#منوعات
ياسمين العطار السبت 25 يناير 12:00
تجسد الأعمال الإبداعية المصنوعة يدوياً، التي تقدمها رفاه كالو، اندماجاً بين الحرفية التقليدية، والجماليات الحديثة في فن السيراميك. فبعد مسيرة مهنية ناجحة في مجال الصيدلة، قررت كالو أن تقوم بخطوة جديدة نحو الإبداع الفني؛ فوجدت في هذا المجال متنفساً، يعكس شغفها وجماليتها. وقد انطلقت رحلتها؛ حينما رغبت في استغلال وقت فراغها؛ بعدما كبر أبناؤها؛ لتكتشف موهبتها في تشكيل الطين، وتحويله إلى قطع فنية تخطف الأنظار.. «زهرة الخليج» التقت رفاه كالو؛ للحديث عن رحلتها، من عالم الصيدلة إلى فن السيراميك:
متى اكتشفت موهبتك في الحِرَف اليدوية؟
بعد أن كبر أولادي، وشقوا طريقهم؛ نصحتني إحدى صديقاتي بالذهاب إلى مركز لتعليم صناعة الأدوات الخزفية، فقد كنت أتطلع إلى إيجاد وسيلة مفيدة، أملأ بها وقت فراغي. لم أكن أعلم أن لديَّ هذه الموهبة إلا عندما ذهبت إلى «مركز الجليلة الثقافي»، والتقيت سيدات مبدعات في هذا المجال. وقتها شعرت برغبة كبيرة في استكشاف هذا الفن، ووجدت نفسي غارقة في شغف صناعة الخزف؛ ليكون امتداداً لمسيرة بدأت بدراسة الصيدلة، وإدارة مركز لتوزيع الأدوية في سوريا، ثم الانتقال إلى الإمارات، حيث أسست صيدلية، وحققت نجاحاً كبيراً، قبل التفرغ لتربية أبنائي.
سعادة.. ورضا
ما الذي جذبك إلى عالم فن السيراميك؟
الأمر جاء عن طريق الصدفة، فعندما جربته للمرة الأولى انجذبت إلى هذا الفن، وأصبحت أقضي ساعات طويلة في تشكيل منتجاتي، التي كان لها بالغ الأثر في راحتي النفسية؛ فإنجاز عمل جميل يمنح الإنسان الكثير من السعادة والرضا.
كيف تعرفين فن السيراميك.. من واقع خبرتك؟
في البداية، كلمة «سيراميك» تأتي من اللغة اليونانية، وتعني «الفخار»، أو «طين الفخار». إن معظم المنتجات الخزفية التقليدية مصنوعة من الطين، أو الطين المخلوط بمواد أخرى، وتُشَكّل، وتخضع للحرارة، ولا تزال أدوات المائدة والسيراميك الزخرفي تُصنع بهذه الطريقة عموماً. وتعتبر صناعة السيراميك من أشهر الحرف الفنية، وأقدمها، كما تعكس هذه الحرفة تقليداً وتراثاً عريقين بالنسبة لنا؛ فالكثير من الصناعات اليدوية تعتمد على هذه المادة، وتطورت هذه الحرفة عبر العصور. إن قطع الديكور المصنوعة من السيراميك تكاد تكون تحفاً فنية لروعتها وجمالها ودقة تصميمها. ويعد السيراميك فناً قائماً بذاته، له تقنياته وأساليبه، كما أن عشاقه يفضلونه عن بقية الحِرَف اليدوية، لتقديم قطع فريدة؛ لأنها مصنوعة يدوياً، فيسهل التحكم في الحجم والشكل واللون، كما أنها تتحمل حرارة الفرن.
كيف حولت شغفك إلى مشروع تجاري؟
كان لأبنائي دور كبير في هذا التحول، فقد شجعوني على تحويل هوايتي إلى مشروع تجاري، يحمل اسم «Platedceramics». في البداية، كنت متخوفة من الإقبال، لكن بدعم الأصدقاء، والعمل المستمر، حققت النجاح.
