفرحون به وينتظرون المطر عشان يجمعون الفقع يأكلون منه ويبيعون منه وكان رخيص لأنه يتوفر في كل بقعة من البر وكل حد يشوفه " .
ويبدي المزروعي حنينه للماضي عندما كان جمع الفقع من أكثر العادات الإماراتية جلبا للفرح والسعادة إذ يعد موعد جمعه في شهري فبراير ومارس من كل عام عيدا حقيقيا للأهالي تتزين به مائدة الإماراتيين خاصة سكان البادية .
وعاد إلى ذاكرة الزمن الجميل وغذائه الطبيعي الذي لا يحتاج إلى بهارات اليوم الصناعية ..مشيرا إلى ان أشهر أنواع الفقع هي الفقع البني ويكون مثل شكل البطاطس ويليه الزبيدي ابيض اللون ثم العريون لونه أبيض كذلك .
بدوره يقول المواطن سلطان بن مطر بن مرخان /57 عاما/ من إمارة دبي: موسم الفقع أحد المواسم الغالية والمميزة في الإمارات ينتظره أهلها كغيرهم من أبناء الخليج بفارغ الصبر وهو موسم تتجدد فيه العلاقة الحميمة ما بين الإنسان والأرض .
ويضيف " يتركز الفقاع او الفقع في إمارة دبي جنوب منطقة /لهباب/ ومعروف عن هذه المنطقة وجود الفقع فيها بكثرة وفي موسمه كنا نذهب لنجمعه من هذه المنطقة والتي تقع شرق طريق دبي العين ويستوي الفقع في منطقة /جبل علي/ على طريق بوظبي دبي من الجنوب ".
ومضى يقول " الفقع يستوي في هذه الرقاع /المناطق/ يوم يطيح /يسقط/ المطر في موسمه يطلع الفقع عقب 20 يوم ولازم يكون مطر قوي وإذا كان الجو باردا يبقى الفقع حيا وإذا كان الجو حارا يموت بسرعة " .
ويؤكد ان المتعارف عليه في الإمارات وجود نوعان من الفقع هما البني والأبيض وهو المعروف باسم /الزبيدي/ .
ويضيف ابن مرخان "منذ 6 سنوات لم أره نظرا لمواسم الجفاف وقلة المطر وأصبح وجوده شبه ميئوس منه بعد ان كان الفقع مصدر طعام لأهالي الإمارات ولكن الآن مع ندرته الشديدة أصبح تجارة وأخذ البعض يستورده من الدول المجاورة لشدة الطلب عليه ومنذ فترة أخبرني صديق لي ان أحد الأشخاص أحضر علبة فقع صغيرة من الكويت وأنه ينوي بيعها بألف درهم ".
وأرجع ارتفاع اسعاره إلى قلة المعروض منه وكثرة الطلب عليه ورغبة الناس في الحصول عليه مهما كانت الاسعار لما له من فوائد صحية وطبية كثيرة .
من جانبه يؤكد المواطن مصبح علي القايدي /من منطقة شوكة برأس الخيمة/ ان الفقع ينتشر في المناطق الجبلية بكميات كبيرة ولا يقتصر وجوده على ارض البادية الصحراوية فقط .
ويقول " يرتبط موعد ظهور الكمأة أو الفقع في الإمارات بالوسمي وهو أول المطر الذي يروي الأرض ويبدأ في شهر أكتوبر ونوفمبر وعلى أثره تبدأ رحلة البحث عن الفقع لجمعه وحصاده ويستدل على وجوده بارتفاع طفيف في سطح التربة أو بتشقق التربة حوله ".
ويتابع ان الامطار الغزيرة في الاشهر المبكرة من الشتاء خاصة في شهر اكتوبر ونوفمبر تعطي دلالة على احتمالية ظهور الفقع في اواخر شهر فبراير وبداية مارس حيث يبدأ الناس مع اوائل شهر مارس باعداد عدتهم للسفر الى المناطق التي يكثر بها ظهور الفقع .
وزاد "كل شيء تغير وأصبح الفقع يقود الإماراتيين وأبناء الخليج للهجرة من مناطقهم فالبعض يستمتع بالبحث عنه وآخرون يعدونه مصدر دخل وقسم ثالث يعتبره علاجا ولكن الآن الظروف المناخية تحرم أهالي الإمارات من الاستمتاع بموسم الفقع " .
ويضيف " أهل الإمارات اكتسبوا خبرة جيدة في الاستدلال على أماكنه واستخراجه وجمعه بكميات كبيرة إذا كان متوفرا في الموسم ويرتبط وجود الفقع بوجود نبات الأرجه أو الرقروق وعلى الرغم من اعتقاد الناس أن الفقع حول الأرجه فإن ذلك لا يصدق دائما إذ لا يوجد فقع بدون أرجه ولكن كثيرا ما توجد الأرجه بدون فقع وينبت في الجبال بكميات كبيرة ومن أشهر الأماكن التي يتواجد فيها وادي براق وادي لمنيعي ووادي شوكة ووادي الحلو ووادي أصفني ومسافي ووادي السدر ويطلق عليه في منطقة شوكة الفقع أو الكمأة والأخير هو الاسم العلمي للفقع ".
