#ثقافة وفنون
فهد الأسطاء 12 نوفمبر 2018
يحرص السينمائي العربي مع نهاية كل عام، على معرفة الإنجاز السينمائي الذي أضافته السينما العربية على المستوى العالمي، من خلال الحضور الكبير واللافت في المهرجانات، أو الوصول إلى الترشيحات النهائية في الجوائز السينمائية الكبرى، مثل الأوسكار والجولدن جلوب. وعلى الرغم من الغياب الدائم للفيلم العربي من هذه الناحية، إلا أننا شهدنا في السنوات الأخيرة حضوراً مهماً، كما هو مع المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد الذي ترشح مرتين للأوسكار، كأفضل فيلم أجنبي عبر فيلم «الجنة الآن» Paradise Now، والذي حصل حينها على الجولدن جلوب كأفضل فيلم أجنبي عام 2006، ثم يعود للترشح من جديد في أوسكار 2014 عبر فيلمه «عمر»، قبل أن يقدم الأردني ناجي أبو نوار في تجربته الأولى فيلمه الرائع «ذيب»، والذي ترشح لأوسكار 2016 كأفضل فيلم أجنبي، ثم يأتي اللبناني زيد دويري ليدخل ترشيحات الأوسكار الأخيرة 2018، عبر فيلمه «قضية 23» أو The Insult.
The Insult
في الوقت الذي كانت فيه المخرجة اللبنانية نادين لبكي تحقق نجاحها الأبرز بالفوز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي 2018 عبر فيلمها «كفر ناحوم»، مما يجعل السينما اللبنانية حالياً في مقدمة السينما العربية في تحقيق الحضور والإنجاز العالمي.
والحقيقة أن كِلا المخرجَين اللبنانيَّين زياد دويري ونادين لبكي، وصَلا لمثل هذا الإنجاز بعد عدة تجارب جيدة ولافتة وحققت نجاحاتها هي الأخرى. فالمخرج زياد دويري صاحب الـ(56 عاماً)، كان قد بدأ أول أفلامه الروائية الطويلة بفيلم جدلي، حقق حضوراً مناسباً في مهرجانَي كان وتورنتو، باسم «بيروت الغربية» 1998، والذي يعود من خلاله للسبعينات الميلادية في بيروت، المنقسمة ما بين الصراع الإسلامي والمسيحي الطائفي، ليتتبع حياة فتى المدرسة الثانوية الذي يصنع أفلامه الخاصة مع أصدقائه. بعدها بست سنوات عام 2004، قدم دويري فيلماً فرنسياً يبتعد فيه عن هويته الاجتماعية، قبل أن يعود من جديد عام 2012 إلى موضوعه المفضل حول السياسة العربية في المنطقة، وقصة عن الصراع العربي/الإسرائيلي، من خلال حياة جرّاح لبناني يعمل في تل أبيب، يكتشف سراً مثيراً يتعلق بزوجته!
لكن نجاح دويري الأكبر في أفضل أفلامه، كان فيلمه الرابع والأخير The Insult عام 2017 والمرشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، كأول إنجاز لبناني يصل لهذه المرحلة، والذي يتناول فيه بشكل جريء، الموضوعات ذات الحساسية الاجتماعية، بسبب الانعكاس السياسي الذي أحدثته. وهو حكاية عن عامل ورشة لبناني محمل بأفكاره الخاصة ومشاعره العدائية، يواجه خلافاً متصاعداً مع عامل شركة فلسطيني بتاريخ غامض، حيث يصل الأمر إلى أروقة المحاكم لكنه بالفعل ينعكس على الشارع اللبناني نفسه.
«كفر ناحوم»
على مستوى مقارب، تبدو اللبنانية نادين لبكي تشارك دويري مثل هذه الموضوعات الجدلية، كما فعلت في ثاني أفلامها عام 2011 «هلا لوين؟» ?Where Do We Go Now، والذي تذهب فيه بشكل كوميدي إلى إحدى القرى الريفية، حيث تحاول النساء فيها تخفيف التوترات الدينية الحاصلة بين المسلمين والمسيحيين من سكان القرية. وهو الفيلم الذي حققت فيه نجاحاً جيداً في مهرجان كان خارج المسابقة الرسمية. بعد أن كانت أولى تجاربها في الفيلم الروائي الطويل، بعد عدد من الأعمال الصغيرة والفيديو الكليبات، في فيلم «سكر بنات» عام 2007، وكان هو الآخر قد شارك في مهرجان كان خارج إطار المسابقة الرسمية، وهو عبارة عن كوميديا رومانسية يستعرض الحياة اليومية لخمس نساء لبنانيات يعشن في بيروت. وحيث كان الفيلم انطلاقتها الأولى ومعبّراً عن مستواها الفني، فإنه لم يكن مفاجئاً أن تحقق نجاحها الأكبر في فيلمها الثالث «كفر ناحوم»، الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان الأخير، بالإضافة إلى فوزها بجائزة Prix de la citoyenneté وجائزة Prize of the Ecumenical Jury، ودخولها ضمن المسابقة الرسمية للتنافس على السعفة الذهبية. حيث يحكي الفيلم عبر دراما اجتماعية مؤثرة، حكاية صبي يرفع قضية ضد والديه اللذين أحضراه إلى هذا العالم المليء بالعنف والحروب والكراهية والبؤس.