#صحة
آنو السرحان 12 مارس 2019
تؤكد الدكتورة الأردنية سوزان معروف البخيت، استشارية الجراحة التجميلية وترميم الحروق، أن الجراحة التجميلية هي أكبر من عملية شد الوجه أو تصغير الأنف وتجميل الثديين، فهي تتعدى ذلك لمعالجة سلسلة لا محدودة من المشكلات، مثل آثار الحروب والحوادث والحروق، وإعادة بناء الثدي والوجه لمرضى السرطان، وغيرها من التشوهات الخلقية، مثل «شق الحنك» و«الشفة الأرنبية». وتعتبر البخيت أن لتلك العمليات الجراحية نواحي جمالية وطبية ونفسية؛ فتجميل الأنف بإمكانه أن يخلص المريض من صعوبات التنفس، إضافة إلى تعزيز ثقته بنفسه، كذلك يعيد بناء الثدي المظهر الطبيعي لنساء خضعن لعملية استئصاله ويحسن من نفسيتهن.
• هناك تخصصات رئيسية عديدة تندرج تحت «جراحة التجميل»، أي من تلك الجراحات تقومين بإجرائها؟
خلال فترة التدريب في المراكز والمستشفيات المعتمدة على نظام صارم، يخضع الجراح لكل هذه المساقات ويتدرب عليها جميعاً، وبعد ذلك يتجه كل جراح إلى نوع أو أكثر منها، ويطور نفسه فيها من خلال القراءة والتدريب والدورات والمؤتمرات، ومن ثمّ الممارسة. بالنسبة إليّ، شغفي الأكبر يتمثل في تخصص الحروق وترميمها، ويعود ذلك لتعرضي لحرق عندما كنت طفلة، وكان بداية تعرفي إلى عالم التجميل والترميم، إضافة إلى قيامي بإجراء عمليات تجميل وترميم الثدي، وعمليات نحت الجسم وشد البطن، والعمليات التجميلية المختلفة مثل شد الوجه والرقبة، وطبعاً الإجراءات التجميلية غير الجراحية مثل «البوتكس» و«الفيلر».
• قد يبدو للبعض أن جراحة التجميل عمل سحري، وفي زمن قصير يحصل المريض على أفضل النتائج من دون ألم أو ندوب.. فما هي الصورة الصحيحة؟
هذا التصور لم يأتِ من فراغ، فالكتابات غير المسؤولة التي يكتبها البعض للترويج الشخصي، لا تخلو من مُبالغة وتدليس وأحياناً كذب، عدا اللقاءات التي يجريها البعض عبر وسائل الإعلام والإعلانات عبر الشبكات الاجتماعية، التي تهدف إلى الشهرة الشخصية والمنفعة المادية، كلها تظهر المعجزات التي يمكن أن تنجز من خلال مبضع الجراح التجميلي والنتائج الباهرة، والتغيرات الظاهرة من دون ألم في وقت قصير، وهذا كله محض هراء، فحتى عملية «استئصال اللوزتين» على بساطتها، لها مخاطرها.
العامل النفسي
• كيف تستقبلين السيدات الراغبات في إجراء عملية تجميل وربما أكثر؟
بداية، أقوم بتفنيد الدور الدعائي في أن التجميل قد يأتي من دون ألم أو مخاطر، ثم أسأل المريضة عن السبب والهدف المرجو والمتوقع من العملية، وبعد أخذ السيرة المرضية كاملة من ناحية عمليات أخرى، أو وجود أمراض أو أي مؤثرات قد تؤدي إلى حدوث مضاعفات، أضعها في الصورة الحقيقية من حيث المخاطر والنتائج. كما أركز على العامل النفسي عند المريضة؛ فمرات كثيرة لا تكون هناك مشكلة فعلية تستدعي الخضوع لجراحة، حتى أجنّبها الوقوع في دوامة إجراء عمليات عدة، لن تكون راضية فيها عن أي نتيجة، لأن المشكلة في نظرها أكبر حجماً من الواقع.
• متى يمكن أن ترفضي إجراء جراحة تجميلية؟
كثيراً ما رفضت إجراء عمليات «تكبير للثدي» و«تصغير للأنف» وحتى حقن «البوتكس» و«الفيلر»، إذ تكون السيدات لسن بحاجة على الإطلاق إلى أي تدخّل جراحي، فإما أنها تُقلد رفيقاتها، أو تريد مُجاراة ما يروّج له الإعلام، أو أنها غير راضية عن شكلها بغير مبرر فعلي، وبعد محاورتهن هناك من يقتنعن، وأخريات يتوجهن إلى عيادات تجميلية أخرى، أما أنا فلا يمكن أن أتاجر بهن لمنفعة مادية.
مقاييس الجمال
• ما أكثر العمليات التجميلية التي تقوم بها السيدات؟
تجميل الأنف، وترميم ما بعد الولادة، مثل شد ورفع الثدي، وشد البطن مع شفط الدهون، كذلك نحت الجسم بشفط الدهون وإعادة حقنها في أماكن أخرى.
