#تنمية ذاتية
زهرة الخليج اليوم
يعاني الكثير من الأمهات انصياع أطفالهن لأفكار أصدقائهم، ومن تقليدهم لتصرفاتهم وسلوكياتهم وأفكارهم، ويكون تأثير الأصدقاء في طفلك، في كثير من الأحيان، أكبر وأبلغ من تأثيرك فيه. قد تقفين حائرة أمام تلك المشكلة، وربما تتغاضين عن ذلك مع مرور الوقت، وتقومين ببذل الجهد المضاعف من دون فائدة، وقد تتبدل أحوال طفلك وأنت لا تعرفين من أين تبدئين؟ وكيف تبعدينه عن هؤلاء الأصدقاء؟ أما نفسية طفلك وسلوكياته وأفكاره، فتشعرين بأن ثمة شيئاً ما قد حصل فيها، وأصابها التغير، ربما لا يرى الآخرون هذا التغير، ولكنه سيظهر في شخصيته في يوم من الأيام، وسيجد الوقت المناسب للظهور حينما يقل خوفه أو احترامه لك.
أسباب ودوافع
لماذا يتعلم طفلك ويتأثر بأصدقائه أكثر منك؟ هناك أسباب ودوافع عديدة تؤدي إلى ذلك، ومنها:
أولاً: الصديق أقرب عمراً لطفلك منك، فهما يتقاربان في مستوى الإدراك والفهم والميول. لذلك، فإن الأسلوب الذي يتبعه صديق طفلك في الحديث أو الفعل يتلقنه طفلك من دون وعي منه، فيتصرف تصرفات صديقه ويردد أفكار أصحابه، وهذا الأسلوب هو الأقرب والأسهل إلى نفسه.
أما أنت فغالباً ما يكون أسلوبك أسلوب الوعظ والإرشاد، وهو أبعد ما يكون عن عقل طفلك، وعندما يقارن هذا الأسلوب المستخدم مراراً وتكراراً في كل شيء مع أسلوب أحد أصدقائه، سيميل من دون إدراك منه إلى أسلوب صديقه.
ثانياً: العلاقة المتينة بين طفلك وأصدقائه، فهي علاقة لا يوجد فيها مسؤول عن آخر، ولا وصاية لأحد على الآخر، لكن في علاقتك بطفلك توجد وصاية واضحة منك عليه، لذلك فإن درجة تقبّله لما يقوم به زملاؤه وأصدقاؤه أكبر تأثيراً فيه من تأثير أقوالك وأفعالك. ففي الحالة الأولى، أي حين يكون مع صديقه لا يحس بأنه أمام شخص يفرض عليه أمراً محدداً، وهو بالتالي يمتلك حرية القبول أو الرفض. لذلك، فإن أي قبول يأتي نحو سلوكية معينة سيكون قبولاً كلياً وكاملاً، لأنه حدث بكامل إرادة طفلك. أما الحالة الثانية، وهي علاقتك به فإن طفلك لا يمتلك حرية الرفض، وعليه أن يتقبل كل الأمور بشكل إلزامي، لذلك يكون قبوله لأوامرك قبولاً شكلياً وجزئياً، ينتهي بانتهاء السبب في بعض الأحيان، باستثناء الحالات التي تستطيعين فيها إقناع طفلك بشكل كامل.
ثالثاً: ممارسة بعض السلوكيات أو التصرفات بين الأصدقاء تكون ممارسة تشاركية، بمعنى أن أي فعل يقومون به يتشاركون فيه في الثواب والعقاب. أما معك كأم فإن معظم الأفكار والسلوك التي تطلب من طفلك، تكون فردية.
مثلاً، قد يتشارك الأصدقاء في سرقة وجبة إفطار أحد زملائهم، ويتقاسمون الغنائم فيما بينهم، وعندما يكشف أمرهم، سيلاقون العقاب نفسه على الأغلب، على الرغم من أن الأمر والمشورة قد صدرا من شخص واحد منهم، وكذلك الأمر مثلاً عندما يقومون بالهروب من المدرسة إلى حديقة، أو سوق بإيعاز من أحدهم أو يقومون بشرب دخان يجلبه أحد الزملاء فسوف يجدون العقاب نفسه.
أما معك فسيكون الأمر مختلفاً، فأنت تطلبين منه بشكل فردي أن يقوم بالدراسة والمذاكرة مثلاً، بينما تشاهدين التلفاز أو تطلبين منه الجلوس هادئاً من دون صوت.. فأنت تتناقشين في أمر ما مع صديقتك أو جارتك.
إقناع واحتواء
كيف تحتوين طفلك وتقنعينه بترك «رفاق السوء»؟
- عليك التقرب من طفلك والتعرف إلى جميع أصدقائه وعائلاتهم، فعن طريق هذه العلاقات العائلية يبتعد طفلك عن سلبيات كثيرة، كما أنه سيكتسب مفهوم المشاركة الاجتماعية، ويفهم معنى العلاقات بشكل عام.
- عليك أن تقوّي علاقة طفلك بأصدقائه الإيجابيين، وأن تزرعي في نفسه الاحترام المتبادل والصدق في المعاملة، ومراعاة التوافق في السن والمستوى الثقافي والاجتماعي والتعليمي بين طفلك وأصدقائه.
- مراقبة أفعال وردود فعل أصدقاء طفلك، لأنهم يقلدون بعضهم في كل شيء يفعلونه وينطقون به. لذا، راقبي أفعاله وأقواله، وتحدثي معه باستمرار للوصول إلى طريقة تفكيره، وما الذي أعجبه في سلوك صديقه؟
- تعرفي إلى الأسس التي يتبعها طفلك عند اختياره أصدقائه، فهو يختار من يشاركه الهوايات والألعاب نفسها، ومن يتشابه معه في الصفات الشخصية. لذا، قومي بتربية طفلك على الصفات الحميدة ليختار من يشبهه ويصادقه.
- امنحي طفلك الفرصة لتكوين الصداقات، شريطة أن تكوني قريبة منه ومن أصدقائه حتى تستطيعي التدخل في الوقت المناسب.