#رياضة
ياسمين العطار الأحد 26 يناير 12:30
زمزم وغلا الحمادي.. اسمان ذاعا في تاريخ الرياضة الإماراتية، كأول رياضيتين تجمعان لقب بطلة العالم في رياضتَي: الجوجيتسو، والفنون القتالية المختلطة. فتفوقهما الرياضي توّجهما بسلسلة من الميداليات الذهبية، وأتاح لهما فتح أبواب جديدة أمام «بنات زايد» في عالم الرياضات القتالية. ووراء هذا النجاح الكبير، تقف والدتهما البطلة ندى النعيمي، الحاصلة على الحزام الأسود في الجودو، والبني في الجوجيتسو، والتي شكلت مصدر الإلهام الأول في حياتهما، ومنارة أمل لكل امرأة طموحة، بعدما اختارت - في عمر مبكر - مساراً مختلفاً، لم يشكل حياتها فحسب، بل وأيضاً حياة أطفالها الثلاثة، أبطال منتخب الإمارات في رياضتَي: الجوجيتسو، والفنون القتالية المختلطة.. التقت «زهرة الخليج» البطلتين زمزم وغلا الحمادي؛ للحديث عن مسيرتهما الملهمة، وجهود والدتهما في تشكيل قصة نجاحهما، وكذلك دور الرياضة في تعزيز أواصر الترابط في ما بينهما:
موهبة فطرية
بدأت الرحلة الرياضية لزمزم وغلا الحمادي في سن مبكرة للغاية، فبينما كان الأطفال الآخرون يتعلمون المشي، كانت زمزم تطرق أبواب الجوجيتسو، في الثانية والنصف من عمرها. تتحدث زمزم بحماس عن تلك الفترة، وعيناها تلمعان عند تذكرها: «كان البساط بالنسبة لي أشبه بالمنزل؛ فقد كنت أشعر، دائماً، بأنه المكان الذي أنتمي إليه، حيث كنت أذهب مع والدتي دائماً للتدريبات. وعندما رآني المدرب، قال لوالدتي: إنني أمتلك موهبة فطرية، ستمكنني من أن أصبح بطلة في المستقبل. وبدأ يدربني في عمر مبكر بمرحلة ما قبل المدرسة، ولحقت بي شقيقتي غلا، وشقيقي زايد؛ فلم تكن المدارس قد أدرجت (الجوجيتسو) بها بَعْدُ». وعلى عكس معظم الأطفال الصغار، وجدت زمزم وغلا السعادة في عالم فنون القتال، وليس في ألعاب الأطفال. أما غلا، فتتذكر كيف كانت البداية، وتقول: «أنا وأخي زايد دربتنا والدتنا، وقد كنا نعتقد أن الجوجيتسو مجرد لعبة، لكننا أدركنا، لاحقاً، شغفنا الحقيقي بهذه الرياضة، التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، وكان غياب التدريب ليوم واحد يُشعرنا بالفراغ».
امتنان.. وإلهام
إن تأثير والدة زمزم وغلا فيهما يتجاوز حدود الحلبة؛ فهي ليست مدربتهما فحسب، بل مرشدتهما، والمخططة لهما، وأكبر داعم لهما. فتحت إشرافها، لم تكتسب الأختان القوة البدنية فحسب، بل اكتسبتا أيضاً القوة العقلية اللازمة للتفوق في مثل هذه الرياضة الصعبة. تضيف زمزم، الحاصلة على ميداليتين ذهبيتين في بطولة العالم للجوجيتسو للناشئين والشباب عامَيْ: 2021، و2023: «والدتي تساعدنا كثيراً، وتمنحنا الكثير من وقتها؛ لإسدائنا النصائح، وتوجيهنا نحو أفضل الوسائل التي تقودنا إلى التميز الرياضي، من واقع تجربتها الكبيرة في الجودو والجوجيتسو. إنني فخورة بها، وبما حققته، وقدمته لنا. إن دافعي الأساسي إلى المنافسة في البطولات، هو إهداء الألقاب إلى الوطن، ووالدتي تقديراً لدورها الكبير في وصولي إلى هذه المرحلة من التميز برياضتَي الجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة». من جانبها، أكدت غلا، صاحبة ذهبية بطولة خالد بن محمد بن زايد للجوجيتسو بفئتها، أنها تستمد تميزها في رياضة الجوجيتسو من والدتها، التي تعتبر الأساس، والمرتكز، في وصولها إلى المنافسة في أفضل المراكز على مستوى البطولات القارية والدولية، وعن هذا تقول: «في كل مشاركة، أضع أمامي صورة والدتي الملهمة، التي منحتنا الكثير؛ للوصول إلى هذا التميز الرياضي، وأتمنى أن أنجح، دائماً، في تحقيق الفوز بالاستحقاقات المحلية والعالمية كافة».
