#ثقافة وفنون
فهد الأسطاء 31 ديسمبر 2018
ربما يبدو شيئاً من قبيل الاستعجال أو المجازفة القول إن فيلم roma هو الأفضل في عام 2018. وعلى الرغم من كونه وجهة نظر شخصية، تجعلني أعتقد أنه لا بد من أن يكون الفيلم الذي يمكن أن يزيح فيلم Roma من الأفضلية، على قدر كبير من الجودة الفنية أو الجودة السينمائية، ولست أتطلع حالياً سوى لفيلم Shoplifters لهيروكازو كوريدا، أحد أفضل المخرجين اليابانيين حالياً والذي حل على السعفة الذهبية في «مهرجان كان» هذا العام عن فيلمه هذا.
لكن وعلى المستوى نفسه لا ننسى أن فيلم Roma أيضاً حصل على الأسد الذهبي في «مهرجان فينيسيا» كأفضل فيلم. ومن جهة أخرى يتصدر الفيلم حالياً قوائم النقاد والجمعيات السينمائية وبجانب ترشيحه في الغولدن غلوب، لأهم ثلاث جوائز كأفضل فيلم أجنبي وأفضل سيناريو وأفضل إخراج، فإن الفيلم أيضاً توج من قبل دائرة نقاد أتلانتا وشيكاغو ولوس أنجلوس ونيويورك وفلاديلفيا وتورنتو وواشنطن دي سي كأفضل فيلم أو أفضل فيلم أجنبي، علماً بأن العديد من الجمعيات السينمائية ودوائر النقاد لم تعلن نتائجها حتى الآن، حيث يوجد الفيلم مرشحاً في أكثر من فرع. وعلى مستوى الجماهير فإن الفيلم بحسب أشهر مواقع النت السينمائية IMDB يحظى بتقييم عال جداً، كما هي الحال في مواقع مراجعات النقاد مثل الموقع الشهير RottenTomatoes، حيث حظي بنسبة عالية من الإعجاب تجاوزت 95% في أكثر من 250 مراجعة نقدية.
فيلم مكسيكي
إذاً ما هو Roma ولماذا؟ هو فيلم مكسيكي يقف خلفه أحد أشهر المخرجين المكسيكيين الثلاثة في الفترة الأخيرة.. ألفونسو كوارون واليخاندرو غونزاليس (Birdman) وغليرمو ديل تورو (Pan's Labyrint)، وسبق لألفونسو كوارون أن حقق أوسكار الإخراج عبر فيلمه الشهير عام 2013 Gravity، بعد أن كان قد قدم أحد أفضل أفلام 2006 على مستوى دراما الإثارة والخيال العلمي Children of Men، وترشح حينها لأوسكار السيناريو الأصلي والتصوير والتحرير، وهي ما يميز ألفونسو كثيراً ويعطي رؤيته الإخراجية قيمة فنية تجلت في أفضل صورها، عبر فيلمه الأخير هذا Roma. حيث قام هو أيضاً بكتابة النص وتصوير الفيلم وعملية المونتاج ليقدم ما أعتقد أنه تحفة عام 2018 وإحدى أفضل الرؤى الإخراجية منذ سنوات. وعلى الرغم من اعتماده موضوعاً درامياً يروي فيه الحكاية ذات البعد السياسي والاجتماعي بمسحة شاعرية نوعاً ما. روما هو اسم لأحد أحياء مكسيكو سيتي في المكسيك حيث يعود ألفونسو هنا إلى السبعينات ومن زاوية اجتماعية عبر عائلة تبدو للوهلة الأولى كعائلة برجواية متماسكة تغمرها المحبة بأب ناجح ومشغول على الدوام ذات أملاك ليست بالكثيرة لكنها تصنع الفرق الكبير مع الطبقة الكادحة المتمثلة بالخدم الموجودين في المنزل. هذا ما يمكن معرفته منذ بداية الفيلم وهو ما يبدو غير مثير بدرجة كافية، لذا فإن قصة الفيلم تتفرع بشكل أكثر إثارة من خلال خادمة المنزل التي تتورط بعلاقة عابرة مع شاب لن يكون هذا تأثيره الوحيد في الفيلم.
مسرحة الأحداث
هذا التتبع التاريخي الذي يمحوره ألفونسو حول شخوص القصة، كان مغموراً برؤية فنية جميلة للغاية من المخرج ،حينما اعتمد بداية اللون الأبيض والأسود للفيلم، وهي ما يشي بالبعد التاريخي، إضافة لإبراز المفارقة الطبقية والتي سنرى فيما بعد، أنها لا يمكن أن تهزم الإنسان ذاته، إذا ما كان نقياً متسامياً. وكعادة ألفونسو التي يبرع بها كثيراً، يقدم هنا أيضاً تلك اللقطات الطويلة ذات الكوادر الواسعة، وكأنه يمسرح الأحداث بطريقة ما ليجعل المشاهد شاهداً لا متماهياً مع ما يجري. وهو الشيء الذي يعزز متعة المتابعة على الرغم من انتهاجه ما يسمى بالسينما البطيئة، والتي يتميز بها العديد من المخرجين مثل تساي مينق ولاف دياز وبيلا تار وغيرهم، والتي لا تستهوي عادة جمهور المشاهدين. من جهة أخرى فإن الفيلم ومع تحقيقه العديد من الجوائز القادمة، وحضوره الكبير المتوقع أوسكارياً سيعبر عن نجاح تجربة نتفليكس، التي تقوم بتغيير مفهوم العرض والإنتاج، فهي بقدرتها المالية الكبيرة أصبحت تتوجه لمثل هذا النوع من الأفلام، واستقطاب كبار المخرجين كما حدث أيضاً مع أحد أفضل أفلام السنة للإخوة كوين The Ballad of Buster Scruggs وفيلم المخرج البريطاني الجديد أليكس غارد لاند Annihilation.