لاما عزت 4 يناير 2014
لا يتوافد السياح على جزيرة ألونيسوس اليونانية بأعداد كبيرة؛ حيث إنها تفتقر إلى المعالم السياحية، ولا تضم بين جنباتها سوى شاطىء رملي وحيد، كما أن النزهات بها لا تحفل بالإثارة. وتُعد هذه العناصر تحديداً نقطة تميزها عن الجزر اليونانية الأربعة؛ حيث تعتبر الجزيرة بمثابة واحة الهدوء والطبيعة الخلابة.
وبمجرد الوصول إلى بلدة باتيتيري الساحلية الصغيرة، يداعب أنف السياح شذى يمزج بين رائحة هواء البحر المالح ورائحة الصنوبر الحلبي الذكية. ويتسم إيقاع الحياة بالجزيرة بالبطء؛ حيث يرفع سكانها شعار «Siga, siga» أي «رويداً، رويداً!». وليس أدل على ذلك من أن السكان لا يستقلون السيارات للتنقل بين أرجاء الجزيرة، وإنما يتنقلون على متن دراجات نارية صغيرة.
وتُعد جزيرة ألونيسوس بمثابة جنة خضراء، وفي حقيقة الأمر تزدان هذه الخضرة بألوان متعددة وزاهية؛ فتبعاً لفصل السنة تنمو شجيرات الخلنج ذات اللون الأرجواني، وعشبة بخور مريم وردية اللون، ونبات العنصل ذو اللون الأبيض والشمر أصفر اللون.
وفي المجمل، تضم الجزيرة 14 درباً للتجول تزخر باللافتات الإرشادية. ويحفظ كريس براون، الذي يرشد السياح في جولات بالجزيرة منذ بضع سنوات، جميع هذه الدروب عن ظهر قلب. ويقول براون إنه إلى جانب الأعشاب الطبية تزخر الجزيرة بالطيور، فعلى سبيل المثال يمكن هنا رؤية صقر إليونورا.
ويؤدي طريق صاعد يحمل اسم "درب الحمار" إلى القرية الجبلية القديمة التي تُسمى "كورا". ويقول كريس إن هذا الطريق يؤدي في حقيقة الأمر إلى القرية الجبلية الجديدة؛ إذ أن القرية القديمة تعرضت للدمار بفعل زلزال. ومع ذلك، تبدو القرية بنفس صورتها القديمة، كما لو كان الزمن قد توقف هنا. وفي الميدان الذي يقع في قلب القرية، تستلقي قطط على حجارة دافئة، بينما يحتسي العجائز مشروب الأوزو (العرق) ويلعبون لعبة تافلي، البديل اليوناني للعبة النرد، على طاولات خشبية مطلية باللون الأزرق أمام منازل مدهونة باللون الأبيض. وفي الخلفية تتلألأ مياه بحر إيجه الزرقاء، صورة اليونان في الكتب السياحية المصورة.
ولا يبعد البحر عن قرية "كورا" كثيراً؛ فبعد السير لمدة عشر دقائق تقريباً يصل السائح إلى خليج "ميجالوس مورتياس" الذي يقع جنوبي القرية. ويستطيع السائح أن يستحم في مياه الخليج الفيروزية بعد جولة تنزه في الجزيرة. وبالسيارة يصل السائح بسرعة أيضاً إلى شاطىء "كريسي ميليا"، الذي يعتبر الشاطىء الرملي الحقيقي الوحيد بالجزيرة.
وفي الآونة الأخيرة باتت الكثير من المنازل في قرية "كورا" تؤجر شققاً للسياح الذي يفدون إليها لقضاء عطلاتهم. وفي الصباح يسمع السائح صياح الديوك، ونهيق الحمير. وبعد عدة أيام يتساءل السائح: في أي يوم من الأسبوع نحن؟ وخلال فصل الصيف يتم في جزيرة ألونيسوس التفرقة بين يوم العمل وعطلة نهاية الأسبوع فقط. وبعد وصول القوارب السياحية لشواطىء الجزيرة، لاسيما في شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس، تنبض الجزيرة بالحياة والحركة.
ويقول كريس إن الأجواء الصاخبة لا تهيمن على الجزيرة إلا خلال الاحتفال بمهرجان القرية في الصيف. وفي هذه الفترة يقدم كريس وفرقته الموسيقية عروضاً فنية ويعزف إلى جانب الموسيقى اليونانية بعض أغاني الروك آند رول؛ إذ لا ينسى أنه إنجليزي الأصل. وعادة ما يتجمع السياح مساءً في المطاعم الكائنة بزقاق يقع على ربوة مرتفعة في قرية "كورا".
وأثناء تناول الطعام تتبدى للسياح إطلالة رائعة على الجزر الصغيرة غير المأهولة المحيطة بألونيسوس. وحول الجزيرة يمتد متنزه بحري وطني على مساحة 2200 كيلومتر مربع.
وفي فصل الصيف تُقدم للسياح جولات إلى الجزر المحيطة تتيح لهم اقتفاء أثر الملك أوديسيوس: ففي جزيرة "جيورا" كانت – بحسب ملحمة أوديسة - موطن العملاق ذو العين الواحدة. وعلى مسافة أبعد تقع جزيرة "بساثورا" البركانية والتي تزخر شواطئها الرملية بأحجار اللافا السوداء. ويرى السياح سعداء الحظ من القارب دلافين أو فقمة الراهب والتي كانت سبباً في تحويل المنطقة إلى محمية طبيعية.