انعكاس إيجابي
تبين زمزم أن رياضة الجوجيتسو قدمت لها الكثير، وعلمتها معنى العزيمة والإصرار على تحقيق الأهداف، ما انعكس إيجاباً على حياتها اليومية والدراسية، وتضيف: «رياضة الجوجيتسو مهدت لي الطريق؛ لممارسة رياضة الفنون القتالية المختلطة، والتميز فيها. وكان للدعم الكبير من الجهات الرياضية المعنية بالدولة، والفريق الإداري والفني وزملائي، دور كبير في تحقيق ما وصلت إليه اليوم. وقد حاولت الحصول على الإخضاع في جميع نزالاتي؛ ليكون للفوز وقع أكبر، ولإبراز تفوق الرياضة الإماراتية على مستوى العالم». وقالت غلا: «ممارستي وشقيقتي للجوجيتسو، والفنون القتالية المختلطة، دافع كبير لنا من أجل الاستمرار في هذه الرياضة، خاصة أننا وصلنا إلى مراحل متقدمة فيهما، وحققنا العديد من الميداليات الملونة في بطولات عالمية، وبالتالي لابد من المحافظة على ما وصلنا إليه، وتطوير مستوانا».
تقدير دولي
وحول قصة ممارسة زمزم وغلا لرياضة الفنون القتالية المختلطة، كأول بطلتين إماراتيتين في هذه الرياضة، قالت زمزم: «عام 2022، شارك أخي زايد في بطولة العالم لرياضة الفنون القتالية المختلطة التي أقيمت في أبوظبي، وعندما علمنا بإتاحة المجال للفتيات؛ لممارسة هذه الرياضة، شاركنا على الفَوْر، وركزنا في التدريبات بشكل كبير، لقد وضعت نصب عينيَّ لقب بطولة العالم، وبالفعل تمكنت من هزيمة البطلة الأوكرانية كيرا فولياشينكو، التي احتفظت بلقب بطولة العالم للشباب في فنون القتال المختلطة لمدة سنتين، ما جعلني أول بطلة من دولة الإمارات تحقق هذا الإنجاز، بحصولي على الميدالية الذهبية بوزن 52 كغم، في بطولة العالم للشباب بفنون القتال المختلطة 2023، و2024. كانت معركة صعبة، لكن عندما فزت باللقب، شعرت بالفخر والسعادة الغامرة». أما غلا، الحاصلة على لقب بطولة العالم للفنون القتالية المختلطة للناشئين فئة الناشئين «ب» بوزن 44 كغم، فقد حققت شهرة واسعة؛ بتسجيلها أسرع استسلام، وحصولها على الميدالية الذهبية، ما أكسبها احترام وإعجاب مجتمع الفنون القتالية العالمي. وعن ذلك تقول: «عندما سجلت أسرع استسلام، أصيب الجميع بالصدمة؛ لوصول الرياضيات الإماراتيات إلى هذا المكان. ما عزز قدرة ومكانة المرأة الإماراتية الرياضية».
فرق كبير
وعن الفرق بين رياضتَي الجوجيتسو والفنون القتالية المختلطة، أوضحت غلا: «تختلف رياضة الجوجيتسو بشكل كبير عن الفنون القتالية المختلطة، لكنها ساعدتني كثيراً في تقديم أداءٍ متميز في منافسات الفنون القتالية المختلطة، وقد استفدت من خبرتي بها في النزالات الأرضية، بينما اعتمدت حركات (الكيك بوكسينج)، و(المو تاي)، و(الملاكمة)، في النزالات التي تخللتها وضعية الوقوف».
علاقة وطيدة
وللحديث عن نبوغ الأسرة رياضياً، تقول زمزم: «تجمعني مع أختي وأخي علاقة وطيدة للغاية، وكثيراً ما يشيد الناس بدرجة التقارب في ما بيننا، ويقتصر القتال بيننا على المنازلة خلال التدريب. كما نتدرب دائماً معاً، سواء في المنزل مع أمي، أو خلال التدريب، وتتسم علاقتنا بالصداقة، إضافة إلى الأخوة. ودائماً أشعر بالفخر والاعتزاز بإنجازات غلا وزايد، فهي تمثل مصدر إلهام لأبناء جيلهما». فيما أعربت غلا عن امتنانها لشقيقيها زمزم وزايد؛ لدعمهما المتواصل، وأضافت: «أشعر، دائماً، بالسعادة البالغة؛ عندما أحقق مع أخويّ ألقاب بطولة العالم، في الميزان الخاص بكلٍّ منا، إذ تربطنا علاقة قوية، ونتدرب معاً، ونقضي وقتاً طويلاً معاً، ونتناقش في نقاط قوتنا لتنميتها، وضعفنا لتصحيحها، في ظل متابعة ورعاية الوالدة».
أفضل شعور
وعن أحلامها، كشفت زمزم: «هدفي موجه إلى خدمة الوطن، ووضعه في المقدمة، والمراكز الأولى، ورفع اسم الإمارات في المحافل الدولية». أما غلا، فقالت: «أطمح إلى أن يرفرف علم الإمارات عالياً في السماء؛ فعندما ترى والدتنا علمنا في الأعلى، وتسمع النشيد الوطني، يكون هذا أفضل ما يسعدها. أعتقد، أنا وأختي، أن الفوز هو أقل ما يمكننا فعله لبلدنا، الذي دعمنا في تحقيق أحلامنا».