حدثينا عن طبيعة المهنة، والصعوبات التي واجهتكِ!
صناعة السيراميك تتطلب الكثير من الصبر؛ لأن القطعة المنتجة تحتاج إلى 10 أيام حتى تجف، ثم يتم إدخالها الفرن الخاص، ثم تلون، وتعاد إلى الفرن مرة أخرى، وأحياناً قد أعيد العمل مرة ثانية. كما تحتاج مادة الطين إلى مراعاة تفاعلها، وتطورها أثناء العمل عليها؛ لأنها مادة حساسة، والتعامل معها يحتاج إلى عناية فائقة. هناك العديد من المراحل للوصول إلى النتائج النهائية، وهناك دائماً عنصر المفاجأة، الذي اعتدت تقبله، مثل أن تخرج القطعة من الفرن وبها شرخ كبير، وبالتالي لا يمكن استخدامها، أو بيعها. كذلك، تشكل مسألة إدارة تكلفة الإنتاج مع الحفاظ على الجودة العالية تحدياً، خاصةً إذا كنت تستهدفين سوقاً تنافسياً، وتريدين أن تكوني الأفضل. ورغم هذه الصعوبات؛ إلا أن الطين مادة مرنة، تمنحني مساحة للإبداع والتجربة، وهذه الخاصية تؤثر - بشكل مباشر - في طبيعة الأعمال التي أنجزها؛ كما تتيح لي الانفتاح على أساليب متنوعة في التصميم، وهذا يظهر - بوضوح - في أعمالي، من خلال الأشكال، والأحجام، والألوان التي أعتمدها.
تصاميم فريدة
من أين تستوحين تصاميمك الفنية؟
تحمل أعمالي الطبيعة الحرفية التقليدية للسيراميك إلى شكل فني معاصر، فأتخذ في أعمالي - من الشكل الفني القديم للسيراميك - وسيلة حيوية ومعبرة في العالم الحديث؛ لهذا أقضي وقتاً طويلاً في البحث - عبر الإنترنت - عن أشكال جديدة، تساعدني في تطوير أفكاري، فمثلاً صنعت مجموعة من الأطباق سميتها «مجموعة الياسمين»، استوحيتها من زهرة بلادي سوريا، ولقيت تلك المجموعة إعجاباً كبيراً، وتركت انطباعاً مميزاً لدى العملاء، خاصة أنني أحرص - عند صناعة أطباق من هذه التشكيلة - على تقديم نموذج مختلف لتشكيل الزهرات على الصحن؛ لتضفي نوعاً من التميز. وأقوم، الآن، بالتحضير لنماذج جديدة، تناسب شهر رمضان الكريم.
ما الألوان التي تستهويك؟
الأبيض بكل درجاته، وألوان «الباستيل»، فالأبيض لون جامع لكن الألوان، ويناسب جميع الأذواق، وكل المنازل. أما ألوان الباستيل، فهي مريحة، وتمنح الناظر شعوراً بالهدوء والسعادة؛ لذلك أفضلها.
هل أثرت الطفرة الصناعية في حرفة السيراميك اليدوية؟
إن التكنولوجيا أثرت في العديد من الحرف، التي تحولت طبيعتها اليدوية إلى صناعية، فأصبحت تصنع باستعمال آلات وماكينات، تسهل الخلط والمزج والتسخين. ورغم ذلك، لا يزال الأسلوب الشخصي للحرفي يتمتع بخصوصية ومكانة فريدة؛ إذ يفضله محبو الفن اليدوي.
ما أحلامك، وطموحاتك؟
أطمح إلى تعريف الجمهور أكثر بفن السيراميك اليدوي، وتطوير علامتي التجارية؛ لتصل إلى مستويات أعلى من التميز والنجاح. وأرغب، أيضاً، في تعزيز خبراتي، والاستمرار في الإبداع بهذا المجال، الذي أجد فيه شغفي الحقيقي.