واسيني الأعرج 10 أكتوبر 2019
كاتبان صنعا مجد الأدب الفرنسي والعالمي. جسدا، واحدة من أهم التجارب الأدبية والإنسانية، على حواف الزمن الرومانسي الجميل. لم يكن ألفريد دو موسي، مهتماً كثيراً بالوسط البورجوازي الذي كبر فيه، ولكن بالحياة في عز غليانها وجنونها. درس الطب، لكنه سرعان ما انحاز للأدب. في سنة 1928 بدأ يرتاد النادي الرومانسي «سيناكل» الذي كان يزوره كبار كتاب تلك الحقبة: فيكتور هوجو، وألفريد دوفينيي، وبروسبير ميريمي، وغيرهم، قبل أن يصبح صديقاً لهؤلاء العظام. وبدأ يكتب للمسرح، لكن أعماله لم تلقَ الرواج المنتظر. الذي غير حياته بعمق، لقاؤه في يونيو 1933، بجورج صاند (أورو دو بان). فنشأت بينهما علاقة حب عاصفة من لحظتها الأولى، بين الحب الأقصى، والكراهية المطلقة. كان حباً قدرياً مدمراً. كانت جورج تبحث عن مستقر عاطفي يمنحها الراحة الداخلية، وتخطي الشرطية القلقة. تيتمت وعمرها خمس سنوات. تلقت تربية أرستقراطية وفلاحية في الوقت نفسه. ثم تزوجت من البارون دودوفان، أحد كبار الأغنياء، وأنجبت منه موريس وصولانج، قبل أن تفترق معه وتستقر في باريس. عندما نشرت أول رواية، اختارت اسماً ذكورياً: جورج صاند. ظل حق المرأة في الحب والحرية أهم هواجسها الإبداعية. عندما التقت ألفريد دو ميسي، كان عمرها 29 عاماً. كبر حبهما بسرعة، لدرجة أصبح من الصعب السيطرة عليه. مثل المد والجزر، يلتقيان عاشقين، ثم يفترقان حاقدين. يسافران معاً إلى فينيسيا في 1833، وينقلان جنونهما إلى نزل دانييلي Danieli الأنيق الذي شهد حبهما بكل عواصفه. كان ألفريد دو موسي، يقضي لياليه متسكعاً، ضائعاً بين ملاهي فينيسيا الليلية، تاركاً وراءه جورج صاند لحالات الغليان التي كثيراً ما كانت تطفئها في طبيبه باجيلو، المشرف على علاجه من الحمى النخاعية. فجأة انتهى كل شيء. مع العودة إلى باريس تقص جورج صاند شعرها وتبعث به لألفريد دو موسي كمؤشر إلى القطيعة النهائية. وهو ما تم في 1835. كتاباتهما اليوم شاهد على الجراحات التي خلفها حب لم يكن ككل حب. جسد دو موسي تجربتهما الإنسانية، أدبياً، في مسرحيته لورينزاتشيو Lorenzaccio، أهم مؤلفاته. لاحقته الأمراض القاسية، لكنه ظل مشدوداً إلى الحياة بقوة حتى النهاية. بعد وفاته في 1857، كتبت جورج صاند كتابين استعادت فيهما ذاكرتهما المشتركة قصة حياتي، وهي وهو. قبل وفاتها بقليل في 1876، تختم حياتها بمغامرة عشقية لم تدم طويلا، مع الموسيقي فرديريك شوبان.
أهم ما بقي بينهما اليوم باستثناء إبداعاتهما، المراسلات الضخمة التي تجسد حباً وصل إلى ذروته، الجنون.