د.نعيمة حسن 7 ديسمبر 2018
الثقة تشبه طبقاً خزفياً، إذا انكسر مرة فمن الممكن جمع أجزائه، ولصقها من جديد، ولكن بقدر كبير من الحرص والاهتمام. أما إذا كُسر مرة أخرى، فإنه يتشظى إلى قطع أصغر من ذي قبل، وتحتاج عمليه بنائه وترميمه وإعادة إصلاحه إلى كثير من المهارة، بل يكاد يكون الأمر مستحيلاً في بعض الأحيان.
كذلك عليك أن تعرف أن عملية إعادة ثقتك بشخص خانك، أو أنت خنته، تكون أطول بكثير من الوقت الذي تتهاوى فيه تلك الثقة، وخلال فترة بناء الثقة من جديد لا بد من الاصطدام بأمور سلبية، وقد تكون سيئة، وهذا يعني أن تتوقع ردود أفعال من الطرف الآخر لا تحبذها، فإن كنت عازماً على بناء الثقة حقاً، عليك تجاوز الألم الذي ستجده في سبيل إعادة العلاقة من جديد، وهذا ينطبق على العلاقات العاطفية، والاجتماعية، وفي بيئة العمل أيضاً.
إذا كنت قد فقدت الثقة بشريكك، أو حدث خلل ما في علاقتك بأحد أصدقائك أو أقاربك، فعليك أن تكون واعياً تماماً متى وكيف حدث ذلك؟ وإن كنت أنت من أحدث هذا الخلل، فعليك الوقوف على الأسباب التي جعلتك تُقبل على هذا الأمر. هناك بعض الخطوات التي تجعل من بناء الثقة أمراً غير مستحيل وهذه الخطوات هي:
1 الاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية
على من أخطأ أن يعترف بخطئه، فالاعتراف هو أفضل الحلول، فمن الصعب الاحتفاظ بالكذبة مدة طويلة، سيأتي يوم وتنكشف هذه الكذبة، عليك الاعتراف بأنك سببت إيذاء الطرف الآخر، وتحمل المسؤولية كاملة عما فعلته، ولا تلقِ باللوم على الآخرين، فالخيانة في العلاقات العاطفية، أو الاجتماعية أو العمل، يكون السبب المباشر لها القيم التي ترتكز عليها شخصيتك، فلا بد من مراجعة قيمك وأولوياتك.
2 التوقف عن إعطاء أعذار واهية
إن كنتَ أنت من خان، أو كنت من تعرض للخيانة، ففي الحالتين عليك تحمل مسؤولية فعلك تماماً، وعليك التوقف عن إعطاء أعذار واهية، لا تقدم ولا تؤخر في عملية إصلاح الثقة. فتحمل المسؤولية دليل شجاعة، ومن يتمتع بالشجاعة يقول الحقيقة في أغلب الأحيان. افترض أنك تخطئ كالآخرين، وليس دائماً الطرف الآخر هو سبب الخيانة، فربما تكون لديك مشكلة، ولكنك لا تعترف بها. قف مباشرة أمام نفسك من دون أن تتهرب مما كنت السبب فيه، وبالتالي تستطيع مواجهة المشكلة والتصدي لها، والتخلص منها، وعلى أسوأ الأحوال إن لم تستطع ذلك، يمكنك الاستعانة بأهل الاختصاص، كأن تلجأ إلى صديق مقرب أو معالج نفسي.
3 البحث عن السبب الحقيقي
عليك طرح هذا السؤال والإجابة عنه بكل وضوح، وهو: لماذا ارتكبت هذا الفعل، الذي سيجعل علاقة قوية كالحب أو الصداقة، تنهار؟ وهل كانت الحاجة إلى الخيانة مادية، أم عاطفية؟ هل فعلتها لتحقيق مكاسب على الصعيد النفسي، أو لإشباع رغبات خاصة مثلاً؟ عليك التحديد بدقة السبب الذي دفعك للخيانة، وإن كان هناك من خانك، فعليك تخمين الأسباب التي جعلته يخونك، من خلال مؤشرات وعلامات تسبق الخيانة، أو سؤاله مباشرة عن سبب خيانته، وكذلك من حقك أن تسأل ما تريد - إذا كنت من تعرض للخيانة - وعلى الطرف الآخر أن يجيب عن كل هذه الأسئلة بشكل كامل، ومن دون حذف أمر يمكن أن يتكشف لاحقاً. فالشريك الذي يتلقى الأجوبة الصريحة سيعيد النظر، بما كان يفكر فيه بشكل سلبي، وبالتالي سيكون من الممكن إعادة الثقة وبناؤها من جديد.
4 منح الطرف الآخر وقتاً إضافياً
اجعل لديك سجل بيانات لبناء الثقة ومتابعتها، اكتب أي شيء تفعله يعيد ثقة الطرف الآخر بك، أو يقربك من الثقة به مرة أخرى إن كان هو الذي أقدم على الخيانة. ادرس شخصيته وأسبابه، ولا تغفل عن أي شيء في علاقتكما مهما كان تافهاً من وجهة نظرك، فما هو تافه في نظرك قد يكون مهماً من وجهة نظر الطرف الآخر. تابع كتابة ما تفعله ويلقى استحساناً من الطرف الآخر، عزز الثقة بمنح الطرف الآخر وقتاً إضافياً وجهداً مضاعفاً عن ذي قبل.
5 تقدير وحفظ مشاعر الطرف الآخر
لا تستهن بأمر الخيانة، فإنه يدمر المشاعر، ويسبب الكآبة. تقبل دفاع الطرف الآخر عن نفسه، واسمع أسبابه، لأن هذا يعتبر أمراً صحياً لبناء الثقة، فتقديرك لمشاعره وحالته يجعل فكرة التسامح قريبة، بل ويقلل من الخسائر التي ستقع بعد ذلك، افتح قنوات للحوار بينك وبين من خانك أو من خنته، فهذا من شأنه أن يحل الأمر بصورة إيجابية.