#منوعات
نجاة الظاهري السبت 19 أكتوبر 10:00
من يتأمل لوحاتها؛ يظن أنها قضت سنوات طويلة في عالم الفن، ويتملكه الاستغراب؛ حينما تخبره بأنها بدأت رحلتها الفنية منذ ثلاث سنوات فقط.. إنها الفنانة الإماراتية فايزة محمد، التي وجدت في الفن علاجاً ساعدها على النهوض من جديد، فأصبحت تمارس الرسم بشغف، متسلحة بالتجريب والممارسة اليومية، حتى أتقنت اختيار الألوان، وتنسيقها على القماش. وقد بدأت الفنانة الإماراتية طريقها بفرشاة رسم بسيطة، اشترتها من صاحب ورشة حضرت منها حصتين.. «زهرة الخليج» حاورت فايزة محمد؛ لتعرف أكثر عن أسلوبها الفني، ومصادر إلهامها:
ميل إلى «العمارة التراثية»
لم تستكمل فايزة محمد دراسة «الهندسة المعمارية»؛ بسبب الزواج، وعودتها إلى الدولة، إلا أن حب العمارة ظل جزءاً من فنها؛ وتخبرنا عن هذا الأمر: «كنت، دائماً، معجبة بالعمارة القديمة، ومحبة للفن القديم أكثر من الحديث، رغم أنه لو طلب مني عمل يدمج الاثنين لفعلت. لكنني أميل أكثر نحو القديم؛ فأنا أحب الأشياء القديمة عامة، وأشعر بأن لديها روحاً فريدة، وشخصية خاصة، وتعني لي الكثير. كما أحب اكتشاف الأماكن التراثية. ففي الشارقة مثلاً، حيث أسكن، توجد المدينة القديمة، وحينما أزورها أجد متعة كبيرة؛ لذلك أحب الذهاب إليها، والجلوس هناك؛ لرسم لوحاتي التي أستلهمها من المكان نفسه، كما أحب منطقة الفاية، وأستمتع فيها بكل شيء تراثي وقديم». وتتابع: «حينما أجلس في الخارج وأرسم، تساعدني الإضاءة الطبيعية على الرسم بشكل أفضل، فأنهي رسوماتي سريعاً؛ لأن الضوء بإمكانه أن يتغير بعد فترة قصيرة، ولديَّ لوحات أنهيتها في ساعة واحدة، خلال وجودي في هذه المناطق، ومنها لوحة أنجزتها في حي الفهيدي بدبي، تمثل مدرسة (الفن الانطباعي)، التي لا تعطي انتباهاً كبيراً للتفاصيل، وهذا يسرع عملية الرسم لديَّ، فالرسم الانطباعي مناسب أكثر للوحات الخارجية».
استوديو خاص
لكل فنان مرسمه الخاص، الذي يخلو فيه إلى بياض قماش لوحاته، وألوانه، وفرشه وسكاكينه الخاصة بالرسم؛ لينجز أعماله من أصغرها إلى أكبرها، وعن مكانها الخاص تقول الفنانة الإماراتية: «خصصت مكاناً في منزلي جعلته استوديو، وقررت إنشاء مرسم خاص، وتجربة رسم لوحاتي باستخدام الفن الواقعي. بدأت باختيار لوحات لفنان مشهور من خلال برنامج (بنترست)، ثم دخلت في تحدٍّ مع نفسي لتقليده، لأنني لم أدرس الرسم، ولم أسجل في ورشة للرسم من قبل. بعد تقليده بفترة، رأيت في نفسي القدرة على الرسم بأسلوبي الخاص، وبالممارسة الدائمة طورت نفسي». وتؤكد فايزة أن العمر ليس عائقاً أمام ممارسة الفن، فقد بدأت الرسم في سن الخمسين، موضحة: «العمر ليس عائقاً أمام ممارسة الفنون، وكل شخص يجب أن يكون لديه شغف بشيء ما، مهما كان عمره، والفن كان شغفي الذي اشتغلت عليه؛ فعالجني وساعدني في التغلب على حالة نفسية صعبة عشتها؛ لذلك أنصح كل سيدة بأن تجد شغفها، فالفن لا يعتمد فقط على الموهبة، بل أيضاً على الشغف، والممارسة المستمرة».
تعلم ذاتي
ثلاث سنوات فقط، المدة التي أنجزت فيها فايزة محمد كل أعمالها، وبمستوى تطور سريع، ودون تعلم، وعن هذا تقول: «لم أدرس الفن، لكنني منذ ثلاث سنوات ذهبت إلى استوديو أحد الرسامين في أبوظبي، وحضرت يومين فقط خلال أسبوعين؛ لأنني أقيم في الشارقة، وكان من الصعب عليّ الحضور دائماً، ولم أفعل شيئاً خلال هذه الورشة سوى شراء فرشاة رسم منه، والاشتراك مع فنانة أخرى في رسم بورتريه للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. لم أكن، حينها، أعرف أي شيء عن المواد التي تستخدم في الرسم، وإنما كنت أجرب في الاستديو الخاص بي، فأتعلم بنفسي كل ما أحتاج إلى تعلمه. بدأت بالتقليد، ثم توقفت، واتجهت إلى أسلوب وبصمة خاصين في أعمالي، كما أنني أتحدى نفسي، أحياناً، برسم أشياء جديدة، مثل جسر المقطع في أبوظبي، وكذلك الملابس النسائية التراثية الإماراتية، وتناولتها في بعض لوحاتي، التي عرضت بفندق (فورسيزون) في أبوظبي، بمناسبة يوم المرأة الإماراتية». تحب فايزة، التي علمت نفسها بنفسها، أن تعرض أعمالها منفردة، فكل معارضها فردية، وحلمها الأكبر أن تعرض لوحاتها في المتاحف، حتى يطلع عليها أحفادها، فخورين بما حققته جدتهم من أعمال فنية.
الفن للفن
وعن رأيها في اتخاذ الفن وسيلة للكسب المادي، أجابتنا فايزة محمد: «لو أردت اتخاذ الفن وسيلة للكسب المادي؛ كنت سأتجه إلى الفن الحديث، وعرض لوحاتي بالمعارض المختلفة، لكنني لست كذلك، فأنا أعمل بأسلوبي الخاص، وأعرف كل المدارس التي أرسم بها، وأفضل القديمة منها، ولا أفكر في الاستفادة المادية؛ لأنني لو فعلت ذلك؛ لانتظرت فترات طويلة بين كل لوحة وأخرى، وهذا سيمنعني من التمرن والرسم يومياً».