• كيف يلعب الإعلام والشبكات الاجتماعية دوراً في تحديد مقاييس محددة للجمال، تتغير كل فترة؟ وما هو مفهوم الجمال الذي يمكن أن تُلخّصيه للسيدات الباحثات عنه؟
للإعلام دور كبير في تغيير ثقافة الجمال، مؤخراً رسخ صورة الخدود الممتلئة والأنف الدقيق والشفاه المكتنزة، قبلها روج لشكل (نيفرتيتي) الذقن والرقبة المشدودة مع بروز عظم الوجنتين والخدين النحيلين، فكل فترة يرسم مقياساً مختلفاً، وهو ما أنبه عليه مراجعاتي، وبالنقاش نصل إلى ما يليق بها ويبرز مواطن الجمال لديها.
• لماذا تقصد النساء الطبيبات بدلاً من التوجه إلى طبيب رجل؟
الطبيبة تفهم تفكير المرأة ونفسيتها، فهي تمر بالظروف نفسها، وتُدرك احتياجات الأنثى في مراحل العمر المختلفة، ممّا يكسر حاجز الحرج والخجل، خاصة فيما يتعلق بعمليات الثدي والبطن والردفين. استطعت أن أكون أماً وأختاً وصديقة لمراجعاتي، فصار بيننا ثقة وفهم عميق في إطار من السرية التامة.
• ما أغرب الحالات التي صادفتك؟
كانت لشابة عمرها 17 عاماً، طلبت أن تسحب عينيها مثل «القطة» لتشبه نجمة غربية، شرحت لها مخاطر إصابتها بمشاكل في النظر وجفاف العين، وأنها مجرد صرعة وموضة ستزول، ولا يمكن بعدها عكس الجراحة، لكنها لم تقتنع، ورفضت من جهتي إجراءها، وربما ذهبت إلى طبيب آخر.
هوَس التجميل
• في حال عدم رضا المريضة عن نتائج الجراحة التجميلية، كيف تتصرفين معها؟
مع مريضاتي دائماً هناك شرح مُسبق ومفصل عن المضاعفات والمخاطر والنتائج، بالتالي تكون النتيجة رضاهن عن العملية، حيث سقف التوقعات لديهن سيكون مقبولاً، أحياناً قد تحتاج إلى تعديل على الجرح مثلاً، أقوم به بعد أن أوضح لها أن نتائج الجراحة التجميلية تخضع لمتغيرات تختلف من مريض إلى آخر، مثل طبيعة الجسم، نوعية الجلد، البنية العضلية، مما يؤثر في النتيجة وفي التئام الجرح.
• تم اعتبار هوس جراحات التجميل نوعاً من الخلل أو المرض نفسي، فمتى تنصحين مريضتك بالتوجه إلى مُعالج أو طبيب نفسي؟
عندما أستشعر من خلال الحديث مع المراجعة بأن لديها شعوراً عاماً بعدم الرضا عن شكلها، واعتقادها بأن العملية سحر سيحولها إلى شخص آخر، أو إن كانت تعاني مشكلات مع الشريك وتظن أن الجراحة هي الحل، أو لديها اضطراب يدفعها إلى تقليد النجمات، وكلها مظاهر لقلق نفسي يتعلق بعدم الرضا عن الشكل وعدم اتّزان وقلة ثقة مرضية، أنصحها على الفور قبل الإقدام على أي جراحة بالتوجه إلى معالجة السبب، وكثيرات عُدن وشكرنني على نصيحتي.
تجميل الرجال
تؤكد الدكتور سوزان البخيت، أن لجوء بعض الرجال إلى إجراء عمليات تجميلية ليس عيباً، موضحة: «من حق الرجل تعزيز ثقته بنفسه، والاهتمام بمظهره ضمن المعقول والمقبول طبياً واجتماعياً، مثال على ذلك ترهل البطن والجسم ما بعد فقدان وزن شديد، أو مشكلة في الثدي، تجميل الأنف، التجاعيد ومشكلات الوجه، وغيرها من التشوهات الناتجة عن حوادث أو حروق. فيما تعتبر ترفاً إن كانت للتشبّه بالمشاهير، أو للوصول إلى شكل معين بواسطة شفط الدهون، عوضاً عن الرياضة والحمية الغذائية».
المرأة والثقة
من غير المبرّر إجراء عملية وتعريض الجسم لمخاطر التخدير والجراحة من أجل إرضاء شخص، أو مُجاراة الجمال كسلعة يروج لها، الأساس أن تشعر المرأة بالثقة في نفسها وترضى عن شكلها، عندما يتغير جسمها مثلاً بعد الولادة والإرضاع، أو بعد نزول الوزن، أو تبدأ علامات تقدم العمر بالظهور بشكل مزعج، وبالطبع في حال وجود عيوب خلقية أو تشوهات نتيجة حوادث أو حروق، ما عدا ذلك لا مبرر أبداً لأي تدخل جراحي.