#منوعات
أسامة ألفا 3 فبراير 2021
انطلقت من ضفاف العاصمة الإماراتية أبوظبي النابضة بالحياة، ودروبِها المضيئة سلاماً وعطاءً وجمالاً، أولى أمسياتِ أضخمِ مسابقةٍ تلفزيونيةٍ للشعر الفصيح «أمير الشعراء» في موسمه التاسع، الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وعلى الهواء مباشرةً من مسرح شاطئ الراحة عبر قناتي بينونة والإمارات، من دون جمهور نظراً للالتزام بتطبيق كافة الإجراءات الاحترازيةِ والوقائية، وحرصاً على سلامة الجمهور والعاملين، وقد دعا البرنامج المشاهدين إلى متابعته من البيوت، ليكونوا سالمين آمنين ومتحدين مع كلِّ الجهودِ في التصدي لجائحة كورونا المستجد، متكاتفين يداً بيد وصولاً للتعافي.
أوبريت الأمل
بدأت انطلاقة البرنامج بأوبريت «الأمل»، الذي جسد صوت الأملِ في مواجهةِ اليأس، والذي تم تصويرهُ مسبقاً تطبيقاً لكافةِ الإجراءات الاحترازية، حيث ضم الأوبريت لوحات غنائيةَ من كلمات الشاعرة الإماراتية شيخه المطيري، الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة «أمير الشعراء» في موسمه الثامن، وقد جاء في مقدمة القصيدة: (ضوء نما بين العيون تسامى/ فتوضأت لغة الكلام سلاماً/ ضوء يخط على ملامح عمرنا/ أملاً يزيح عن الحياة لثاماً». كما تضمن الأوبريت مقاطع شعرية لعدد من الشعراء العرب (أبو العلاء المعري، أبو الطيب المتنبي، ابن الرومي)، وقد تمت تأديتها بصوت الإعلامي جهاد الأطرش.
أبوظبي شمس الأمل
عرض البرنامج تقريراً مسجلاً عن عاصمة الخير والمحبة والرجاء بعنوان «أبوظبي شمس الأمل» التي تنحني الصعاب أمام قوة عزيمتها، وتشرق الدروب بفضل نور حكمتها.
وأشار التقرير تفوق أبوظبي على أكثر من 373 مدينة، لتتصدر على رأس قائمة أكثر مدن العالم أماناً للعام الخامس على التوالي، كوجهة مفضلة للعيش والعمل والاستثمار والسياحة، حيث كانت المدينة السباقة لتطبيق أعلى معايير السلامة والاستقرار من خلال منظومة أمنية وفق تقنيات الذكاء الاصطناعي والعمل على خطة بعيدة المدى لاستشراف المستقبل. وأشار التقرير إلى أن أبوظبي الآمنة تسقي أرواح أفرادها طمأنينة بحجم السماء طمأنينة استمدت فصولها من كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «أنا شخصياً المحظوظ بكم لأنكم في أصعب الظروف واقفون كالرمح»، وكلمته العظيمة (لا تشلون هم) وتأكيده الدائم على أن الدواء والغذاء خط أحمر.
وتطرق التقرير إلى جماليات أبوظبي وفصولها، فتحدث عن أبوظبي الحالمة التي تعانق ضفافها على عذب القوافي وتستمر في ترسيخ التراث والشعر والثقافة عبر كافة الأنشطة والفعاليات الثقافية المتنوعة، أبوظبي التحدي التي اطلقت المبادرات والخدمات والتسهيلات لتعزيز التلاحم المجتمعي في طريقه نحو التعافي والتصدي لجائحة القرن، أبوظبي المستقبل أكبر منصة عالمية لتسريع وتيرة التنمية المستدامة وتحفيز الابتكار وإعداد قادة المستقبل، أبوظبي التسامح واحة الإنسان العامرة بالاحترام وقبول الآخرين والوئام، متطرقاً إلى كلمات القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث يقول: «التسامح واجب .. إذا كان أعظم العظماء الخالق عز وجل يسامح، فنحن بشر .. خُلقنا، ألا نتسامح؟».
كما تناول التقرير الحديث عن (أبوظبي الخمسين) الرحلة التنموية الرائدة التي سارت بقافلة الوطن لخمسين سنة ماضية، وتسير لخمسين سنة مقبلة في كافة القطاعات الحيوية، أبوظبي الأمل تحصد ثماره رؤية فذة متفردة تغرس الضياء ولا تهاب الظلام، ترسم الابتسامة بكل فصولها وتزهر طاقاتها حلماً وحباً وجمالاً.
على أبوظبي رأيت يمامة
استهلت مقدمة البرنامج مهيرة عبدالعزيز ظهورها الأول على مسرح «أمير الشعراء» بأبيات من قصيدة الأوبريت: (وعلى أبوظبي رأيت يمامة/ غيماً وأحلاماً ونفح خزامى/ فتفتحت كالورد من أكمامها/ آمالُ من يرجو السلام وِساماً)، ورحبت بأعضاء لجنة التحكيم (الدكتور علي بن تميم، الدكتور صلاح فضل، الدكتور عبدالملك مرتاض)، وأعضاء اللجنة الاستشارية للبرنامج (الدكتور محمد حجو، والأستاذ رعد بندر، والدكتور أحمد خريس)، والذين كانت لهم مساهمات في نجاح مسيرة البرنامج من خلال رؤيتهم النقديةِ المؤثرة، ودورهم البارز في الارتقاء بالكلمة والفكر والمعاني.
