#تنمية ذاتية
غيث التل 6 يناير 2024
يمتلك كثيرٌ من البشر طموحاً يعانق السماء، ويسعون لتحقيقه بكل الطرق المتاحة، والمضي دوماً على طريق المجد ما استمروا في هذه الحياة. ولطالما عُرفت شخصية الإنسان ومدى تأثيره في محيطه ومجتمعه، بكونهما اللبنة الأساسية التي تُبنى عليها الأحلام والآمال؛ فتحولها واقعاً معيشاً، وحقيقة مُسلّماً بها.
في حديثه إلى «زهرة الخليج»، يضع خبير التمكين الذاتي والتأثير الاجتماعي، مجدي حمدان، استراتيجيات واضحة يسهل تطبيقها والإفادة منها في تقوية الشخصية وتوسيع التأثير المجتمعي، يقول حمدان إن كل خطوة يخطوها الإنسان في متاهة الحياة تشبه الغوص في أعماق بحر غامض، يسعى الإنسان لاكتشاف اللؤلؤة الكامنة بداخله، وإن الاستراتيجيات التي ستتم الإشارة إليها، لاحقاً، أشبه بمصباح علاء الدين، الذي يعيد إنارة الطريق لاكتشاف الذات، وتعزيز القدرة على التأثير الإيجابي في المجتمع.
الاكتشاف الذاتي.. رحلة في الأعماق:
يؤكد خبير التمكين الذاتي والتأثير الاجتماعي، مجدي حمدان، أن اكتشاف الذات رحلة مهمة وضرورية لتعزيز الشخصية وتحقيق النجاح، مبيناً أنها رحلةٌ تبدأ من الداخل وتمتد إلى الخارج، وتقدم فهمًا عميقًا لنفس الإنسان وعالمه من حوله.
ويكمل حمدان: «تبدأ هذه الرحلة بالتعرف على نفسك، ومن ثم تتضمن الاستكشاف والتجارب والتحديات والتعلم المستمر، إن تسجيل ملاحظات حول قيمك وأهدافك هو الخطوة الأولى نحو الوعي بذاتك، فلا تخشَ التجارب والتحديات، إذ إنها الفرص التي تساعدك على اكتشاف قدراتك وقواك، ومعرفة مدى قدرتك على التحمل».
ويزيد في حديثه: «إن التجارب قد تتضمن تعلم مهارات جديدة، أو تجارب اجتماعية، أو حتى مغامرات شخصية، وإن كل تجربة بلا شك تضيف قيمة لرحلة الإنسان»، منوهاً بأن الاكتشاف الذاتي لا ينتهي أبدًا، لذا لا بد من البحث عن فرص التعلم المستمر، وتطوير المهارات، والتعلم من الخبراء، وأن يبدأ كل شخص بتقوية وتطوير المهارات المتعلقة بمجال اهتمامه، ما يسهم بشكل كبير في بناء الشخصية وتقويتها وزيادة التأثير في المجتمع والعالم.
تطوير مهارات التواصل.. الجسر نحو الآخرين:
وفقاً لحديث حمدان إلى «زهرة الخليج»، فإن السر وراء نجاح الكثيرين في التفاعل مع الآخرين بكل ثقة وفاعلية، يكمن في تطوير مهارات التواصل. فهي الجسر الذي يربط كل شخص بعالمه الخارجي، وتطوير هذه المهارات يعزز فهمه للآخرين، ويساعده في بناء علاقات أقوى.
وينصح خبير التمكين الذاتي بضرورة البدء بالاستماع بعمق، ما يعني أن يكون الإنسان حاضراً بذهنه وعقله أثناء تفاعله مع الآخرين، مع أهمية المحاولة الدائمة لفهم آراء ومشاعر الآخرين، وتعلم كيفية التعبير عن التقدير له.
ويكمل حمدان حديثه، قائلاً: «يجب عليك أن تتقن فنون التعبير عن أفكارك بوضوح، واستخدم كلمات تنقل أفكارك بشكل دقيق ومفهوم. وتطوير مهارات الخطابة يمكن أن يجعل تفاعلاتك أكثر تأثيرًا»، منوهاً في ذات الوقت بأهمية لغة الجسد، والتذكر دائماً أن تعبيرات وحركات الجسم تلعب دورًا كبيرًا في التواصل الفعّال، لذا لا بد للشخص من مراقبة لغة جسده، وتعلم كيفية استخدامها بشكل يعزز تفاعلاته.
ويحذر من التردد في ممارسة التواصل بشكل منتظم، لأنه مهارة تتطلب التمرين والتطوير المستمر. ومنها المشاركة في المناقشات، والتواصل مع الناس من مختلف الخلفيات، واستعداد الإنسان للتعلم من تجاربه وتحسينها، خاصة إذا علمنا أن تطوير مهارات التواصل يساعد دائماً في بناء علاقات إيجابية، وتأثير إيجابي على الآخرين والمجتمع.
