د. سعاد محمد المرزوقي 20 نوفمبر 2018
لكلٍّ منا اسم ووظيفة وانطباعات نعتقد أننا نعرفها، هذه مجرد معلومات عامة عنّا، ولكن هل تعرف نفسك حقاً؟ هل أنتَ أنتْ أم أنك تتساءل أحياناً «من أكون؟». لا أريد هنا فلسفة الأمر، ولكن في اعتقادي أن اسمك هو اسم تعريفي أطلقه عليك والداك، ولديك عقل وجسد منحك إياهما الله، ولكن هل تعيش كـ«أنت» حقيقة أم أنك تتبع الآخرين وتتبرمج بهم، كتكوين فكل منا عبارة عن جزء بيولوجي نتكون من خلال جينات وراثية، ثم نعيش في بيئة اجتماعية نحاكي فيها مَن حولنا، حيث نقلد سلوكياتهم ونوجه من خلال التعلم، وعندما نبدأ بتعلم اللغة يبدأ التعلم الاجتماعي والتحاور فيعيش الجميع بطريقة متشابهة، وتختلف الأهداف حسب المراحل الزمنية، ولكنها تبقى متشابهة لدى الجميع. بشكلٍ آخر في هذه المرحلة أصبحت المادة والمال الطاغيين ومعظم الأشخاص يريدون تحقيق هدف الغنى السريع، ولتحقيق ذلك نرى معظم الأشخاص ينشئون مشاريع متشابهة، فعلى سبيل المثال: معظم المشاريع الحالية تعتمد على الأكل كالمطاعم وأطباق الطعام المصنعة في البيوت، وتجارة العباءات والحلويات. والسؤال: لماذا لا يخرج أحدهم عن المألوف ويفكر بطريقة مختلفة؟
كما بدأنا بملاحظة عدد كبير من «المختلفين» الذين يذهبون في رحلات للبحث عن الذات، ويقرؤون في مفهوم الذات وكيفية الارتقاء عن الواقع، والتحلي بالنزاهة والترفع عن الماديات، في الحقيقة ما زالوا يفكرون بالماديات، حيث انتشرت مؤخراً رحلات البحث عن الذات والتي أصبحت تكلف الفرد الكثير تناقضاً مع الهدف الحقيقي من وراء ذلك.
معلومات
أصبح نظام التعليم لدينا هو الحصول على المعلومات المعرفية وكيفية التعامل معها وتوظيفها، ولكن حقيقة التعلم يجب أن يتوصل الشخص لتطوير ذاته ويكون قادراً على وضع أهدافه والتوصل لكل ما يريد دون التطاول على حقوق الآخرين أو انتهاك خصوصياتهم، التعلم هو قدرة الحصول على ما يريد الشخص في حياته من دون أن يكون أنانياً، بالإضافة إلى أن عملية التعليم مستمرة لا تقف عند الحصول على الشهادة. والتخصص وإن كان تعليماً عالياً.
من تكون؟
أنت مليء بالقدرات والمواهب التي تمكنك من تعلم كل شيء وأي شيء، إنه «التفكير» تلك العملية التي تجعلنا مختلفين ومميزين، كالتفكير الخيالي الذي من خلاله يمكننا تحقيق كل ما نريد. ولتحقيق ذلك علينا أن نعتاد التفكير الإيجابي والبحث عن كل ما هو إيجابي حولنا وتجاهل الأفكار السلبية وعدم الاكتراث بها. أنت ذاك الذي لديه صورتان لشخصه إحداهما الصورة الذاتية الداخلية تلك التي يصورها ذهنك عنك، والأخرى هي الصورة الخارجية كملامح الوجه والجسد المرئي الخارجي، فإذا عرفت واكتشفت نفسك جيداً لن تكون لديك مشاكل في التعامل مع ذاتك ومع الآخرين، لأنك ستكون متزناً وستقدر ذاتك بطريقة جيدة، وبالتالي ستكون أكثر ثقة وأكثر ذكاءً وأكثر إبداعاً وستتقبل صورتك الخارجية.
إذاً.. استرخِ قليلاً ثم ضع بذهنك صورة معينة لك، واكتبها على ورقة، على سبيل المثال: «أنا سعيد الآن لأنني أرى نفسي متميزاً في تقديمي للعرض» وكرر قراءتها، وسترى النتائج كما تخيلت.
استشارة
أنا طالبة جامعية عمري 21 عاماً، مجتهدة ومستواي الدراسي ممتاز، لديّ القليل من الصديقات، بدأت أشعر مؤخراً بالحزن، لأنني أنشغل كثيراً بمراقبة الآخرين، وأقارن بيني وبينهم، أنظر إلى ما يملكون، سواء بالمقتنيات أو العلاقات وغيرها، وأصبح يشغلني الأمر حتى بدأ مستواي الدراسي ينخفض، بصراحة أشعر بالإحباط وذهني مشغول بتلك الأفكار.. ماذا أفعل.. فأنا في حاجة إلى التغيير؟
- قد يكون تقدير الذات لديك منخفضاً، والأسباب متعددة، لذا يجب بداية أن تتعلمي طريقة قطع تلك الأفكار وعدم الاسترسال بها. أيضاً، حددي الإيجابيات التي تتمتعين بها واكتبيها، وكرري كتابتها كل ليلة قبل النوم. يجب أن تكوني مرنة ولطيفة مع نفسك في التفكير. وتحدثي عن مشاعرك الحقيقية، ويفضل أن تكوني مع أخصائي إذا شعرتِ بأنك لا تستطيعين التحكم في ذلك.