وقال الدكتور علي بن تميم إن الأمل يتشح بحضوره الزاهي مع تجدد الشعر في الموسم التاسع من البرنامج، وإن الأمل يكبر في نفوسنا بأننا قادرون على التصدي لهذه المحنة البشرية، مشيراً إلى كلمات من شعر الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، والذي يؤكد فيها أن الأمل مفتوح، وأنه في الإمارات يصنع الأمل ونقبل على الحياة بقلوب باسمه وقلوب واثقة، ومن الأمل يصنع مسبار نترقب بفخر دخوله خلال أيام في مدار الكوكب الأحمر.
وأكد بن تميم أن الأمل قادم مستشهداً بكلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (لا تشلون هم)، موجهاً تحية إكبار وإجلال إلى القيادة الحكيمة وإلى خط الدفاع الأول الذي أثبت على هذه الأرض ما يستحق الأمل وما يستحق الحياة، كما وجه تحية للشعر والإبداع في الإمارات ومن الإمارات ومن عاصمتها أبوظبي التي تظل حاضنة للإبداع وحاضنة للمبدعين، مرحباً بالشعراء في أبوظبي رمز التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية والشعرية العالية الرفيعة.
وأكد الدكتور صلاح فضل، أن إصرار أبوظبي على أن تظل منارة من الفن والشعر والجمال، كان أحد أسباب انطلاقة الموسم التاسع من البرنامج، وقد استمرت أبوظبي في رفع راية الشعر عالية وجددت بالأمل والحب والرغبة مقاومة أي شيء قد يعترض هذه المسيرة. كما أشار الدكتور صلاح إلى أن المواسم الماضية أثبتت أن المرأة الشاعرة لا تقل إبداعاً ولا قوة ولا ابتكاراً للأخيلة في الحضور الفني من الرجل، مشيراً إلى أنه لن يفاجأ على الإطلاق بأن تتقدم الصفوف إحدى الشاعرات. فيما أعرب الدكتور عبد الملك مرتاض عن أسفه العميق لعدم استطاعته حضور المقابلات الأولى والحلقات التسجيلية، واصفاً تجربته وهو أحد المشاهدين للبرنامج، حيث كانت تجربة مختلفة جداً عن ما اعتاده بأن يكون في وسط البرنامج.
آلية التنافس في الموسم التاسع
يتنافس الشعراء ضمن أربع مراحل رئيسية لا بد من اجتيازها للوصول إلى لقب الإمارة، وتمتد المرحلة الأولى على مدار خمس حلقات، حيث يتنافس في كل حلقة أربعة شعراء، ويتأهل منهم ثلاثة إلى المرحلة التالية (شاعر واحد منهم فقط يتأهل عن طريق درجات اللجنة البالغة 50 درجة، بينما يصوت المشاهدون بـ 50 درجة لاختيار شاعرين من بقية الشعراء)، وفي نهاية هذه المرحلة يتأهل 15 شاعراً.
وفي المرحلة الثانية والتي تتضمن ثلاث حلقات يتنافس في كل حلقة خمسة شعراء، يتأهل منهم شاعران اثنان، أحدهما بتصويت الجمهور (50 درجة) والآخر بقرار لجنة التحكيم (50 درجة)، وفي هذه المرحلة يتأهل 6 شعراء.
المرحلة الثالثة (قبل النهائية) يتنافس فيها الشعراء الستة المتأهلون من المرحلة الثانية، ويتم خلالها منح درجات من لجنة التحكيم (30 درجة) وفي الحلقة النهائية (30 درجة)، وينتقل الجميع إلى تصويت المشاهدين في الأسبوع الأخير لاختيار شاعرهم المفضل بـ40 درجة.
المرحلة الرابعة (النهائية) يتنافس فيها الشعراء، وفي نهاية الحلقة يتم جمع درجات اللجنة (60 درجة) مع تصويت المشاهدين (40 درجة)، وتحديد الشعراء من السادس إلى الأول.
ويحصل الفائز بلقب «أمير الشعراء» على بردة الشعر وخاتم الإمارة إلى جانب جائزة نقدية قيمتها مليون درهم، فيما يحصل صاحب المركز الثاني على 500 ألف درهم، أما صاحب المركز الثالث فيحصل على 300 ألف درهم، وصاحب المركز الرابع يحصل على جائزة بقيمة 200 ألف درهم، و100 ألف درهم للفائز بالمركز الخامس، و50 ألف درهم للفائز بالمركز السادس.