ويقول القايدي " ان الخروج لجمع الفقع يمثل رحلة للنزهة واحيانا كثيرة تنتهي تلك النزهة بعدة كيلو غرامات لكن مع الاسف منذ 5 سنوات ومع قلة الامطار أصبح من الصعب او المستحيل ان نعاود تلك الايام السعيدة وحقيقة انا واصدقائي لا نزال نستذكرها ".
ويذكـر ان من انـواعه العـريون ويـظهر في شهـر أكتوبـر في المربعانية والزبيدي بعد الشتاء ويشترط سقوط المطر مع الرعد لظهور الفقع .
وأوضح ان الفقع الذي يظهر في منطقة /جبل علي/ يكون في الرمل ولونه بني قاتم بينما الذي يظهر في الجبال يكون لونه أبيض يميل للبني مثل لون حبة البطاطس .
ويضيف " الفقع تنمو بدون ساق أما العريون يكون له ساق طويلة والزبيدي عريون ولكن ساقه قصير ويطلق عليه /قعبل/ في منطقة شوكة" .
وفيما يتعلق بتجارة الفقع قديما.. يقول " يجمع الأهالي الفقع قديما كطعام لهم ويطبخ صالونة او مجبوس ولا يتاجرون فيه والآن يتاجر به المقيمين ويبيعون الكيلو بمائة درهم تقريبا والكيلو عبارة عن خمس حبات فقط ".
بدوره يقول المواطن هلال الخييلي من مدينة العين "منذ 9 سنوات لم أكل الفقع بعد ان كان جزءا من منظومة الحياة البسيطة التي عاشها أجدادنا وتوارثتها العائلات الإماراتية كعادة جميلة كل عام" .
ويضيف "الأمطار التي يصاحبها الرعد تؤدي لخروج الفقع حيث يبدأ التنافس لجمع أكبر كمية من الفقع خاصة في سيوح مدينة العين وتكثر رقاع الفقع بين دبي والعين في منطقة الفقع والعشوش والخصوب والهير وفي دبي يكثر في الروية واليلاييس ".
ومضى يقول "الآن تغير الحال وتفرغ بعض المقيمين لمراقبة ظهور الفقع في البر وبمجرد ظهوره يجمعونه قبل المواطنين من سيح سليمان وسيح العشوش والغشبة وسيح شعيلة" .
من جانبه يقول المواطن عبدالله بن سالمين من إمارة عجمان "في الماضي يتميز موسم جمع الفقع في الإمارات بخروج كثير من المواطنين إلى أماكن وجوده في جماعات لممارسة الهواية التي كثيرا ما تتحول إلى وسيلة لكسب القوت وكثيرا ما ينطلق أفراد الأسرة رجالا ونساء وأطفالا لجمع الفقع ".
ويضيف " بر الإمارات كان منبع الخيرات ولكن الآن قل الفقع أمام المد العمراني وكثرة السيارات وتخريب الأرض وقلة المطر وأصبحت هذه السلعة نادرة في الخليج وفي الإمارات خاصة بعدما كانت منتشرة قبل أكثر من ثلاثين عاما في صحراء الإمارات ".
ويواصل ابن سالمين " كان ظهور الفقع مشهد مألوف في مناطق الزورا وفي منطقة الجرف شمال مسجد الشيخ زايد الآن وفي منطقة الند الأسود خلف السوق الصيني حاليا والناس تجمعه ويتم إعداد وجبات شهية منه ويكاد يكون هناك إجماع بين أهالي الخليج على حب الفقع والحرص على تناوله أما الآن أصبحت كل تلك المناطق سكنية" .
بدوره يوضح المواطن سالم بن سيف من منطقة /بياتة/ ان الفقع يتركز في مناطق بياتة والراشدية واللبسة ومهذب والسرة والراعفة ويظهر عندما يأتي الرعد مع المطر ويظهر له رأس فوق سطح الأرض .
من جانبها تقول فاطمة محمد عبدالله /أخصائية تغذية بوزارة الصحة/ يبدو أن اهل الامارات قد استشعروا قيمة الفقع الغذائية العالية منذ قديم الزمان فالفقع من فصيلة الفطريات وبه نسبة عالية من البروتين وقليل من الدهون حيث تبلغ نسبة الدهون 3 بالمائة وبه نسبة متوسطة من الكربوهيدرات وقليل من الألياف وهو يعد مادة بروتينية لأنه غني بالبروتينات .
ويحتوي على عناصر معدنية فهو غني بالبوتاسيوم وبه نسبة متوسطة من الكالسيوم والماغنيسيوم والفوسفور والصوديوم والحديد والمنجنيز والنحاس والزنك وهو غني بفتامين /بي/ ويحتوي على النيتروجين والكربون والاوكسجين ويعتبر مقوي عام للجسم .
وعن فوائد الفقع.. تضيف "للفقع فوائد كثيرة حيث يتميز بكثير من الفوائد الصحية والطبية فهو يعالج الكثير من الأمراض ويقتل الفيروسات ومفيد للنظر ويعتبر الفقع من الفطريات النادرة حيث لا يمكن زراعته ".