الثقة بالنفس.. ركيزة الشخصية القوية:
يجزم خبير التمكين الذاتي والتأثير الاجتماعي بأن بناء الثقة بالنفس هو الخطوة الأساسية في تقوية الشخصية والتأثير المجتمعي، معرفاً الثقة بالنفس بأنها عبارة عن إيمان داخلي بقدرة الشخص على تحقيق النجاح، والتعامل مع التحديات. مقدماً بعض الخطوات المهمة، التي من شأنها تعزيز هذه الركيزة:
1. تحدي النفس بانتظام:
لا تخشَ التحديات، بل ابحث عنها وتحدَّ نفسك، فعندما ستتغلب على عدد من الصعوبات، ستزيد ثقتك بقدرتك على التعامل مع المشكلات.
2. تجنب الانتقاد الذاتي الزائد:
تجنب التحدث بسلبية عن نفسك، والتفكير في ما هو سلبي فقط، واعترف بإنجازاتك وقدراتك، وحافظ على تفاؤلك.
3. اهتم بمظهرك الشخصي:
العناية بالمظهر تزيد الشعور بالثقة. اختر ملابس تمنحك الثقة، وحافظ على نظافتك، وانتعاشك الشخصي.
4. تعلم من النجاحات والأخطاء:
لا تخشَ الفشل، بل اعتبره درسًا لك، ومن الجيد أيضًا الاحتفال بالنجاحات الصغيرة والكبيرة التي تحققها.
5. تطوير مهاراتك ومعرفتك:
كلما زادت معرفتك ومهاراتك في مجال معين، زادت ثقتك بقدرتك على التفوق فيه. قم بالاستثمار في تطوير نفسك، بتعلم شيء جديد دائمًا.
6. اجعل الهدف أكبر من الخوف:
عندما تضع هدفًا كبيرًا ومهمًا أمامك، يصبح لديك دافع لتخطي الخوف، وبناء الثقة بالنفس.
ويرسخ حمدان، في حديثه، أن اعتبار الإنسان ثقته بنفسه ركيزة أساسية لشخصيته، يمكن أن يشكل عاملاً إيجابيًا في علاقاته الشخصية وتأثيره في المجتمع. ولا بد من التذكر دائمًا أن الثقة بالنفس ليست ميزة تأتي من تلقاء نفسها، بل هي مهارة يمكن تطويرها وتعزيزها مع الوقت والجهد.
المرونة والتكيف.. القدرة على التغيير:
يبين خبير التمكين الذاتي أن العالم متغير باستمرار، وبات من الضروري أن يتميز الناس بالمرونة والقدرة على التكيف لتحقيق النجاح والتأثير الإيجابي. واضعاً عدداً من الاستراتيجيات لتعزيز هذه القدرة:
1. تبني موقف إيجابي تجاه التغيير:
انظر إلى التغيير كفرصة للتطوير، وليس كتهديد، فتغيير الظروف يمكن أن يفتح أبوابًا جديدة، ويقدم فرصًا للنمو.
2. توسيع دائرة تواصلك:
التواصل مع أشخاص من خلفيات متنوعة يساعد في توسيع آفاقك وزيادة فهمك لوجهات نظر مختلفة، وهذا يمكن أن يكون مفيدًا عند التعامل مع التغيير.
3. تطوير مهارات التفكير الإبداعي:
التفكير الإبداعي يمكن أن يساعد في البحث عن حلول جديدة، وإيجاد طرق مبتكرة للتكيف مع التحديات.
4. إدارة الضغوط:
التغيير يمكن أن يصاحبه ضغط نفسي، فتعلم كيفية التعامل مع الضغوط والاسترخاء والتركيز على الأهداف.
5. الاستفادة من الفرص التعليمية:
قد تتطلب التغييرات تعلمًا جديدًا. ابحث عن الفرص التعليمية وتطوير مهاراتك؛ لتكون على استعداد للتغيير.
التأثير الإيجابي:
بناء البصمة المجتمعية من بين القواعد والاستراتيجيات التي يوصي بها حمدان، وتهدف لبناء شخصية مؤثرة في المجتمع، وبصمة إيجابية، وللقيام بذلك يضع هذه القواعد المهمة:
1. تحديد قضايا تهمك: ابحث عن القضايا التي تهمك وتؤثر في مجتمعك، وقد تكون هذه القضايا متعلقة بالبيئة، أو التعليم، أو الصحة، أو غيرها.
2. المشاركة في الأعمال التطوعية: فهي تعزز بصمتك المجتمعية، وتساهم في تحقيق تأثير إيجابي.
3. التوعية والتثقيف: تعلم المزيد عن القضايا التي تسعى لتغييرها، وشارك معرفتك مع الآخرين لزيادة الوعي والتثقيف.
4. بناء شبكة دعم: قم ببناء علاقات مع أشخاص ومنظمات مشابهة تشاركك نفس الأهداف، فالعمل معاً يمكن أن يزيد تأثيرك.
5. المساهمة في صنع القرار: حاول المشاركة في صنع القرار بمجالات تهمك، سواء كان ذلك من خلال العمل في منظمات غير ربحية، أو المشاركة في العمل السياسي أو الاجتماعي.