بشاير المطيري 11 ابريل 2019
معظمنا يقف مبهوراً أمام التماثيل المدهشة، لنساء ورجال، عبروا في التاريخ، ونقشوا أثراً كبيراً في صفحاته، وقد جسّدهم النحاتون العظام في أعمال خالدة من الحجر أو البرونز، وفي تشكيلات بصرية، انتشرت في كثير من المدن العالمية، وتعتبر ملامح جمالية رئيسية في الميادين والشوارع المهمة. تجتذب الباحثين في التاريخ، وكاميرات السياح، وتشكل هوية للمدن.
بلدان عربية كثيرة، حفلت بقيمة التمثال فنياً؛ باعتباره خلوداً في الحجر، وثقافياً؛ لاتصاله بالهوية والحضارة والتراث. فارتفعت في المدن قامات التماثيل، لرمسيس الثاني، والملكة زنوبيا، وأحمد عرابي، وبدر شاكر السياب، وعشرات الشخصيات التاريخية المؤثرة في الحضارة الإنسانية، فمن المهم أن يرى زائر البصرة تمثالاً لشاعرها الفذ السياب، ومن الرائع أن يستعيد النحاتون هيئة ابن رشد، ويقرّون بفضله، فيرتفع في قرطبة الإسبانية، ويشير إلى حضارة كانت، وإلى شخصية محورية في الفكر الإنساني، تنتمي إلى مكانها وزمانها.
كثير من المفكرين والعلماء والأدباء العرب خلدهم النحاتون الأوروبيون في أعمال فنية، توثق إسهاماتهم الكبيرة في الحضارة الإنسانية. وبقيت تلك المنحوتات شاهدة أيضاً على جماليات تشكيلية في تخيل الشخصيات، تعكس تطور هذا الفن وأهميته، وتظهر في المتاحف إلى جانب اللوحات لكبار الرسامين في العالم.
نحب أن تكون التماثيل أكثر انتشاراً في الحياة العربية المعاصرة. تحتاج المدينة أن تستعيد سيرتها التي كانت. فرموزها وفنانوها وشعراؤها رحلوا بأجسادهم، لكنهم محفورون في ذاكرة الشعوب، وأهل المدن يؤسسون مع الزمن علاقات نفسية مع التماثيل، فتكون بمثابة عناوين في الشوارع، أو أمكنة خاصة للزيارة.
ضوء
للشاعر العربي الكبير محمود درويش تمثال في موسكو، احتفاء بمكانته الفريدة في الشعر العربي المعاصر. نود أن نرى العظماء من نسائنا ورجالنا في منحوتات، تنتشر في عالمنا العربي، حيث ولدوا وعاشوا ونقشوا آثارهم العميقة، مثل كائنات لا تزال حية في الفن والحجر.