4 شعراء من 4 دول عربية
شارك في أولى أمسيات الموسم التاسع من برنامج أمير الشعراء 4 شعراء من 4 دول عربية، وهم (السيد أحمد العلوي من البحرين، الواثق يونس من السودان، زينب جبار من العراق، عمر الراجي من المغرب)، والذين قدموا أجود ما لديهم ليحظوا بقبول لجنة التحكيم ودعم المشاهدين لهم.
واعتلى أول فرسان الموسم التاسع، الشاعر السيد أحمد العلوي من البحرين، من خلال قصيدة حملت عنوان (على شُرْفةِ الصُّوفي)، والتي استوحى فيها شخصية ابن عربي، حيث قدم القصيدة بكلمات قال فيها: (يَا بنَ عَرَبي .. يتمَثلُ فِي قَلبِكَ الإِنْسَانُ العَرَبي، وَهُوَ يبْحثُ فِي هَذا الوجُودِ عَنْ قِيثارَةِ الضَّوءِ الضَّائِعَة)، ثم بدأ بقصيدته التي يقول في مطلعها: (ألوّحُ للغَرقى .. عُيونيَ رَعْشة/ ووجهيْ سُؤالٌ مَا، يشعُّ ويبْهت/ وأغرقُ مَنْ يدْ ري؟ تلوِّحُ غُربتي/ وأصرخُ يا اللهُ هل ثَمّ ضِفّة!/ عَلى ورقِ الأيّامِ أمْشيْ كأنَّها/ مَشتْ في طَريقِ اللانهَاية خُطْوة)، وقد أشاد كل من الدكتور صلاح فضل والدكتور علي بن تميم بالقصيدة، فيما كانت هناك ملاحظات لغوية توقف عندها الدكتور عبدالملك مرتاض.
وكان ثاني فرسان الأمسية الأولى الشاعر الواثق يونس من السودان، والذي قدم قصيدة بعنوان (ثنائيات الغريب)، والتي جاء في مقدمتها: (ثنائيات الغريب/ بأقسىٰ ما يحاوله غريب/ تنادي يا رياحَ البينِ هبي يضجُّ بكَ الغموضُ وأنتَ حزنٌ/ مبين حرَّرَ المعنى ليَسبِي/ وها جاوزتَ خارطةَ المعاني/ كنهرٍ ضاقَ ذرعاً بالمَصَبِ).
وقد رأت لجنة التحكيم في نصه الغربة والصراع الداخلي هو صراع ذاتي عند الشاعر والمبدع في مجتمعه بين التجدد والأصالة، وقد جمع عدداً من الصور الفنية الجميلة، وتوقفت عند بعض المواقع في القصيدة من نواحٍ لغوية وجمالية.
وكان الظهور الثالث في الأمسية للشاعرة زينب جبار من العراق، والتي كانت أولى المشاركات النسائية في هذا الموسم، من قصيدتها التي حملت عنوان (أنخيدونيا)، وجاء في مقدمتها: (سبقتْ طلوعَ زمانِنا أزمانا، قمراً يزيح عن النهى أوثانا/ وفدَتْ إلى الدنيا بأول دعوة/ لقلوبنا أنْ يبتكرْنَ لسانا)، وقال أعضاء اللجنة إن عنوان القصيدة يجسد اسماً أسطورياً جميلاً، والقصيدة تمضي على هذا السنن الأسطوري، ولكن لجنة التحكيم لديها أسس وقواعد دقيقة لتقييم الشعراء وقصائدهم، متمنين للشاعرة التوفيق واستمرارها لأن الشعر العراقي ضلع أساسي في الحركة الشعرية العربية حتى اليوم. أما المتسابق الرابع والأخير، فكان عمر الراجي من المغرب، الذي قدم قصيدة مميزة حملت عنوان (أمنية للشمع)، وقد دخل المسرح يردد: (لم يكن ربيعاً ذلك الوعد.. كان الماء يقرأ حكاية جده النهر)، ثم بدأ قصيدته التي جاء في مقدمتها: (فصول من الأوهام أطوي ماءها/ وألقي مناديل الخريف وراءها/ أرى في عيون الليل حزناً مكتفاً/ وشرفة ضوء تستبيح عراءها)، وقد لقي النص ملاحظات على سوداوية النص في الأبيات الأولى؛ فيما أشادت بجودة النص ووصفته بأنه دقيق ومعبر، ويحمل لوحات وصوراً تعبيرية جميلة.
اقرأ أيضا: ما أهم نصف ساعة في مسار «مسبار الأمل»؟
أول المتأهلين للمرحلة الثانية
قبيل ختام الحلقة أعلنت لجنة التحكيم قرارها بتأهل الشاعر المغربي عمر الراجي بحصوله على 46%، ليكون بذلك أول المتأهلين إلى المرحلة الثانية من البرنامج، فيما ينتظر الشعراء الثلاث (زينب جبار من العراق، السيد أحمد العلوي من البحرين، الواثق يونس من السودان) تصويت الجمهور من خلال التطبيق الإلكتروني لبرنامج «أمير الشعراء» والموقع الخاص بالبرنامج (www.princeofpoets.ae)، حيث سيتم الإعلان عن نتائج التصويت مطلع الحلقة المقبلة.