#أخبار الموضة
غانيا عزام 10 نوفمبر 2024
بدأت «Loro Piana» نسج أول خيوط نجاحها عام 1924، في شمال «بيدمونت»، موطن الرعاة الذين كانوا يعيشون حياة بسيطة، وكانوا يغزلون ويبيعون صوف أغنامهم لقرون من الزمان. أما أصل اسم «لورو بيانا»، فيعود إلى القرن السابع عشر، عندما ظهر اسم «لورو ديلا بيانا». وبعد انتقال العائلة، التي تحمل لقب «لورو» إلى «بيانا»، وهي جزء من قرية «تريفيرو»، أخذت اسم «لورو بيانا»، هذه الدار التي توارثت التميز والشغف طوال 100 عام.
وفي مئويتها الأولى، جدير بنا أن نذكر أن «لورو بيانا» لم تَحِدْ يوماً عن مهمتها الأساسية، وهي البحث عن الجودة، وأفضل المواد الخام في العالم، وابتكار خيوط وأقمشة لا مثيل لها، وهنا تكمن قوتها وتميزها. واستثمرت العلامة كل خبراتها ودرايتها بصناعة الملابس والإكسسوارات، ومفروشات المنزل، التي يتم إنتاجها بحب في إيطاليا، وفق أعلى معايير وأشكال الحرفية المتوارثة، عبر سلسلة ماهرة من الأيدي، مع تكامل رأسي يصنع أرقى العناصر، بدءاً من المزرعة، ووصولاً إلى القطع النهائية.
وبالعودة إلى صناعة الألياف، التي لطالما تميزت بها الدار الإيطالية، نلقي نظرة على البيئة الطبيعية للمزارعين القدماء في «بيدمونت»، حيث المياه النظيفة الصافية من الجداول الجبلية مثالية لغسل الألياف الثمينة؛ وكانت الكستناء، التي يتم جمعها محلياً، تستخدم في صبغ وتزييت الصوف، الذي كان يُغزل بعد ذلك على عجلات، ويُنسج على أنوال مصنوعة من الخشب المحلي الوفير.
وعلى امتداد ستّة أجيال، مرت العلامة التجارية بالكثير من المحطات المضيئة، وتحولت من شركة لتجارة الصوف إلى دار عريقة، بات اسمها، اليوم، مرادفاً للفخامة، بالجودة العالية، والتصاميم الأنيقة، وأثمن ألياف الصوف في العالم.
لمحة تاريخية
شهِد عام 1924 تأسيس بيترو لورو بيانا معمل صوف بإقليم «فالسيزيا»، في وادي نهر «سيزيا»، الذي يشتهر بمياهه النظيفة الشفّافة، التي تُشكّل عاملاً أساسياً لإنتاج الأقمشة الفاخرة. وأبصر النور أول تصاميم الدار، التي تشمل قطعاً فريدة، مثل وشاح «Grande Unita»، الذي بات أيقونة عالمية، في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، بفضل جهود الأخوَيْن: بيير لويجي وسيرجيو لورو بيانا. فالأوّل يتمتّع بذوق رفيع، والثاني مهندس توّاق إلى التميّز، واكتشاف أفضل ألياف الصوف في العالم. والنتيجة كانت تصاميم راقية، وبعيدة عن التكلّف، وأزياء مُريحة وبعيدة عن المغالاة، مصمّمة من أجود المواد الطبيعية الخام، مثل صوف «Vicuña»، وصوف «The Gift of Kings»، والكشمير، و«Baby Cashmere»، و«Lotus Flower».
صوف الـ«Vicuña»
في صيف عام 1978، أمضى سيرجيو وبيير لويجي إجازتهما في أميركا الجنوبية (الأرجنتين، وبيرو، والبرازيل، وفنزويلا). وأخذت هذه الرحلة الشقيقين آلاف الأمتار في جبال الأنديز حيث الهضاب القاسية، فوجدا الألياف الذهبية لـ«الفيكونيا» (أحد الجملين البريين، اللذين يعيشان في أميركا الجنوبية)، التي تبدو - في سطوعها وخفتها - كأنها تلتقط أشعة شمس أميركا الجنوبية. وتعد «الفيكونيا» (Vicuña) أصغر عضو في عائلة الجمال، التي تضم أيضاً: الألبكة، واللاما، والغواناكو. وكانت الألياف الناعمة والخفيفة للغاية، المصنوعة من صوف «الفيكونيا»، هدية من أباطرة بيرو. وتم تقديم ملابس «الفيكونيا» عام 1994، بعد بذل جهود كبيرة لإنقاذ هذا النوع. ويبلغ متوسط قياس الألياف الدقيقة جداً 12.5 ميكروناً فقط، مع وظيفة تنظيم الحرارة غير العادية. ويعتبر قماش «الفيكونيا» - الذي يبدو غير ملموس كالسحابة، ولكنه دافئ للغاية - نادراً جداً وناعماً، ما يجعله مثالياً لابتكار ملابس مذهلة لعشاق الذوق الرفيع.
