د. عبد الله الغذامي 11 أكتوبر 2018
(لا يجمعنا قرابة ولا عمل ولكن تجمعنا الرغبة بأن نتحادث من دون تكتم على أي شيء، نقول أسماءنا وعناويننا ونخرج ما في أنفسنا من دون تخوف من كشف قصصنا).
هكذا عرض التلفزيون الألماني (DW) قصة حكاية 60 شخصاً تجمعهم شقق في عمارة واحدة، وضمتهم فكرة إنسانية وهي أن يكسروا فردانية الحياة الرأسمالية، وقرروا أن يصمموا قاعة في بهو العمارة تجمعهم ثلاث مسائيات أسبوعياً، وكلهم من ساكني العمارة تحديداً.
وتقوم الفكرة على أن يحضر كل واحد طعامه ويجلس ساعتين في مشاركة مع الكل، ويفتح في الجلسة الأحاديث بين الجيران مع إلغاء كل الفروق العمرية والثقافية والمادية، وعدوهم الوحيد هو الفردانية المتوحشة التي سنتها الحياة الرأسمالية التي جعلت الفرد لا يعرف غير نفسه ورصيده في البنك.
وتقوم الفكرة عندهم على وضع ميزان تلقائي بين الخصوصية الضرورية وبين الاندماج المتوازن، ومر على تجربتهم هذه أكثر من سنتين وعرض التلفزيون مشهداً من اجتماعاتهم وطريقة تفاعلهم وتنقل الأفراد بين الكراسي لتبادل الأحاديث وتنويع الجلسات.
وتحدثوا عن تجربتهم وذكروا أن الخلافات تحدث كثيراً ولكنها لا تصل لحد القطيعة، وهم يشعرون بجو إنساني بما إن كل واحد صار يجد شخصاً لا يتخوف من الحديث معه وسرد كل مشاعره وحكاياته، وفي الوقت ذاته يعرف أسماء كل الجيران وموقعهم وظروفهم، وهو حس وجداني يجعلك كل صباح تطلق كلمات مثل: صباح الخير، وكيف مرت ليلتك وما شابه، وهي جمل تصدر بين أشخاص صاروا يحسون أنهم جيران.
وأشار أحدهم إلى منظر عريض من العمارات المجاورة وهو يصفها بالوحشة والغربة والخوف، في حين تعيش عمارته في حالة من التعارف البسيط لكنه يعطي راحة وحساً بأنك بين أناس تعرفهم ويعرفونك وتستطيع معهم أن تلغي كل الفروق، وانتهى الفيلم بعرض صور الوجوه وهي تبتسم لبعض، وتنظر في المقابل لباقي العمارات وتشعر بالفرق بين أن تستسلم للفردانية وأن تكون إنساناً.