#منوعات
كارمن العسيلي 8 مارس 2025
لا يمكننا التحكم في الماضي، لكننا نستطيع التأثير في المستقبل؛ فنحن الجيل الذي يشهد تغيرات بيئية هائلة، تتطلب منا أن نكون أكثر وعياً ومسؤوليةً، تجاه مستقبلنا، ومستقبل كوكبنا. إن أمامنا، الآن، فرصة كبيرة؛ لنكون جزءاً من الحل. وقد رسمت لنا الأمم المتحدة رؤية مستقبلية، عبر وضع 17 هدفاً طموحاً؛ للحفاظ على كوكب الأرض، وجعله أكثر صحةً وسعادةً.. فأين نحن، اليوم، من تحقيق هذه الأهداف؟!
هل تعلمون أن الغابات تغطي 31 % من مساحة الأرض، وتحتضن 80 % من الكائنات الحية، بحسب ما ورد على موقع أهداف التنمية المستدامة، التابع للأمم المتحدة؟.. لكن للأسف، نحن نخسرها بوتيرة غير مسبوقة!.. لهذا جاء الهدف الـ15 من أهداف التنمية المستدامة؛ ليركز على ضرورة حماية النظم البيئية البرية، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وإدارة الغابات بشكل مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف فقدان التنوع البيولوجي، بهدف الحفاظ على صحة كوكبنا، التي تعتمد على التوازن الدقيق بين الإنسان والطبيعة، فأي اختلال في هذا التوازن قد يؤدي إلى نتائج كارثية. وتشير الإحصاءات إلى أن هناك أكثر من مليون نوع من الحيوانات والنباتات، مهددة بالانقراض، بسبب النشاط البشري، وبين عامَيْ: 2015، و2019، فقدنا 100 مليون هكتار من الأراضي الصحية سنويًا، ما أثر في 1.3 مليار شخص.
-
كيف ترسم الإمارات مستقبلاً مستدامًا للطبيعة؟
وقد يتساءل البعض: كيف يمكن لفقدان الغابات، والتنوع البيولوجي، أن يؤثر في حياة البشر؟.. بحسب الخبراء، إن الصحة العالمية ترتبط بالطبيعة؛ لأن الأمراض الحيوانية المنشأ، مثل «كوفيد - 19»، تنتج عن تدمير المواطن الطبيعية للحيوانات، ما يزيد انتقال الفيروسات إلى البشر. ومن هنا، تتضح ضرورة تضافر الجهود؛ لحماية الحياة البرية، من خلال إعادة التدوير، وتقليل الاستهلاك، واختيار منتجات غذائية محلية ومستدامة، ودعم السياحة البيئية المسؤولة، وتعزيز إدارة المحميات الطبيعية.
الإمارات نموذج عالمي في حماية الحياة البرية
قد يعتقد البعض أن دولة الإمارات - بصحاريها الممتدة، ومناخها الجاف - ليست مكاناً مثالياً؛ للحديث عن التنوع البيولوجي، لكن الواقع مختلف تمامًا. فعندما نتحدث عن حماية البيئة، لا يمكننا إلا أن نسلط الضوء على جهود الدولة في تحقيق الهدف الـ15 من أهداف التنمية المستدامة، فقد أصبحت الإمارات مثالاً يحتذى في الحفاظ على الحياة البرية، والتنوع البيولوجي. فبين الصحراء الذهبية، والمياه الساحلية الغنية بالشعاب المرجانية، وغابات القرم، تزدهر الحياة الفطرية في تناغم فريد، تدعمه استراتيجيات ورؤى مستقبلية طموحة.. وإليكم الدليل، بحسب البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات العربية.