نسيج «Pecora Nera»
عام 2003، قدمت «لورو بيانا» نسيج «بيكورا نيرا»، الذي تم جمعه حصرياً من صوف أغنام «الميرينو» الداكن. وأصبحت الحكاية غير العادية لنسيج «بيكورا نيرا» خاصة بشركة «لورو بيانا». إنها قصة تنوع، تجد سحرها في كونها فريدة من نوعها؛ فـ«بيكورا نيرا» صوف نادر داكن اللون طبيعياً، تم الحصول عليه في نيوزيلندا من مزرعة فريدة من نوعها. ويتم جمع هذا الصوف، حصرياً، من صوف أغنام «الميرينو» (Merino) الداكنة، التي تم اختيارها بعناية على مدار الأربعين عاماً الماضية، وهي مبادرة سلطت الضوء على هذه الأغنام الفريدة، التي كان الأسود اللونَ الأصليَّ لسلالتها. تقليدياً، كانت الأغنام البيضاء تهيمن على التربية الانتقائية؛ بسبب صوفها القابل للصبغ. ومع ذلك، تحمل بعض الأغنام البيضاء جينات متنحية للصوف الداكن. واستهدف مربو الأغنام في نيوزيلندا هذه الأغنام الداكنة، واستعادوا جميع الخصائص الأصلية لهذه الحيوانات الجميلة، بما في ذلك صوفها اللامع والمتين والمرن بدرجات ألوان طبيعية، تراوح بين البني والأسود. والنتيجة كانت مجموعة نادرة من أقمشة غير مصبوغة ذات أنماط طبيعية، تم ابتكارها بشكل فريد من خلال الظلال الطبيعية الدافئة لصوف «الميرينو» الأسود. ويجعل الملمس الناعم للغاية، ولون الألياف، في «Pecora Nera» هذا الصوف فريداً من نوعه، ومثالياً لـ«Loro Piana».
الكشمير الاستثنائي
اشتهرت «لورو بيانا» بالملابس، والأوشحة المصنوعة من صوف الكشمير الناعم والاستثنائي، الذي تستورده من الصين ومنغوليا، حيث أقامت الدار شراكات دائمة مع المجتمعات المحلية هناك. وبمصنع الدار في «أولان باتور»، تمر ألياف الكشمير بأولى مراحل مراقبة الجودة، وباتباع نهج الجودة على الكمية، والاهتمام بحماية المجتمع، وتلتزم «لورو بيانا» بتوجيه صناعة الكشمير لتكون أكثر استدامة. ولطالما كانت مبادئ الابتكار والبحث والخبرة هي الموجه الأول لأخلاقياتها، وتشكل سلسلة من الأيدي، والحرفيين، والأشخاص المتحمسين المتميزين، جزءاً من كل خطوات الإنتاج، وكذلك الابتكار. والنتيجة هي كشمير ناعم واستثنائي، يوفر تجربة حسية لا مثيل لها. ويأتي الكشمير الأكثر رقياً وتطوراً في العالم من الصوف الرقيق للغاية للماعز البالغ «Capra Hircus». وينتج كل ماعز من 450 إلى 500 غرام فقط من الصوف الرقيق كل عام، تصل إلى 200 غرام بعد إزالة الشعر.
هنا، قدمنا غيضاً من فيضِ قصة نجاح هذه العلامة الإيطالية، المستمرة في التطور والنمو، علماً بأن الدار أصدرت، بمناسبة عيدها الـ100، كتاباً بعنوان «Master of Fibres»، من تأليف الكاتب نيكولاس فولكس، ونشرته دار «Assouline». الكتاب يروي حكاية عائلة روّاد الأعمال وراء العلامة الإيطالية العريقة، التي تتلاقى فيها هندسة الأقمشة والمهارات والحرف التقليدية مع أجود الأقمشة الخام، والنتيجة تتجلى في تحفٍ فنية رائعة، تليق بأصحاب الذوق الرفيع.