التنوع البيولوجي.. ثروة طبيعية تحت الحماية
تعد الإمارات موطنًا لأنظمة بيئية متنوعة، تضم العديد من الأنواع النادرة، والمهددة بالانقراض، مثل: النمر العربي، والمها العربي، والسلحفاة الخضراء، وبقر البحر. ولحماية هذه الثروة؛ تبنت الدولة استراتيجية وطنية للتنوع البيولوجي منذ عام 2017، تستند إلى أهداف «آيشي» العالمية، ما يعزز جهود الحفاظ على النظم البيئية، وضمان استدامتها للأجيال القادمة. وهي لم تكتفِ بحماية الحياة البرية داخل حدودها، بل أطلقت برامج للحفاظ على المها العربي، وإعادة توطينه، ما ساهم في زيادة أعداد هذا النوع؛ ليتم رفعه من قائمة «الأنواع المهددة بالانقراض» إلى فئة «المعرضة للخطر». كما تشارك الدولة، بفاعلية، في الجهود العالمية؛ للحفاظ على النمور العربية، والصقور، وسلاحف منقار الصقر.
المحميات الطبيعية.. واحات مستدامة في قلب الإمارات
في إطار سعيها إلى حماية الموائل الطبيعية، خصصت الإمارات 43 محمية وطنية، تغطي 16 % من المناطق البرية، و12 % من المناطق الساحلية والبحرية. ومن بين هذه المحميات، تم تصنيف خمس منها كمناطق رطبة ذات أهمية دولية، وفق اتفاقية «رامسار»، ما يعزز مكانة الدولة في الحفاظ على البيئة العالمية.
مبادرات رائدة.. للحفاظ على الطبيعة
لا تتوقف جهود الإمارات عند إنشاء المحميات، بل تتخطاها إلى إطلاق برامج ومبادرات مبتكرة، أبرزها:
- الخارطة الذكية لرأس المال الطبيعي (2014)، وهي أداة مبتكرة تساعد في تقييم الموارد الطبيعية، وتقدير قيمتها الاقتصادية.
- إطلاق حملات التوعية البيئية، ومنها حملة «البرية الجميلة»، التي أطلقت عام 2015؛ لمكافحة الاتجار غير القانوني بالحياة البرية، واستهدفت مطارات دبي وأبوظبي في 2016؛ لرفع الوعي بين المسافرين.
- إطلاق المهرجان الثاني للمحافظة على الطبيعة (2016)، تحت شعار «الاتجار غير القانوني في الأنواع المهددة بالانقراض»، وهو أحد أبرز الأحداث التي ساهمت في نشر الوعي البيئي.
- تبني حلول مبتكرة لمكافحة التصحر، كمشاريع التشجير الواسعة النطاق، حيث ستتم زراعة أكثر من 100 مليون شجرة مانغروف بحلول 2030، التي تلعب دورًا محوريًا في امتصاص الكربون، وحماية السواحل من التآكل.
-
كيف ترسم الإمارات مستقبلاً مستدامًا للطبيعة؟
إنجازات بالأرقام.. خطوات ثابتة نحو الاستدامة
تحقق الإمارات تقدمًا ملموسًا في الحفاظ على الحياة البرية، أبرزها:
- زيادة مساحات الغابات من 245 ألف هكتار عام 1990، إلى 318 ألفاً عام 2011.
- إقامة 22 محمية طبيعية، حتى عام 2013.
- زيادة الأراضي الرطبة المصنفة دوليًا، من محميتين فقط عام 2010، إلى خمس محميات عام 2013.
- إعادة توطين الأنواع المهددة بالانقراض، مثل: المها العربي، وطائر الحبارى، في بيئاتها الطبيعية.
- الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والمراقبة عبر الأقمار الاصطناعية؛ لمتابعة صحة النظم البيئية؛ ما يساعد في اتخاذ قرارات دقيقة؛ لحماية التنوع البيولوجي.
تعبر جهود الإمارات، في تحقيق الهدف الخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة، عن رؤية استراتيجية، تعكس حرص الدولة على تحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على الطبيعة. وفي وقت يخوض فيه العالم سباقاً ضد الزمن؛ لإنقاذ الطبيعة، فإن الإمارات اختارت أن تكون في المقدمة، فتمضي بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر خضرة وازدهارًا، حاملة معها نموذجاً عالمياً لكيفية تعايش الإنسان مع الطبيعة بتناغم تام.